oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

السلطنة والصين .. علاقات تاريخية وآفاق مستقبلية

29 مارس 2021
29 مارس 2021

لا يمكن التأريخ بشكل دقيق للعلاقات العمانية-الصينية، إنها قديمة قدم التاريخ، وقدم التبادل الحضاري بين منطقة الجزيرة العربية وبين الصين باعتبارها واحدة من الحضارات العريقة في الشرق الأقصى.

لكن الثابت أن عُمان كانت على تماس كبير مع الحضارة الصينية منذ فترة مبكرة وهذا ما يذكره المؤرخون العرب في مدوناتهم. يصف الحميري عمان بأنها «فرضة الصين ومرفأها» نظرًا للتبادل التجاري بينها وبين الصين.

وإذا كان المؤرخون يركزون في وصف العلاقات بين عُمان والصين على الجانب التجاري فإن الجانب الحضاري كان حاضرًا أيضًا وبقوة، وساهمت عُمان في نشر الدين الإسلامي في الصين. وتسجل مدونات التاريخ أن أبا عبيدة عبدالله بن القاسم كان من أوائل الذين اشتغلوا في نشر الإسلام في الصين في القرن الثاني الهجري.

ويذكر «السجل العماني» في المدونات الصينية الكثير من التفاصيل عن العلاقات بين الحضارتين وبشكل خاص في القرن الثامن الهجري، وذكر هذه المقدمة التاريخية مهم جدًا في سياق الحديث عن العلاقات العمانية-الصينية في العصر الحديث. على اعتبار أن التاريخ مكون مهم في فهم علاقات المستقبل، بل هو مرآة عاكسة للمستقبل، فالعلاقات الاستراتيجية لا تظهر فجأة دون مقدمات بل تعززها الجوانب التاريخية، وتضيف لها ركائز عميقة تقوي بقاءها واستمرارها.

ومنذ بواكير عهد النهضة الحديث في عمان كان العلاقات العمانية-الصينية علاقات متميزة حيث تم التبادل الدبلوماسي بين البلدين نهاية عقد سبعينيات القرن الماضي.

وفي عام 2018 وبعد أربعة عقود من العلاقات القوية صدر إعلان مشترك بين السلطنة والصين نص على «الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى تاريخي جديد» ووضع تصور كبير للتنمية المستقبلية، كما تم توقيع اتفاقية تفاهم للعلاقات بين البلدين ضمن مبادرة «الحزام والطريق».

وهذه العلاقات التاريخية وتعزيزها في العصر الحديث يمكن أن يساهم في تعزيز وتكثيف الاستثمار الصيني في السلطنة خلال المرحلة القادمة التي تنفتح خلالها السلطنة أكثر على الاستثمارات الخارجية بعد التعديلات الجديدة على قوانين الاستثمار الخارجي. والصين من الدول التي تعزز استثماراتها في منطقة الشرق الأوسط ضمن مشروعها «الحزام والطريق» والسلطنة من بين الدول المستقرة سياسيًا والتي تغري رأس المال على الاستقرار فيها، وزيارات المسؤولين الصينيين من شأنها أن تفتح آفاقًا استثمارية بين البلدين إضافة إلى تعزيز العلاقات في القطاعات الأخرى التي تخدم الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية.