1604061-removebg-preview
1604061-removebg-preview
عمان اليوم

د. زيد الهنائي في حوار مع «عمان»: لا خروج من الجائحة إلا باللقاحات .. والفيروس الذي لا يتكاثر لا يتحور

13 مارس 2021
13 مارس 2021

حاوره - عاصم الشيدي -

يبهرك الدكتور زيد بن الخطاب بن غالب الهنائي استشاري الأمراض المعدية لدى الأطفال بجامعة السلطان قابوس عندما يتحدث عن الفيروسات ويحلل المشهد الوبائي في العالم، لكنه لا يلبث أن يفاجئك عندما يقول: إن ثمة جائحة أخرى قادمة في المستقبل وعلينا أن نستعد لها كما استعد الكثير من العلماء لهذه الجائحة، وهو مؤمن أن الشباب العماني قادر على أن يكون مصنّعًا للتقنيات التي سنحتاجها لمواجهة الأوبئة ولنكون متقدمين في الجوانب الطبية، فقط يدعو أن تكون هناك استثمارات جادة في هذا الجانب.

والدكتور زيد الذي يتابع كل جديد حول الجائحة سواء كانت أخبارا تنقلها وسائل الإعلام أو دراسات علمية تنشرها الدوريات الطبية العالمية لا يعتقد أن هناك خلاصا من الوباء بدون اللقاحات التي يعتبرها آمنة جدًا بل إن بعض المضادات الحيوية لها خطورة أكبر من اللقاحات.

التقينا الدكتور زيد ودار معه حوار طويل وممتع وتاليًا أهم تفاصيله:-

لم يكد العالم يتنفس الصعداء بنجاح اللقاحات حتى فاجأه أمر ظهور سلالات جديدة من الفيروس أشد خطرا.. إلى أين نتجه الآن من وجهة نظرك؟

لا بدّ أن نفهم أن الفيروسات ليس لها عقل تفكر به، وتدفع الفطرة الفيروس في كل مرة ليتكاثر فيها إلى نسخ شفرته الجينية، وفي كل مرة ينسخ الشفرة هناك احتمال لحدوث أخطاء .. وتحدث هذه الأخطاء في فيروسات «RNA» بصورة أسرع من الفيروسات الأخرى. وفي كل مرة يحصل فيها خطأ في الشفرة الجينية يكون هناك احتمال لتغيير أحد بروتينات الفيروس، وهذا التغيير قد يعطي تغييرا في طريقة نشاط الفيروس.

وأحد أكثر التحورات التي تتم دراستها الآن التغير في البروتين الشوكي للفيروس لأنه يرتبط بخلايا جسم الإنسان مما يمكنه من دخوله لها، وبعد دخوله يتكاثر وينتج فيروسات جديدة تنتشر في خلايا جسم الإنسان.

عموما تحور الفيروس يحصل لا محالة، وعندما نرى سلالة جديدة طغت على السلالة القديمة فهذا يعني أن السلالة الجديدة اكتسبت تغيرا في الشفرة الجينية تجعلها أكثر قدرة على التكاثر.. وفي النهاية الدافع الرئيسي للفيروس للتحور هو التكاثر بصورة أفضل بين البشر.

الأمر المطمئن هو أن هناك حدودًا لتحور الفيروس، حيث إن معظم التحورات المحتملة قد تضره وتنقص من قدرته على الانتشار، وبالتالي يرى العلماء أن التحورات التي يمكنه الاستفادة منها محدودة.

هل ثمة علاقة بين انتشار الفيروس بكثرة في مكان ما وبين تحوره؟

نعم.. كلما زاد انتشار الفيروس بين الناس زاد تحوره وظهرت سلالات جديدة منه، وإذا استطعنا بالإجراءات الاحترازية منع الفيروس من الانتقال، كما حصل في دول أخرى، سيختفي، فالفيروس الذي لا يتكاثر لا يتحور.

أما بالنسبة لزيادة شدة الإصابات ففي الحقيقة لا يوجد دافع للفيروس ليكون أكثر شراسة فهو لا يستفيد من ذلك، ولكن إذا تكاثر بشكل أكبر (بسبب التحور مثلًا) داخل جسم الإنسان تكون ردة فعل جسم الإنسان أقوى وبالتالي الإصابات الشديدة تكون ردة فعل مناعة الجسم اتجاهها كبيرة جدًا.

هل ثبت علميًا أن السلالات الجديدة من الفيروس أكثر عدوى وأشد ضررا؟

في السلالة التي ظهرت في بريطانيا هناك مؤشرات أولية تقول: إن الإصابات كانت 30-60% أقوى من السلالات الأولى، لكن ما زال السؤال مفتوحا في معظم السلالات الأخرى ولا يوجد دليل علمي قوي أن الإصابات أخف أو أقل حدة.

ما الحل إذن؟

هناك نظرية مضللة تعتقد بأنه مع الوقت ومع انتشار الإصابات ستتشكل لدينا مناعة مجتمعية طبيعية ضد الفيروس لكن هذه النظرية مضللة لسببين: أولا: هذا الأمر تنتج عنه آلاف الوفيات التي يمكن تجنبها.

ثانيا: هذه الطريقة غير مضمونة.. على سبيل المثال فإن الحصبة والجدري أوبئة بقيت حالاتها كبيرة وكأنها جائحة مستمرة.

الحصبة كتب عنها الرازي قبل 800 سنة والجدري موجود منذ 2000 سنة ولم تتم السيطرة على هذه الأمراض إلا منذ 50 سنة عندما تم اكتشاف لقاحات لها وهذه أفضل طريقة للسيطرة على الجوائح والأوبئة.

ونحن محظوظون أن اللقاحات التي تم اكتشافها مأمونيتها عالية. في طب الأطفال ما زال فيروس «RSV» إلى الآن بدون لقاح سليم وفعال ضده، وبالتالي ما زال يسبب حالات وفيات بين الأطفال. وفي حالة جائحة «كوفيد-19» من حسن الحظ أن اللقاحات ظهرت بسرعة وكانت فعاليتها عالية وبتقنيات مختلفة ومن مصادر متنوعة.

هل سرعة ظهور اللقاحات كان مرده الخوف من فناء البشرية؟

لم يهدد هذا الوباء فناء البشرية لأن نسبة الوفيات ليست عالية جدا، ولذلك فإن تطوير اللقاحات لم يكن خوفا من الفناء ولكن من أجل تقليل عدد الوفيات التي أصبحت بالملايين ولإتاحة الفرصة لعودة الحياة لطبيعتها ولعودة أرزاق الناس التي تقطعت بسبب تأثيرات الجائحة.

ثم إن سبب تطوير اللقاحات بهذه السرعة يعود إلى أن الكثير من العلماء كانوا يستعدون منذ عشرات السنين لحدوث مثل هذه الجائحة، ولذلك فإن تقنية «mRNA» أي تقنية الحمض النووي الريبوزي وكذلك التقنية المبنية على الناقلات الفيروسية كانت جاهزة والعلماء يقولون إنها تقنية مثالية للتصدي لجائحة كبيرة لم نرها من قبل وبسرعة.

فعلى سبيل المثال شركة «موديرنا» انتهت من تصميم لقاحها خلال يومين من إعلان الشفرة الجينية لفيروس كورونا ويعود السبب إلى أنهم يعرفون طريقة عمل اللقاح بناء على تجربتهم مع فيروس كورونا السابق «متلازمة الشرق الأوسط»، بالإضافة إلى سهولة تصميم وهندسة اللقاحات بواسطة تقنية «mRNA».

قلت قبل فترة إن الحياة يمكن أن تبدأ بالعودة التدريجية إلى طبيعتها في الصيف القادم .. هل ما زال هذا التوقع قائما؟

تعود الحياة إلى طبيعتها عندما نحقق المناعة المجتمعية عبر اللقاح، حين ذلك يمكن أن تعود الحياة بشكل تدريجي. وكان أقرب وقت يمكن أن نصل فيه إلى المناعة المجتمعية هو فصل الصيف إذا جرت الأمور على أفضل شكل. ما زالت الفرصة متاحة ولكن الآن وقد تأخر وصول اللقاحات بسبب الطلب العالمي عليها وكذلك بسبب بعض التحورات في الفيروس مثل ظهور السلالة الجنوب إفريقية والتي أظهرت مقاومة جزئية لبعض اللقاحات فمن الصعب أن تعود الحياة الطبيعية في الصيف رغم أن ذلك ما زال واردا. وبعض الدول بدأت في تخفيف الإجراءات ويمكن أن تعود فيها الأمور إلى طبيعتها قريبا.. دولة الاحتلال «إسرائيل» على سبيل المثال.

بعض الدول سجلت تعافيا كبيرا بسبب قدرتها على توزيع أعداد كبيرة من اللقاحات؟

نعم حدث ذلك. المملكة المتحدة وكذلك الولايات المتحدة بسبب قدرتها على توزيع أعداد كبيرة من اللقاحات. أمريكا مثلًا سجلت رقما قياسيا حين استطاعت تطعيم 2.9 مليون شخص في يوم واحد. وإذا كان من طريق للخروج من الجائحة هذا العام فسيكون عبر اللقاحات. وإذا رفضنا اللقاحات فسنعاني من الجائحة لعدة سنوات.

كطبيب ومتخصص في هذا المجال، لماذا كل هذا الشك وهذا الخوف من اللقاحات رغم أن اللقاحات موجودة منذ عقود ويأخذها الناس طواعية؟

هناك شك طبيعي، والجائحة جديدة، واللقاحات تعتمد على تقنيات جيدة، لكن ولله الحمد أثبتت سلامتها وفعاليتها العالية جدًا وهذا ما أكدت الكثير من المنظمات والدراسات على عدة مراحل، والعلماء أجمعوا على ذلك.

لكن للأسف، رأينا بعض المقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي تنتشر دون مراجعة من شخص ذا ثقة أو اختصاص بهدف الترويج لنظرية المؤامرة أو لجلب الانتباه للمروجين وذلك على حساب صحة الناس وحياتهم. وتقريبا جميع النظريات التي تخوّف الناس من اللقاحات تأتي من أناس غير موثوقين وليس لهم اختصاص، وخطورتها تكمن في أنها خوّفت الناس بدون سبب وللأسف هناك من سيمتنع عن أخذ اللقاح بسبب نظرية خائطة وقد يصاب بالفيروس ويتوفى، فيما كان يمكن تجنب كل ذلك لو أخذنا اللقاح.

وفي العالم هناك أطروحات من أناس متعلمين ولكن في مجالات معينة وليست اللقاحات والأوبئة تخصصهم الأساسي، فيقومون بترويج نظريتهم عبر ناشطين يؤمنون بنظرية المؤامرة. وهؤلاء موجودون دائمًا ولكن سابقًا لا تتاح لهم منابر يتحدثون عبرها أما الآن فأصبح لكل شخص المنبر الذي يريده وفي الوقت الذي يريده دون رقابة.

المشكلة أن الإشاعات تنتشر بسرعة بينما كلام العلماء يتأخر، لأنه يحتاج إلى الكثير من التحقق.

وفي جميع الأحوال أطالب الناس وقبل نشر هذه الأخبار بأن يتحققوا من صحتها، فناقل الشائعة يتحمل كذلك مسؤولية العواقب الناتجة من نشرها.

ولكن هل تحمل اللقاحات بشكل عام أي خطورة وهل لها تأثيرات سلبية من خلال تجارب لقاحات سابقة؟

بشكل عام لا خوف من اللقاحات، ومن النادر جدًا أن يُسحب لقاح بعد أن تم اعتماده، وفي هذه الحالات تكون أسباب السحب ظهور أعراض نادرا جدا، وغالبا، لا تكون خطورتها عالية. ولذلك فإن اللقاحات ليست من الوسائل التي نخاف منها. ولا بد أن نعلم أن الأعراض الجانبية للأدوية البسيطة مثل المضادات الحيوية تعتبر أخطر من الأعراض الجانبية للقاحات.

أما اللقاحات وعلى مدار عشرات السنين، ورغم أن هناك دراسات كثيرة حاولت ربطها بأمراض معينة إلا أنها أثبتت جدواها على مدى السنين. وتشير الدراسات إلى أن اللقاحات تجنّب العالم حوالي 6 ملايين وفاة سنويا.

طبعا من نافل القول إن اللقاحات قبل الترخيص لها لا بد من التحقق من سلامتها وفعاليتها وهذا تم إثباته على عشرات الآلاف من الناس خلال التجارب السريرية، واليوم بعد أكثر من شهرين من استخدام اللقاحات على الواقع وبعد أكثر من 200 مليون جرعة هناك دراسات واضحة تظهر فعاليتها العالية على أرض الواقع وسلامتها العالية.

هل ما زال هذا الوباء مجهولا بعد مرور أكثر من عام على التبليغ عن أول إصابة به في مدينة ووهان الصينية؟

لم نتم دراسة وباء في عام واحد كما دُرس هذا الوباء، وبالتالي تعلّمنا الكثير حول كيفية انتشاره، وتعلّمنا أنه يمكن باستخدام التباعد الاجتماعي والجسدي وارتداء الكمامات ونظافة اليدين والحذر من التجمعات السيطرة على انتشاره بشكل كبير. وتعلّمنا من تجارب العلاج ما هي الأدوية التي لها فعالية عليه وإن كان العلاج ما زال محدود الفعالية، وما زالت نسبة الوفيات بين الإصابات الشديدة مزعجة ومخيفة. وتعلّمنا أن اللقاحات فعّالة جدا.. وما زالت الأسئلة هي كيف نطور العلاج للحالات الشديدة حتى نقلل نسبة الوفيات، وما زالت الأسئلة لماذا الأعراض شديدة عند البعض وخفيفة عند البعض الآخر ولماذا مع الكبار أكثر من الصغار.

ما الدروس المستفادة من هذه الجائحة من وجهة نظرك؟

هناك دروس عالمية ودروس محلية. الدروس العالمية أن الإنسانية هي واحدة بغض النظر عن الحدود، والناس يشتركون في أشياء كثيرة وما يضر الفرد الواحد يضر الإنسانية جميعا، وبالتالي تجب زيادة التعاون بين الشعوب، في مجال الصحة وفي كل ما ينفع الناس. لا أحد في مأمن حتى يكون الجميع في مأمن.

أما على المستوى المحلي فأعتقد أن الدرس الأساسي هو أن علينا تطوير تقنية الأحياء الدقيقة والتقنيات الطبية والدوائية لنكون في عمان من الأوائل في التطوير والتصنيع والتصدير لهذه التقنيات، لأنه ستكون هناك جائحة أخرى في المستقبل ونريد العمل على أن لا نكون فيها مستوردين ولكن في الصفوف الأولى لتصدير هذه التقنيات وتطوير ما من شأنه التصدي للجائحة.

ومن طبيعة العمانيين الاستكشاف ومن طبيعتنا الاعتناء بالآخرين، وأرى أن لدينا القدرة على الإبداع في مجال تطوير التقنيات الطبية إذا كانت هناك استثمارات استراتيجية في هذا المجال، ويمكن أن نكون الأوائل على مستوى المنطقة وعلى مستوى العالم.

ومن الدروس المستفادة أنها أظهرت أهمية القطاع الصحي، وأي ضعف في هذا القطاع ظهر خلال هذه الجائحة لأنه أثر على جميع القطاعات الأخرى. وهنا نفهم أن القطاع الصحي من القطاعات الأساسية التي يجب أن يكون على أعلى المستويات وهو جزء أساسي من منظومة الأمن القومي.

ومن الدروس الإيجابية التي رأينها في هذه الجائحة أن جميع فئات المجتمع كانت ملتزمة بالإجراءات الاحترازية وهذا ما أدى في مرحلة من المراحل إلى السيطرة على الجائحة وعلى تجنب الكثير من الوفيات وهذا يدل على رقي الناس واهتمامهم بالمجتمع ككل.

هل تعتقد أن العالم يمكن أن يخرج من الجائحة متغيرا في سلوكياته وفي الكثير من عاداته؟

إما أن يتعلم العالم الدروس المستفادة من الجائحة وإما أنه بعد ثلاث أو خمس سنوات سينسى وتعود الأمور إلى ما كانت عليه أو يكونوا في مكان بين المكانين.

لكن المؤكد أن هناك دولا ستستفيد فقد تغيرت الكثير من الأفكار في طرق التعليم وفي طرق إدارة الاجتماعات والملتقيات وستتسارع في مجال استخدام التقنية الجديدة وستكثر التقنيات الصديقة للبيئة وكذلك الذكاء الاصطناعي.

وفي مجال استجابتنا للجائحة والتعامل معها؟

علينا بعد مضي عام على بدء الجائحة أن نقف ونراجع ما هي الإيجابيات في آلية تعاملنا مع الجائحة وما الجوانب التي يمكن تطويرها.

من وجهة نظري أن بين أهم الإيجابيات أن اللجنة العليا التي كانت تدير الأزمة ضمت في عضويتها مسؤولين من مختلف الجهات وليس فقط الجهات الصحية، وحضرت قطاعات مثل التربية والتعليم والاقتصاد والشرطة والإعلام وكذلك وزارة الخارجية، وجميع هؤلاء اشتركوا في صناعة القرارات التي قللت الضرر على كل المستويات. ومن الإيجابيات أننا رأينا تجاوبا جميلا من المجتمع، بنسبة عالية، مع قرارات اللجنة العليا. وكانت قرارات اللجنة تراعي الجوانب الإنسانية فلا تجد قرارات قاسية كما حصل في بعض الدول حول العالم.

أيضا، من الإيجابيات التي لا بد من الإشارة إليها هنا هي أن قرارات اللجنة كانت مرتبطة بشكل كبير بأحدث الدراسات وأحدث المعلومات العلمية وهذا أمر صعب في حد ذاته لأن المعلومات كانت تتغير بسرعة ولكن كانت قرارات اللجنة تواكب ذلك التغير وبشكل جيد.

هل كان في الإمكان أفضل مما كان؟

نعم. من الأشياء التي كان يمكن أن تعمل بصورة أفضل هي الفحوصات الموسعة للإصابات الخفيفة بهدف تقوية التقصي الوبائي والحجر للمصابين مما يقلل انتشار العدوى. كان يمكن عمل فحوصات أكثر ولكن غلاء أسعار تلك الفحوصات وتنافس العالم عليها جعل الكثير من الدول لا تستطيع إجراءها بالشكل الكافي. وهنا نعود للدروس المستفادة من الجائحة لتكون لدينا شركات محلية تصنع مثل هذه الفحوصات لتوفيرها بسهولة. أيضا فيما يخص اللقاحات لو استطعنا توفير لقاحات أكبر وبشكل أسرع ولكن هذا خارج عن السيطرة بعض الشيء حيث يعتمد على شركات خارجية للتصنيع.

أيضا بالنسبة للسفر، وأعتقد أننا وصلنا الآن إلى بروتوكول جيد للحد من الإصابات المستوردة عبر السفر، وأعتقد في المستقبل ستكون الاستجابة لتطبيق هذا البروتوكول أسرع مما حصل خلال هذه الجائحة. هناك دول أغلقت الحدود مباشرة مثل فيتنام واستفادت كثيرا بسبب سرعة الاستجابة.

ما نصيحتك للناس في هذه المرحلة من عمر الوباء؟

نصيحتي للناس هي أن عليهم أخذ اللقاحات، عليك أخذ أول لقاح يتوفر لك وفي أسرع وقت ممكن وبدون تردد أو انتظار. جميع اللقاحات المرخصة أثبتت فعالية عالية. وفي الحقيقة أظهرت الدراسات أن فعالية اللقاحات المختلفة متكافئة في الحماية من التنويم في المستشفى. أخذ اللقاح الآن أصبح واجبًا وطنيًا وواجبًا إنسانيًا حيث إن الشخص المحصن يحمي نفسه ويحمي المجتمع من حوله، وهو أسلم الطرق للخروج من الجائحة وفي أسرع وقت.

لكن ما مدة الحماية التي توفرها اللقاحات للإنسان وتحميه من الإصابة؟

في الحقيقة لن نعرف حتى تمضي هذه المدة.. ولكن المعلومات التي لدينا من المتعافين من الإصابات الطبيعية تشير إلى أن مدة الحماية ممتازة، وتتراوح بين 6 أشهر و8 أشهر وربما أكثر، ونعرف أن الحماية باستخدام اللقاحات مكافئة أو أقوى من الحماية بالإصابة الطبيعية ولذلك نتوقع أن تكون الحماية بين 6 و8 أشهر كحد أدنى وغالبًا أكثر من ذلك، ولكن لن نعرف الحقيقة حتى تمضي هذه المدة.

لقاح الحصبة ربما يقدم حماية أبدية.. لماذا لا يقدم لقاح كورونا حماية أبدية؟

فيروس الحصبة لا يتحور مثل الفيروسات التنفسية.. إذا أردت القياس فيمكن أن تقيس الأمر بفيروس الإنفلونزا، هذا الفيروس يتحور بشكل سنوي تقريبًا ولذلك لقاحاته تتغير باستمرار.

هل ستنتهي الجائحة أم ستتحول إلى مرض عادي وربما موسمي؟

متوقع مع الوقت أن تتحول الجائحة من أمر طارئ على العالم إلى فيروس موسمي كما هو الأمر مع الإنفلونزا الموسمية، ولكن لا أحد يعرف الفترة الزمنية التي نحتاجها حتى يتحول الفيروس إلى موسمي، نتوقع أن اللقاحات ستقصّر هذه الفترة الزمنية وتجعل الجائحة أمرًا أخف.

إذا نجح اللقاح وتم تطعيم أكثر من 60% إلى 80% من سكان العالم ففي الغالب ستنحسر الجائحة ويصبح الفيروس موسميا. وعلى أفضل التقديرات سيحصل هذا الأمر العام القادم، وكل دولة على حسب نجاحها في اللقاح.

هل تتوقع أن ينجح العالم في ظل بروز «قومية اللقاحات» وسيطرة دول بعينها على اللقاحات فيما أكثر من 60% لا يسمعون عن اللقاح إلا في نشرات الأخبار؟

إذا لم ينجح العالم في اللقاحات من المحتمل أن تستمر الجائحة لفترة طويلة من السنوات. والخطر كبير عندما يكون نصف العالم قد أخذ لقاحات بينما يتحور ويتطور الفيروس في النصف الآخر وبالتالي يشكل خطرا على العالم بأكمله.. ولكي تنجح اللقاحات لا بد من نشرها في جميع أنحاء العالم.