الجمعة السوداء.. لما هي سوداء؟

29 نوفمبر 2021
29 نوفمبر 2021

يعود تسمية الجمعة السوداء في أمريكا إلى عام 1951 في مقال نشر بمجلة (صيانة وإدارة المصانع) في إشارة إلى لجوء عدد كبير من العمال للخروج في إجازات مرضية في الجمعة التي تلي عيد الشكر في الولايات المتحدة، نتيجة الإرهاق الشديد الذي يعاني منه عمال المصانع والباعة بسبب الزحمة الشديدة على المحلات، حيث تشهد هذه الجمعة بداية أكبر نسبة تنزيلات تمهيدًا لعيد الميلاد، الأمر الذي يجعل المحلات تفتح باكرًا جدًا - أحيانًا بعد منتصف الليل مباشرة- وتظل الأسواق مفتوحة حتى آخر لحظة في ليلة عيد الميلاد.

في عام 1961 بدأت شرطة فيلادلفيا في استخدام المصطلح تعبيرًا عن استيائهم من الزحمة المرورية التي يسببها موسم التسوق لعيد الميلاد، جرت عدة محاولات بعد ذلك لتغيير الاسم إلى الجمعة الكبيرة، إلا أن المصطلح الأول ظل ثابتًا في أذهان الجميع، في منطقتنا استبدل بالسواد البياض في الاسم فقط، لكن ظل المعنى كما هو، تستخدم فيه كل حيل الإعلان والتسويق التي تطورت بشكل مخيف، فأدخلت فيها علوم مثل علم الأعصاب وعلم النفس من أجل إقناع المستهلك بشراء أغراض هو ليس بحاجة لها، وفي كثير من الأحيان سيشتريها وعندما يعود إلى البيت سيكتشف بأنه لا يحبها، وأنها لم تعجبه، تترك جانبًا أسوة بكثير من المنتجات التي تملأ الدواليب وخزانات الملابس والمطابخ، التي تراكمت عبر مواسم التنزيلات.

جرت عدة دراسات على هذه التنزيلات من خلال مجموعات حماية المستهلكين في الولايات المتحدة، التي أظهرت أن بعض المنتجات كانت عليها تخفيضات أكبر قبل الجمعة السوداء، أو أن التخفيض لم يكن بالحجم الذي يستحق فيه المعاناة في الخنقة المرورية، والطوابير الطويلة على واجهة المحلات.

شخصيًا لدي قناعة طالما شاركت بها متابعيني ألا وهي أن الغرض الذي لم تكن بحاجة له قبل التنزيلات أنت لست بحاجة له، وأن شراء غرض لمجرد أنه في التنزيلات من أكبر أخطاء التسوق شيوعًا، بالطبع هناك من تكون لديه خطة مسبقة لمشترياته، حصرها بانتظار التنزيلات ليشتريها بسعر أقل، وهذا لا بأس به؛ لأن الحاجة كانت موجودة.

كما ذكرت حملة التخفيضات خطيرة جدًا ليست فقط على أرصدتنا المصرفية، ولكن على حياتنا بشكل عام، وصحتنا النفسية، فهي قد تؤدي في النهاية إلى الإصابة بظاهرة الاكتناز، أو أن يربط المرء نفسه بما يملك، بالتالي كلما زادت مقتنياته زادت قيمته في نظر نفسه، لكنه شعور مؤقت لن يلبث أن يختفي حالما يدفع قيمة مشترياته، وتعود الحلقة من جديد.