"ليس لأوروبا مكان تُصرِّف فيه أموالها، والمال يتطلب حربًا"

01 أكتوبر 2022
01 أكتوبر 2022

ترجمة: يوسف نبيل -

يدور النقاش على صفحات الانترنت بنشاط عن نبوءة جيرينوفسكي الجديدة. من خلال عدد النبوءات التي تحققت بالفعل، سد جيرينوفسكي الباب على أصحاب مواهب التنبؤ المشهورين ودفع نوستراداموس وفانغا (وهو أحد أشهر أصحاب النبوءات) مجتمعين إلى زاوية مظلمة في الخزانة. إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نبوءاتهما قد صدرت في إطار غامض للغاية (يمكن لنوسترادموس بشكل عام أن ينجذب إلى أي حدث) وأنهما لم يحددا لنبوءاتهما إطارًا زمنيًا محددًا، متوجهين صوب مستقبل غامض، فلا بد أن جيرينوفسكي الذي رحل عن عالمنا في الربيع الماضي خارج المنافسة تمامًا. في الوقت نفسه لم ينشر نبوءاته في زاوية مظلمة داخل قبو أصم وأنسجة العنكبوت ترتجف على وهج الشموع، بل نشرها في الضوء الساطع للأضواء الكاشفة والاستديوهات التليفزيونية في جميع أنحاء البلاد.

صنع نبوءة جديدة في 2015 في برنامج بيتر تولستوي الحواري وقال إن حربًا في أوروبا في انتظار الجميع، وتعبئة جزئية في انتظارنا. أوضح جيرينفوسكي أن العقوبات ستكون إلى حد كبير سببًا لهذه الحرب.

"بوصفي محاميًا يمكنني أن أشرح سبب اندلاع هذا الحرب، وهو يتمثل في عدم وجود طريقة لتصريف رؤوس الأموال الضخمة التي تبلغ تريليونات الدولارات. المال يتطلب حربًا؛ أولا: توريد الأسلحة ثم قيادة القوات... هذا كل شيء. استعدوا للتعبئة!". أعلن جيرينوفسكي بعد ذلك أنها ستكون تعبئة جزئية، مقاطعًا تولستوي الذي حاول الشكوى من حديث جيرينوفسكي مجددًا عن الحرب، وبرَّر جيرينوفسكي موقفه بحقيقة أنه في ظل العقوبات لا سبيل لتطوير الاقتصاد واستخدام المال سوى الحرب: "ليس لدى أوروبا مكان تُصرِّف فيه المال. المال يتطلب حربًا. إنهم في حاجة إلى إطلاق الاقتصاد، ويتمثل ذلك في توريد الأسلحة واستعادة أوروبا المدمرة. كل شيء سينهار وستعيد ألمانيا بناء كل شيء من جديد".

اتضح بالطبع أنه مخطئ بعض الشيء فيما يتعلق بألمانيا، والتي يبدو أنها ستحتاج إلى إعادة بناء هي الأخرى. لكن من كان يظن أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للتضحية بأكبر حليف لها في أوروبا لتضمن رفاهيتها. في كل الأحوال هذا ما حدث بشكل عام، سواء فيما يتعلق بالحرب أو حتى بالتعبئة الجزئية الذي دعا جيرينوفسكي إلى الاستعداد لها في صيف 2015.

بالمناسبة، هذه ليست أول نبوءة لجرينوفسكي تتحقق بالفعل. لنتذكر أنه صرّح في ديسمبر 2021 قائلا: "لا حاجة لنا لاستعراض القوة، بل علينا أن ننهي الأمر! أتنكرون ذلك؟ يمكننا أن نقبل برنامجًا آخر. بماذا تشعرون في الرابعة صباحًا يوم 22 فبراير. أود لو يكون عام 2022 عام سلام، لكني أحب الحقيقة، وظللت أقولها لمدة 75 عامًا. لن يكون عامنا هذا عام سلم. سيكون العالم الذي تصير فيه روسيا أخيرًا دولة عظمى. على الجميع أن يصمتوا ويحترموا بلادنا؛ فإذا لم يحدث ذلك سيغلقوا أفواهنا ويبيدون الروس أولا في دونباس ثم في غرب روسيا. لذلك دعونا ندعّم التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية لروسيا". استمعوا إليه في كييف. متى بدأت العملية العسكرية الخاصة؟ في 24 فبراير. لقد أخطأ، ولكن في يومين فقط.

في 2012 توقع انقلاب وانهيار يانكوفيتش في أوكرانيا، ولم يمر حتى عامان إلا وحدث ذلك.

في عام 2014 نصح باستخدام السجناء في الأعمال العسكرية: "فلنطلق سراحهم من السجون ولننشئ كتاب عقابية! لنقل لهم: "لا خطوة إلى الوراء!". هنا لوجانسك ودونيتسك وبعدهما أوديسا وترانسنيستريا. سيقتلعون كل شيء ليلا ونهارًا!".

في يوليو من العام الماضي قال: "ربما سيتفاقم الوضع في آسيا الوسطى". بعد ستة أشهر اندلعت هذه الشعلة في كازاخستان مما تطلب تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

"نيمتسوف هو تروتسكي اليوم، وهو في انتظار معول الثلج الخاص به. لا أريد هذا ولكن بدون فأس جليدي لن يذهب إلى أي مكان أبدًا". هكذا تنبأ مجددًا في 2013 وفي 27 فبراير 2015 في موسكو على جسر كراسنوخولمسكي.

في 2004 وعد الولايات المتحدة بأن يكون رئيسهم القادم مسلمًا وأسود، بل وربما مبتور القدم. في 2009 صار باراك أوباما رئيس البيت الأبيض. صحيح أنه بقدمين ولكن فيما يتعلق بالمعتقدات فهذا أمر لا يعرفه أحد إلا باراك ذاته.

قبل أي شخص آخر بفترة طويلة حذر جرينوفسكي الأوروبيين في 2016 قائلا: "ستدفعون ألف يورو مقابل الغاز. أعدكم بذلك، وليس لديكم مثل هذه الأموال ولذلك ستتجمدون".

تبقى تحقق أهم نبوءتين؛ واحدة تنبأ بها في التسعينات عن حقيقة أن جنديًا روسيًا يغسل حذاءه في المحيط الهندي، والثانية قالها في 2016: "في غضون 20 عامًا ستكون جميع الأكواخ الروسية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط! وسيحدث ذلك بطريقة سلمية! ستنعقد دورة الألعاب الأولمبية الخاصة بنا. ستشمل منظمة شنغهاي للتعاون حوالي ثلثي البشرية. سوف يتفكك الناتو، وقد انضمت إليه بالفعل دول مختلفة لغاية".

أريد حقًا أن أعيش لأرى ما إذا كانت هذه النبوءات ستتحقق. لا أقصد هنا ما يتعلق بالأكواخ الروسية. بالمناسبة، أين سوريا منا؟ أريد أن أشهد دورة ألعاب أولمبية عادية. حسنًا، فلتدفنوا حلف الناتو أيضًا!

هكذا وعد فلاديمير فولفوفيتش وختم كل نبوءة من نبوءاته بعبارة: "هكذا سيكون"!

* صحفي روسي ومحلل سياسي وكاتب عمود. يعمل محررا قسمي السياسة الدولية والمحلية في صحيفة كومسومولسكايا برافدا.

** ترجمة خاصة لجريدة عمان عن موقع kp.ru