عادل محمود
عادل محمود
أعمدة

يوميات سورية 2

20 أبريل 2021
20 أبريل 2021

عادل محمود

ـ 1 ـ

أغبط الطير يبني عشه في الشجرة وتحتها صياد.

أغبط الشجرة، وهي ترفو جراح الفؤوس.

أغبط الفؤوس، وهي تنكش فتنة الأرض.

أغبط الأرض، وهي تتحمل غلاظات الإنسان.

أغبط الإنسان وهو يرسم في الكهف وحشا يحلم باصطياده.

أغبط الصياد وهو يشوي طيور البرد كي يتعلم فكرة النار.

أغبط من يلعب بالنار، ولكنه لا يجعل النار لعبته المفضلة.

أغبط دمًا انتصر على سيف.

ـ 2 ـ

ما يحدث في سوريا اليوم... جريمة شرف أيضا.

والشرف هنا، ليس الأعراض وانتهاكها فقط، وليس الكذب والغدر والخيانة والاعتداء والقتل والتهجير والتدمير، فقط.

جريمة الشرف ليس أن يكره السوري كل ما حدث ويحدث...

جريمة الشرف، اليوم، أن يكره السوري نفسه.

ـ 3 ـ

الأم في فيلم: تنام إلى جانب ولدها المحتضر، ويطلب أن تغني له أغنيته المفضلة. فتنشد بصوت رخيم:

تصبحين على خير أيتها القطة.

تصبحين على خير أيتها النجوم.

تصبح على خير أيها الليل الصامت...

وفيما هي تغني، كان هو يذهب هانئا إلى الموت.

ـ 4 ـ

أنا في حالة "الدمعة الساخنة على خد بارد". لم يسبق أن استبدت بي حالة شجن لا راد لها، وحين بحثت عن السبب، اهتديت إليه بسهولة:

هذه البلاد الشريفة، تستعين لاسترداد هيبتها باللصوص، وتستعين لتضميد جراحها بالجزارين. ولمديح جمالها ببشاعة هذه الأيام.

ـ 5 ـ

الحب أنتج الشعر، ولكن الشعر لا ينتج الحب. الحب شعر والزواج نثر. الحب قصيدتان: واحدة للقاء وأخرى للوداع. الحب المميت وحده يكتب قصته. الحب السعيد يحيا.

للذين يحبونك... لا داعي للشرح.

للذين يكرهونك... لا جدوى من الشرح.

الحب هو ذكاء المسافة. لا تقترب كثيرا فتلغي اللهفة ولا تبتعد كثيرا فتُنسى. لا تضع حطبك دفعة واحدة في موقد من تحب. ابقه مشتعلاً بتحريك الحطب. دون أن يلمح الآخر يدك.

أحياناً نحن في حاجة إلى وسائد من ريش الكلمات.

كم هو حزين أن تمشي وحيدا على شاطئ البحر.

ـ 6 ـ

مجازا... قال لي بورخس الكاتب الأرجنتيني العظيم: أنا أتقزز من "الأزل" قلت له: أنا أتقزز من "الأبد".

كنا معا نتفرج على بلداننا وهي تصارع التفاهة...