سلطنة عمان والسعودية بين التكامل الاقتصادي وملفات المنطقة

07 ديسمبر 2021
07 ديسمبر 2021

العلاقات العمانية السعودية تدخل منعطفا مهما وحيويا من خلال الزيارة التي قام بها سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولقائه الأخوي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، وما أسفر عن هذه الزيارة من تواصل التنسيق السياسي والتكامل الاقتصادي من خلال توقيع عدد من مذكرات التفاهم في عدد من القطاعات الاقتصادية وفي مجال الطاقة والإعلام والأمن الغذائي.

كما أن المنفذ البري الذي سوف يفتتح قريبا بين البلدين الشقيقين سوف يكون له اسهام مميز على الصعيد التجاري والسياحي وفي مجال نقل البضائع، كما أن الموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان على المحيط الهندي وبحر العرب هو محل اهتمام سعودي وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. أما على الصعيد السياسي فإن الرياض ومسقط على وفاق كبير في مجمل الملفات من خلال الجهود المشتركة خاصة على صعيد الأزمة اليمنية وضرورة إنهاء هذه الحرب .كما أن مجلس التعاون الخليجي كمنظومة خليجية تعد الأهم من خلال التحركات السياسية التي بدأتها السعودية استعدادا للقمة الخليجية القادمة في الرياض منتصف هذا الشهر.

ومن هنا فان المشهد السياسي يعد على قدر كبير من الأهمية والإيجابية خاصة وأن سلطنة عمان والسعودية يمثلان الجانب الاستراتيجي في منطقة الخليج والجزيرة العربية كما أن موقعهما على البحار المفتوحة يعطي ميزة تنافسية على الجانب الاقتصادي واللوجستي.

التكامل الاقتصادي

التكامل الاقتصادي بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية هو عنوان المرحلة منذ الزيارة التاريخية التي قام بها السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه إلى السعودية في شهر يوليو الماضي ولقائه الأخوي مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، كما أن زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لسلطنة عمان ولقاءه مع السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، تجعل من التكامل الاقتصادي بين الرياض ومسقط أمرا في غاية الأهمية في ظل العلاقات التاريخية وفي ظل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث الاستعداد لقمة الرياض خلال الشهر الحالي، كما أن هناك تحركا سعوديا فيما يخص تقوية أواصر العلاقات بين الدول الأعضاء في المجلس بعد انتهاء الأزمة الخليجية في قمة العلا في شهر يناير الماضي. ومن هنا فإن زيارة ولي العهد السعودي تعد من الزيارات المهمة والتي نتج عنها تعاون في كل القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وفي مجال الطاقة والاقتصاد الأخصر وعلى الصعيد اللوجستي، كما أن المنفذ البري المباشر بين الأراضي السعودية والعمانية سوف يكون له تأثير إيجابي على الصعيد التجاري والسياحي وسوف يمثل شريانا اقتصاديا مهما للشعبين الشقيقين.

التكامل الاقتصادي السعودي العماني سوف يكون له نتائج حيوية على صعيد الانتقال إلى آفاق أرحب ويعزز من متانة العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين ويفتح المجال أمام استغلال المقومات الحيوية لكلا البلدين مما ينتج عنه نهضة صناعية وفي كل المجالات وبالتالي تنعكس إيجابا على البلدين والشعبين الشقيقين.

ملفات سياسية مهمة

هناك تطابق في الرؤى السياسية في عدد من الملفات الاستراتيجية ومنها الملف اليمني من خلال ضرورة إيجاد حل سياسي من خلال الحوار بين الفرقاء في اليمن ومن خلال جهود المبعوث الأمريكي والأممي لليمن ومن خلال جهود سلطنة عمان الصادقة لوقف الحرب في اليمن، كما أن هناك تنسيقا سياسيا على صعيد الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي من خلال التواصل والزيارات المتبادلة بين وزيري الخارجية وأيضا من خلال الاجتماعات الدورية على مستوى مسؤولي البلدين أو من خلال اجتماعات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

ومن هنا فإن المباحثات بين السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سوف يكون لها انعكاس إيجابي على مجمل الملفات ومنها ملف العلاقات السعودية الإيرانية وضرورة أن يكون هناك علاقات بين دول مجلس التعاون وإيران من خلال الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين وإقامة علاقات التعاون بما ينسجم مع روح الأخوة الإسلامية والتقارب بين الشعوب، بعيدا عن الصراعات والحروب التي أضرت المنطقة بشكل كبير خلال العقود الأربعة الأخيرة. وكما هو معروف فان الدبلوماسية العمانية تلعب دورا إيجابيا منذ عقود للمحافظة على الأمن والاستقرار في منطقة حساسة ومهمة للعالم اقتصاديا وفي مجال الطاقة، كما أن المملكة العربية السعودية الشقيقة تمثل محورا هاما وثقلا كبيرا على صعيد المنطقة. ومن هنا فان من مصلحة المنطقة وشعوبها أن تسود روح السلام والحوار بين دول المنطقة بما فيها إيران ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهناك مؤشرات إيجابية من خلال تبادل الزيارات بين مسؤولي دول المنطقة وأن تكون طاولة الحوار هي الأداة المثلى لحل أي خلافات.

قمة الرياض الخليجية

القمة الخليجية القادمة الشهر الحالي في العاصمة السعودية الرياض بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تكتسب أهمية كبيرة في ظل التحرك السياسي السعودي من خلال جولة ولي العهد السعودي لدول المنطقة أو من خلال الرسائل التي بعث بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى قادة المنطقة. ومن هنا فإن مجلس التعاون الخليجي سوف يشهد تطورا كبيرا، أولا عودة اللحمة الخليجية الى سابق عهدها. وثانيا انطلاق منهجية جديدة تعتمد على الأمن الجماعي والتنسيق حول التحديات التي تواجه أمن واستقرار المنطقة.

وتلعب السعودية وسلطنة عمان دورا محوريا في هذا الإطار كما أن عددا من الملفات الاستراتيجية سوف تكون حاضرة في قمة الرياض مما يوحي بانطلاقة مهمة لأهم تجمع سياسي عربي وإقليمي وهو مجلس التعاون الخليجي الذي مضى على قيامه أربعة عقود. ومن هنا فإن المحافظة على الكيان الخليجي يعد من الضرورات الاستراتيجية التي سوف تبحثها قمة الرياض كما أن التحديات التي تواجه المنظومة الخليجية تحتاج إلى رؤية مشتركة علاوة على انطلاق تكامل اقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما يسهم في ازدهار وتقدم الدول الست وشعوبها في ظل المقدرات الكبيرة الذي تتمتع بها دول مجلس التعاون ومن هنا فان الزيارات بين القيادات الخليجية ومنها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولقاؤه مع السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه وبقية القيادات الخليجية سوف تسهم في انطلاقة خليجية يكون لها إسهامها المتميز في حفظ الأمن والاستقرار وأيضا في مجال التكامل الاقتصادي والاجتماعي.

* صحفي ومحلل سياسي