عبدالرزاق الربيعي
عبدالرزاق الربيعي
أعمدة

هوامش... ومتون: الجواز الأخضر في الوباء الأسود !

17 مارس 2021
17 مارس 2021

عبدالرزاق الربيعي -

في الوقت الذي يعتزم الاتحاد الأوروبي إطلاق «جواز السفر الأخضر» الإلكتروني الذي لا يحمله سوى الذين تلقوا اللقاحات المضادة لـ«كورونا»، ويسهّل لمن يحوزه التنقل داخل الاتحاد الأوروبي، وخارجه، ليصبح التعاطي مع اللقاح واقعا تفرضه دول العالم المتقدّم لتنظيم عمليّة السفر، ويقدّم شباب متطوعون في أمريكا فعاليات ترفيهية، لتحفيز، وتشجيع الفريق الطبي على أداء عمله، والقادمين للتطعيم، أقول: لا يزال الكثيرون في بلداننا يشكّكون في السلامة التي يمكن أن يضمنها بعد تلقّي اللقاح، والتحذير من مضاعفات يمكن أن يسببه التطعيم به، بل أن بعضهم أدخله في حقل المحرمات!

وهو أمر لم يعد خافيا، فمنذ أن توصل العلماء إلى إنتاج اللقاحات المضادّة لكورونا ظهرت هجمات، تأخذ صيغًا وأشكالًا، ووسائل مختلفة، صارت تبث رسائلها في مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا وظيفة لبعضها سوى ترويع الناس، وزرع الخوف من القادم «المجهول»، في قلوب الكثيرين ممن يتحفّظون على كلّ جديد، بل ويحاربونه، مثلما حارب الأسلاف المبتكرات العلمية، في بداية ظهورها، واعتبروها «رجسا من عمل الشيطان»! لكنّ الزمن أثبت بطلان ادعاءاتهم، وصواب ما أنتجه العقل البشري من مبتكرات وظّفت لصالح البشريّة، ومن المؤسف أنّ هذه الهجمة أحدثت أثرًا في نفوس الناس، فجعلتهم يحجمون عن أخذها، وشمل ذلك شرائح يفترض أن تكون من أوائل من يشجّع الناس على ذلك، لذا استغربت سؤال أحد الفنانين: «ما هذا اللقاح الذي لا يضيف للإنسان مناعة على مناعته، بل يضعفها بعد الجرعة الثانية؟» وهذا أمر طبيعي، يعرفه المختصون، العارفون بآليّات اشتغال هذه اللقاحات.

وقد ازدادت هذه الحملة بعد وفاة الفنان الكويتي مشاري البلام، إثر تلقيه اللقاح المضاد لفيروس -كورونا- المستجد (كوفيد-19)، لكن وزارة الصحة الكويتية نفت ذلك، كما أكد عضو لجنة اللقاحات بوزارة الصحة الكويتية د.خالد السعيد، ذلك، واعتبرها من «شائعات» وقال إن اللقاح ليس له علاقة بالإصابة بالفيروس، مؤكدا في الوقت ذاته أنه «آمن» و«فعال». ونقلت صحيفة الأنباء الكويتية، قوله «لو كل شخص أخذ اللقاح وأصيب بفيروس كورونا لوجدنا مئات الآلاف من الإصابات والوفيات حول العالم، حيث إن هناك أكثر من ٢٠٠ مليون شخص حول العالم أخذوا اللقاحات المضادة لـ «كوفيد-19» مؤكدا أن «كورونا هي «القاتلة» وليس «اللقاح»، وقبل أيام حين نشرت صحيفة عربية، على صفحتها الأولى، خبر وفاة مفكّر (عن ٩٢سنة) بعد تلقّيه «الجرعة الثانية من اللقاح المضاد لكورونا» في عاصمة عربية! وهذا الخبر ليس دقيقا، ولم تتحرّ الصحيفة عنه قبل نشره، إنّ المجانية في نقل الأخبار، من شأنها أن تثير بلبلة في الأوساط العلمية، والطبية العالمية، خصوصا أنها لم تدعم تشخيص سبب الوفاة بإثباتات، وتأكيدات، والذي يحزّ بالنفس، أنّ دولنا أنفقت أموالا طائلة لشرائها من مختبرات، ومصانع الأدويّة، وقبل ذلك بذل العلماء جهودا مضنية، من أجل التوصل إلى إنتاجها، وقاموا قبل اعتماده بتجربته على آلاف المتطوعين، للتأكد من فاعليته، وسلامة المطعوم، من المضاعفات المحتملة، ومن ثمّ طرحه في الأسواق العالمية للأدوية.

ومنذ بدء حملات التطعيم جرى تطعيم الملايين، ولم نسمع بمضاعفات إلّا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن ننفي شعور المطعوم بآثار جانبية في الساعات الأولى من التطعيم، ثم لا تلبث أن تزول كما جرى معي قبل أكثر من أسبوعين من تلقّي الجرعة الأولى.

لقد أثبت اللقاح فاعليته، ونجح في تقليل الإصابات، أمّا قول الأطباء على المطعوم مراعاة العادات الصحية، وارتداء الكمامات، فهذه من باب الوقاية، وعدم الركون للقاح، وتجنب العادات الغذائية التي تضعف المناعة، والواضح هناك جهات أزعجها أن الإصابات بدأت تخفّ، واللقاحات فعّالة، لذا بدأت بشنّ هذه الحملة المضادة، والخاسر فينا الذي يصغي لتلك الأصوات النافرة، ففي النهاية سيكون اللقاح جواز مرور إلى حياة آمنة من الجائحة.