محمد الشيزاوي
محمد الشيزاوي
أعمدة

تداول :مكافآت مجالس الإدارة وأرباح المساهمين

23 مارس 2021
23 مارس 2021

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

أستغرب من قيام عدد من شركات المساهمة العامة بدفع مكافآت «سخية» لأعضاء مجلس الإدارة في الوقت الذي لا توزّع فيه أرباحا على المساهمين بحجة أن الشركة لم تحقق أرباحا خلال العام السابق، أو عدم وجود سيولة نقدية، أو تفاديًا لمزيد من التأثيرات المالية السلبية نتيجة فيروس «كوفيد-19» الذي ألحق أضرارا بالغة في الاقتصادات العالمية وأثر على النمو الاقتصادي المحلي والعالمي.

وفي تقاريرها إلى المساهمين تشرح الشركة الوضع المالي وأسباب الخسائر وتراجع الإيرادات، وتتحدث حينا عن أن الأسباب تعود إلى المنافسة سواء من الشركات المحلية أو العالمية، وأحيانا تعزو ذلك إلى حرب الأسعار ودخول منتجات مماثلة من دول أخرى إلى السلطنة، بل إن بعض الشركات عزت أسباب خسائرها إلى التعمين، وبعد ذلك تتحدث عن أن مجلس الإدارة وضع خطته للمستقبل وأنه سيبذل قصارى جهده للتغلب على التحديات، وفي الاجتماع التالي للجمعية العامة السنوية تعود الشركة لتكرار الأسباب نفسها وسرد المبررات نفسها، وفي المقابل يظل بند «الموافقة على بدل حضور جلسات مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه» وبند «توزيع مكافآت لأعضاء مجلس الإدارة» ثابتين في كل اجتماع، وفي أوقات اليسر والعسر، في حين أن بند: «توزيع أرباح على المساهمين» يحضر في وقت الرخاء ويغيب في وقت الشدة.

ليس معنى هذا أنه ينبغي على الشركة أن توزع أرباحا على المساهمين إن حققت خسائر أو تراجعت أرباحها بشكل يضر بوضعها المالي، ولكن علينا أن تساءل: لماذا يَسمح أعضاءُ مجالس الإدارة لأنفسهم أن يتقاضوا أتعابا في الوقت الذين لم يحققوا فيه نتائج إيجابية للشركة؟ ما هو الإنجاز الذي قدموه للشركة يستحقون فيه مكافآت قد تصل مع بدلات حضور الاجتماعات إلى 200 ألف ريال عماني؟ وما هو المبرر أن يحدد أعضاء مجالس الإدارة لأنفسهم 1000 ريال عماني مثلا كبدل «أتعاب» لحضور اجتماعٍ لمجلس الإدارة في الوقت الذي قد تكون فيه أفكارهم هي التي أدت إلى تراجع أداء الشركة؟.

وكما هو معلوم فإن الحد الأقصى الذي حددته الهيئة العامة لسوق المال منذ عدة سنوات لمكافآت أعضاء مجلس الإدارة وبدل حضور جلسات المجلس واللجان المنبثقة عنه لا يتجاوز 200 ألف ريال عماني، ولو ترك الأمر لمجالس الإدارة لرأينا أرقاما فلكية، وقد لاحظنا أن العديد من الشركات الكبرى تبقي على الحد الأقصى للمكافآت وبدلات الحضور سنويا عند مستوى 200 ألف ريال عماني، فإذا بلغت بدلات الحضور 60 ألف ريال عماني تكون المكافآت 140 ألف ريال عماني، وإذا كانت بدلات الحضور 50 ألف ريال عماني يتم رفع المكافآت إلى 150 ألف ريال عماني دون وجود مبرر واضح للقرار الأول والقرار الثاني.

وكم أتمنى أن تحال هذه البنود إلى الهيئة العامة لسوق المال باعتبارها الجهة المسؤولة عن حقوق المساهمين في شركات المساهمة العامة لدراسة مقترحات مجالس الإدارة بشأن مكافآت أعضاء المجلس وتوزيعات الأرباح على المساهمين قبل عرضها على الجمعية العامة العادية السنوية كما هو حاصل مع البنوك والشركات الخاضعة لرقابة البنك المركزي العماني، فالهدف ينبغي أن يظل هو حماية الشركات من التعثر وليس حماية مصالح أعضاء مجالس الإدارة، كما أتمنى أن تقوم الهيئة بتحديد حدّ أقصى لبدلات حضور جلسات مجالس الإدارة واللجان المنبثقة عنه فقد وجدنا أن بعض الشركات تبالغ في تحديد هذه البدلات.

ومن البديهي أن مهمة أعضاء مجالس الإدارة هي تعظيم المكاسب المالية للشركة وجعلها كيانًا قويًا وإذا تمكنوا من ذلك فمن حقهم أن يحصلوا على مكافآت سخية ولا يمنع أن تتجاوز بدلاتهم مبلغ الـ200 ألف ريال عماني، فالأفكار التي قدموها للإدارة التنفيذية ساهمت في تحقيق مكاسب مضاعفة للشركة، ولكن إن لم يقدموا شيئا فما هو المبرر لمكافآتهم في الوقت الذي تتجمّد فيه أموال المساهمين لعدة سنوات وربما يخسرون رؤوس أموالهم؟.

وختاما أوجه التحية لعدد من شركات المساهمة العامة التي قام أعضاء مجالس إداراتها خلال العام الجاري بشطب بند المكافآت من قائمة بنود الجمعية العامة العادية السنوية في الوقت الذي قامت فيه الشركة بتوزيع أرباح على المساهمين، في بادرة تعبّر عن حرص المجلس على الشركة ومركزها المالي وهو ما يعبّر أيضا عن رؤية المجلس تجاه مساهمي الشركة باعتبارهم أساس الشركة ومصدر قوتها واستمرارها.