طارق السعدي .. موهبة عُمانية تضع بصمتها الكروية في الملاعب الإنجليزية

بطموح الكبار .. وطموحات تعانق السحاب.. مهارات كروية ألهبت عقول أفضل الأندية الإنجليزية.. كل هذا اجتمعت لدى الموهبة الواعدة طارق بن خليفة السعدي الذي أثبت أنه من طراز اللاعبين الكبار على الرغم من صغر سنه الذي لم يتجاوز 15 عامًا إلا أن المهارات الكروية التي امتلكها من نعومة أظافره جعلت أفضل الأندية الإنجليزية تتهافت نحو استقطابه والتعاقد معه. وبعد تصاعد شهرة الموهبة الواعدة طارق السعدي وارتفاع صدى صوت مهارات إلى خارج بريطانيا، وجه صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب بتقديم الدعم والرعاية اللازمة للموهبة طارق السعدي لاعب ولفرهامبتون الإنجليزي والذي قبل أيام من سن 15 عاما. «عمان الرياضي» تابع الموضوع وتقصى طريق الموهبة الواعدة طارق وذلك بالحديث مع والده خليفة بن سالم بن سعيد السعدي.

قصة البداية

خليفة السعدي قال في بداية حديثه لـ«عمان الرياضي»: إن ابنه طارق منذ نعومة أظافره وبالتحديد في عمر ثلاث سنوات بدأ يظهر عليه الشغف والارتباط بكرة القدم وطريقة تعامله مع الكرة ليس كسائر بقية الأطفال لمجرد تلاعبهم فيها فقط، وإنما كانت لمساته وإحساسه بالكرة بشكل مختلف عن الآخرين، وبحكم خبرتي المتواضعة في الرياضية وبكرة القدم على وجه الخصوص قررت قطع الشك باليقين من هذه الموهبة وتطويرها، حيث قمت بتدريبه على بعض الحركات المرتبطة بكرة القدم، بالإضافة إلى زيادة وقت التدريب حتى أصبح لا يفارق الكرة أبدًا، وبعد مرور الوقت زادت ثقتي بموهبة ابني طارق حتى أخذت الموضوع على محمل الجد، وعندما كان يتلاعب بالكرة يلفت أنظار من حوله في هذا العمر المبكر، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن قمت بتسخير جميع الإمكانيات للاهتمام به ومعاملته كمحترف في كل شيء منها: طريقة إعداد طعامه وساعات نومه بالتعاون مع أفراد الأسرة وبالأخص أخيه الأكبر الذي كان مسؤولا عن تنفيذ خطط وبرامج التدريب له.

نقطة التحول الأولى

وأضاف السعدي: عندما وصل طارق عمر السادسة عام، العمر الذي يعتبر نقطة التحول في موهبة طارق، حيث التقينا بالصدفة بمدرب محترف لفئة الناشئين في مسقط مقيم في أمريكا حاليًا وهو جهاد جبارين حيث قال لي: «ابنك موهبة كروية فذة»، فأخد على عاتقه تعليم طارق أبجديات وأساسيات كرة القدم لمدة أكثر من 3 سنوات متواصلة دون أن يأخذ أي مقابل على التدريب، فالفضل بعد الله تعالى يرجع إلى هذا المدرب، ومن ثم قررنا الانتقال من ولاية السويق إلى محافظة مسقط لمتابعة تدريبات طارق مع جهاد جبارين الذي يعتبر الأب الروحي والمدرب الأول لطارق خلال هذه الفترة، وبعد ذلك انتسب طارق لعدد من الأكاديميات من ضمنها أكاديمية مسقط حيث قضى فيها عامين وشارك في دوري الأكاديميات في دبي واستطاع طارق حينها أن يلفت الأنظار، مما جعل بعض الأندية في دبي تتواصل معنا لاحتواء موهبة طارق ولكن نظرتي كانت أبعد من هذا.

الانتقال إلى بريطانيا

وأكمل خليفة السعدي حديثه لـ«عمان الرياضي» قائلًا: نقطة التحول الثانية في حياة طارق وتعتبر الأهم عندما سعى مدربه في أكاديمية مسقط معاذ كريم إلى الاهتمام بطارق إيمانًا بموهبته الفذة، حيث قال لي في ذلك الوقت: إن طارق يمتلك إمكانيات عالمية وعلينا أخذه إلى بريطانيا وعرض موهبته على الأندية، وحدث هذا عندما كان طارق في التاسعة من عمره، لذا قررنا أنا ومدربه الذهاب إلى بريطانيا، علمًا أن معاذ كريم ما زال مدرب طارق الخاص حتى يومنا هذا ويمتلك إمكانيات هائلة في التدريب بالرغم من مشاغله الحالية إلا أنه لا يغفل أبدًا عن تطوير مهارات طارق، حيث قمنا بعرض الموهبة التي يتمتع بها طارق على نادي برمنجهام ستي وفولهام، وأفادت تقارير الناديين أن موهبة طارق تحتاج لاهتمام وصقل، حيث أصر علينا نادي برمنجهام ستي أن نحضر طارق مرة أخرى لمدة لا تقل عن شهر ونصف الشهر وهي الفترة القانونية لتجربة المواهب للانضمام للنادي، ومن ثم رجعنا لعمان على أمل العودة إلى بريطانيا مرة أخرى وكان في شهر يناير 2016، قررنا العودة إلى بريطانيا وذهبنا إلى نادي برمنجهام ستي ووافق على انضمام طارق إلى النادي بشرط إقامة العائلة في بريطانيا.

وتابع حديثه بالقول: انتقلنا للعيش في بريطانيا في شهر يوليو 2016 لتحقيق حلم طارق في الاحتراف، وكان قرارًا مصيريًا ويتطلب إلى مبالغ باهظة لتغطي مصاريف الإقامة ودراسة الأطفال في مدارس خاصة، حيث ذهبت إلى عدة شركات من القطاع الخاص من أجل إيجاد الدعم لاحتضان موهبة طارق، لكن مع الأسف لم أجد من يسمع لي أو حتى الإيمان بموهبة ابني، قمت بعدها ببيع كل ما أملك في السلطنة والتحقت بعائلتي في بريطانيا بعد مرور عامين عندما حصلت على التقاعد وعلى الرغم من ظروف المعيشية في بريطانيا إلا أننا تحملنا كثيرًا من مبدأ «بقدر التضحيات تأتي الأمنيات» مؤمنين بهدفنا لتحقيق حلم طارق وإثبات أن العماني جدير بالفرص التي تقدم له.

وقال خليفة السعدي: تدرب طارق في نادي برمنجهام ستي لمدة 6 أشهر، ثم أفادنا النادي أن الاتحاد الإنجليزي رفض تسجيل طارق لصغر سنه ويعتذر عن استمراره بالتدريب بالنادي، بعدها سارع نادي وست بروميتش لضم الموهبة الواعدة طارق مع وعد بمحاولة إقناع الاتحاد الإنجليزي بتسجليه، حيث تدرب معهم طارق لمدة سنة وباتت محاولاتهم بتسجيل طارق في الاتحاد الإنجليزي مكللة بالفشل، ثم قام أحد الكشافين المعروفين في بريطانيا بأخذ طارق إلى نادي مانشستر سيتي وحينها لم يعمل النادي أي اختبار لطارق وإنما ضمه مباشرة إلى الأكاديمية وعملوا المستحيل لطارق حتى تلقوا إنذارا من الاتحاد الإنجليزي، ثم تلقينا اتصالا من نادي أستون فيلا الذي وقّع عقدًا داخليًا مع طارق لمدة عامين مع وعد بمحاولات من النادي مع الاتحاد الإنجليزي.

شرط الفيفا

وأوضح السعدي أن طارق تلقى خلاله تواجده في نادي أستون فيلا دعوتين من نادي لانس الفرنسي ونادي أندرلخت البلجيكي عن طريق كشافين ومكاتبهم في بريطانيا إيمانًا منهم بموهبة طارق العالمية الذي ينتظرها مستقبل باهر، وبعد ذلك طلبنا من نادي أستون فيلا فسخ العقد بعد مرور عام والذهاب إلى نادي ولفرهامبتون الإنجليزي الذي كان له الدور الأكبر في إبراز موهبة طارق وتطورها، وبعد أن وصلنا إلى اليقين من أهم شرط اتحاد الفيفا لمثل حالة طارق لتسجيل طارق في الاتحاد الإنجليزي وهو أن يكمل طارق المكوث في بريطانيا لمدة خمس سنوات دون الخروج منها بالإضافة إلى توقيع عقد عمل مع والدته لمدة 3 سنوات، حتى يتم تسجيله في كشوفات الاتحاد الإنجليزي حتى يحصل على فرصة التوقيع مع أي نادٍ يريده، وبحمد الله وتوفيقه سيكمل طارق خمسة أعوام في بريطانيا خلال بضعة أيام وبالتحديد 9 يوليو الجاري، وبعد عدة أشهر سنقرر أما البقاء في نادي ولفرهامبتون أو التوقيع مع نادٍ آخر لأننا نمتلك حرية الاختيار بعد أن تحققت شروط الفيفا.

توجيهات السيد ذي يزن

وكشف خليفة بن سالم السعدي والد الطفل طارق عن توجيهات صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب عن تقديم الدعم والرعاية اللازمة للموهبة طارق السعدي لاعب ولفرهامبتون الإنجليزي، بقوله: جاءت توجيهات صاحب السمو لتذليل جميع الصعاب التي تعرّض لها طارق خلال السنوات الماضية، وأثبت سموه أنه داعم لكل مبدع ومجتهد، ونحن نعيش في بهجة وسرور بسبب هذه التوجيهات من سموه وهذه التوجيهات تدفعنا جاهدين لبذل المزيد من العطاء.

تسخير الإمكانيات

وأشار السعدي إلى أن أسرته سخّرت جميع إمكانيتها حتى تتبنى وتحتضن موهبة طارق، وأضاف: عملنا بشكل متواصل لمدة أكثر من 12 سنة، على الرغم من أن طريق الاحتراف طويل حتى يتحقق حلم طارق، ونقوم حاليًا بدراسة الأندية لاختيار الأفضل من بينها حتى تتناسب مع إمكانيات طارق.

وأضاف السعدي: تعتبر بريطانيا من أصعب بيئات الاحتراف في كرة القدم لأنها تضم أفضل مواهب كرة القدم في العالم، وهذا كان تحديًا كبيرًا أمام طارق، لكنه أستطاع أن يثبت موهبته أمام الكثير من المواهب الشابة، ونقدم الشكر الجزيل لصاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، ولجميع من ساند الموهبة الواعدة طارق بن خليفة السعدي في مشواره الاحترافي في كرة القدم منذ البداية وحتى اليوم.