No Image
ثقافة

سر الموريسكي لمحمد العجمي على طاولة نقاش "هوم لاند"

11 أبريل 2022
إضاءة على العتبات وزمن السرد ودلالات الخروج
11 أبريل 2022

بعد ثمانية أشهر من صدورها عن دار عرب تأهلت رواية "سر الموريسكي" للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، قالت عنها الكاتبة غنية الشبيبية إنها رواية تثير الجدل والأسئلة، وقال الشاعر إبراهيم سعيد إن من قرأ للعجمي من قبل سيتوقع منه رواية بهذا المستوى، فيما يسأل سعود الزدجالي "كيف كتب محمد العجمي روايته؟" فيجيب قبل أن يُضحِك الحضور: "من اليمين إلى اليسار" عكس أمبرتو إيكو. كان ذلك في مساء يوم الأحد بمقهى "هوم لاند" بالمعبيلة في جلسة أدارها الكاتب والقاص يحيى سلام المنذري.

العتبات في رواية "سر الموريسكي"

تشير الشبيبية إلى أن "سر الموريسكي" اشتغلت بشكل جيد على العتبات النصية، قبل أن تكشف عن بعض تمظهرات تلك العتبات في الرواية من خلال ورقتها المعنونة: "خطاب العتبات في رواية سر الموريسكي"، وتناولت الشبيبية تجليات هذا الخطاب من خلال أربع عتبات وهي: صورة الغلاف والعنوان الرئيس والإهداء والتصدير.

وتقول الشبيبية إن صورة الغلاف في رواية العجمي تحيل إلى المدرسة التعبيرية المتجلية في وجه مغطى لإنسان تظهر منه عيناه فقط واللتان تترقبان حدثا أما الباقي من الجسد فهو مغطى بعباءة طرزت بفن الكولاج -التجميع- بصور ثلاث تعبّر عن أحداث الرواية: من الأعلى إلى الأسفل، الصورة الأولى تهجير المور من بلادهم، الصورة الثانية حكايات شتاتهم في أوروبا، الصورة الثالثة لمخطوطة ورد ذكرها في الرواية.

وأشارت الكاتبة إلى أن صورة الغلاف قدّمت رؤية بانورامية لأهم مرتكزات الرواية، واتكاءاتها التاريخية حول مأساة المور، كما مهّدت الطريق للمتلقي لفك بعض شفرات الرواية، وتشكيل نظرة عامة حول مسارات السرد فيها. أما العنوان فهو -كما أشارت الشبيبية- يتكوّن من مركب إضافي الأول نكرة والثاني معرفة، وأنه وفقا لهذا التركيب يعد الثاني قيدا للأول، وأشارت إلى أن العنوان قدّم هوية للعمل وميّزه عن سائر أعمال الكاتب أو أعمال غيره. وفي الإهداء الموجه إلى بطل الرواية "روبرت ج.فيبن"، وكأنه -حسب الشبيبية- من الآن فصاعدا مسؤول عن توجيه دفة الرواية ومعول عليه كشف سر الموريسكي.

ميتافيزيقيا السرد

يطرح الدكتور سعود الزدجالي في ورقته "ميتافيزيقيا السرد" العنوان والتجربة الروائية، والزمن في سرد العجمي، ويشير إلى أن عنوان الرواية يتمازج مع الغلاف وأيقوناته البصرية مع قطعة مخطوطة تضم في رقعتها كواشف الاتجاهات: الاسطرلاب، الكواكب، الشمال. وأن العنوان يريد أن يعلن للقارئ عن وجود شيء ما ينتظر اكتشافه، وهو وحده يمتلك القدرة لاكتشاف السر في تفاصيل السرد، ويشارك السارد. وأشار إلى أن العنوان يتلاءم مع العناصر السردية المكوّنة للرواية.

وعن التجربة الروائية يحيل الزدجالي إلى أمبرتو إيكو الذي أشار إلى مسألة مهمة تتعلق بتجربة الرواية وهي أن الروائي يعيش مع كل كتابة روائية تجربة حقيقية تعد بمثابة ما ورائيات السرد، طارحا سؤالا: كيف كتب محمد العجمي روايته سر الموريسكي؟ وقال: "ذلكم السؤال الذي لا ينتظر إجابة من الكاتب بقدر ما ينتظر القارئ لاكتشاف معالم معمار استدعى من الكاتب رحلة مضنية في تاريخ التنوير الأوروبي بمساريه: الراديكالي والمعتدل".

وحول الزمن في سرد العجمي، استعاد الزدجالي فكرة عند ميشيل بوتور لفهم مسار السرد عبر الزمن الزائف: مقسما إياه إلى ثلاثة أزمنة: زمن المغامرة أو التجربة الروائية عند العجمي، وزمن الكتابة، وزمن القراءة.

لا وعي الخارجي

يتتبع إبراهيم سعيد "الخروج" طارقا زاويا عديدة منه عبر ورقته المعنونة بـ"لا وعي الخارجي". ومثلت دلالته في العنوان مثلا حيث الموريسكي والذي هو شأن بعيد وقصي، وحدث الرواية الأول بانسحاب السفينة إلى البحر معتبرا إياه خروجا أول، ثم بطلها الراوي الخارج من أمستردام مبتاعا مطبعة عربية خارج أرضها الطبيعية، والموريسكي البطل الآخر الخارج على القانون، والكتب العربية من التراث العربي والموجودة خارج بيئتها الطبيعية.

وقال إبراهيم سعيد إن "الخروج" تحديدًا هو الذي يجعل هذه الرواية رواية معاصرة، رغم تاريخيتها، هي عربية بتلك الروح التي تتبع الأثر العربي في الغرب، وتكشف عن جذور تأثيره على الحاضر العلمي في بواكير لحظات عصر الأنوار الأوروبي، وبذلك تكشف الرواية عن هويتها، أو سرها، كرواية عربية أخيرًا، لم تنقصها البراعة ولا الدقة في رؤية وتسجيل التفاصيل الصغيرة حتى لأزقة المدن الأوروبية بواكير القرن السابع عشر، فضلًا عن روح العصر آنذاك".

وأضاف: "سر الموريسكي رواية بخروجها تعيد النظر للخارج والداخل معًا، للثقافة العربية نفسها وللغتها وهويتها، وللإنسان بمشاعره وانتماءاته والحقيقي من ذلك الانتماء والانعكاس الثقافي الشامل لما هو داخل وخارج بالحقيقة".