1597040
1597040
الثقافة

جلسة حوارية تؤكد إيجابيات العزلة على الفنان.. والنتائج ستظهر مستقبلا

01 مارس 2021
01 مارس 2021

الفن التشكيلي مواجها للأزمات والكوارث -

كتبت- شذى البلوشية -

أقامت الجمعية العمانية للفنون التشكيلية مساء أمس الأول جلسة حوارية بعنوان «الفن في الأزمات والكوارث»، ناقشت عددا من الجوانب الفنية بمشاركة كل من الدكتور بدر المعمري، والدكتورة أمل الإسماعيلية، والدكتورة نجلاء السعدية.

حيث ركزت الجلسة على ما عكسته الجائحة على الفن، وتأثيراتها المباشرة على الفنانين، وانطلقت الجلسة بتقديم الإعلامي خلفان العاصمي الذي قال: «يشكل الفن على مر العصور العلامة الفارقة، ويعتبر نوعا من التنفيس عن الحالة، وهو رافد في حلحلة الكثير من الأزمات».

وتحدث الدكتور بدر المعمري عن تعامل الفنان مع الأوبئة حيث قال: «الأوبئة بالنسبة للفنان قضية كبيرة، ولو أعدنا الموضوع للجانب الفلسفي لوجدنا الفنان ذاته يتعامل مع الخلود كما لو كان حلما، وتأتي الأوبئة لتوجد أمامه مشهد الموت، وهذا الشيء يعكس على الفنان الكثير في لوحاته وأعماله، تختلف النظرة إلى العمل الفني من مرحلة إلى أخرى، فلا يمكن أن نقول: إن الفن التشكيلي عندما واجه «الطاعون في القرن الرابع عشر» كمواجهة الفن التشكيلي لكورونا في القرن الحادي والعشرين، حيث كان الفنان في القرن الرابع عشر كمن يعمل توثيق للحالة، ولكن في العصر الحديث وجد الفنان الكثير من أدوات التوثيق وأصبح دوره تجاوز مرحلة التوثيق بأعمق بكثير، مثال ذلك في القرن العشرين تعامل الفنان مع الإنفلونزا الإسبانية حيث ظهرت المدارس الفنية بعد مرحلة الإنفلونزا الإسبانية التفكيكية تدعو للعبثية، وحالة الإنسان بائسة ظهرت على أعماله وتوجهاته، ولكن يمكن القول: إن مرحلة الأوبئة ليست دائما بائسة، حيث إنها قد تكون مرحلة لالتقاط أنفاس الفنان، فيبتعد عن العرض الأوتوماتيكي المعتاد ويراجع نفسه».

أعمال فنية «كورونية»..

واستعرضت الدكتورة أمل الإسماعيلية أثناء حديثها أهم وأبرز الأعمال الفنية العالمية في جانب تصميم المجوهرات حيث قالت: «هناك عدة رسائل من الفنانين الذي عبروا عن كورونا، اخترت ثلاثة أعمال للمجوهرات المعاصرة، أولها قلادة للفنانة الإيطالية أناميليا زانيليا، حيث أثرت الجائحة على إيطاليا وخرجت الأمور عن السيطرة فيها، ولخصت الفنانة تلك الحالة من خلال رمز للكائن الغريب في القلادة التي صممتها، واللون الأحمر رمز للموت إثر هذه الجائحة، ثانيا تجربة أخرى لفنان ألماني يدعى بيتر، رمز لجوجل ماب، في عمله الذي يحمل عنوان «موقعي صار هنا»، وهو تعبير للمكان، أو دلالة لبقاء الشخص في مكان واحد، ثالثها فنانة من السويد قدمت عملا فنيا أعطت فيه جانبا إيجابيا للجائحة من خلال تلطيف الأجواء العامة، متمثلا ذلك في عصفور استطاع العيش بسلام مع أجواء خالية من التعكير».

وتحدثت الدكتورة نجلاء السعدية حول الجانب الإيجابي الذي سعى من خلاله الفنان إلى أن يكون عونا للمجتمع في ظروف الأزمة العالمية حيث قالت: «الفن هو عبارة عن علاج، وهو حوار الشخص مع النفس أو مع غيره، وفي كورونا كانت العزلة حادة، وأثرت على الجميع ولكن كانت العزلة أصعب على الطفل، والفنان كان له دور في محاورة الطفل، حيث إنه استطاع أن يقدم صورة بصرية لجميع الجوانب المتعلقة بالجائحة، وقدم صورة للفيروس شكلا ولونا، وساهم أيضا في سبل التوعية لا سيما للطفل الذي قد يجد صعوبة في فهم هذه الجائحة وأثرها، والصورة هي الوسيلة الأبلغ للوصول إلى مستوى الطفل وتفكيره».

وقال الدكتور بدر المعمري خلال الجلسة أيضا: «الفن حالة فريدة، وهو حالة مختلفة عن أشكال الإبداع الأخرى، حيث إن مجتمع الموسيقيين، ومجتمع الدراما والسينما، هي مجتمعات إبداع جماعي، لا يمكن أن يكون فرديا، بينما في الفن التشكيلي الفنان يستطيع العمل منفردا ومنعزلا، وهذا حظ الفنان في ظروف الجائحة والعزلة، وأسهمت العزلة بشكل مباشر في مراجعة الأشخاص للتقنيات التي يعمل بها بعض الفنانين، وإمكانية مراجعة جودة أعماله لاسيما أولئك الذين يقدمون أو يشاركون بمعارض سنويا».

إيجابيات الجائحة..

واتجه حديث الدكتورة أمل للجانب الإيجابي للجائحة حيث قالت: «يمكننا النظر إلى الجائحة إذا أخذناها من جانب إيجابي، حيث فتحت المجال للمعارض الافتراضية التي أظهرت بعض الفنانين للجمهور، ولعلنا نضع مثالا لمعرض صاحبة السمو السيدة ميان بنت شهاب بن طارق، الذي كان يدعم التعليم للأطفال، ومردود المعرض كان كبيرا أيضا».

فيما اتجه حديث الدكتورة نجلاء إلى جانب الاهتمام بالتكنولوجيا التي أسهمت في تقريب العالم، ولم تعق عملية المشاركة والتفاعل بين الفنانين رغم قيود السفر والحركة، حيث قالت: «الجائحة فرضا تحولا رقميا للعالم، وهذا ما ساعد الفنان من ناحية بحثه والورش التي يقدمها ويشارك فيها، فأنا تمكنت من السفر حول العالم والتجول في المعارض الفنية من خلال العالم الافتراضي، كما أتاحت العزلة للفنان الفرصة للإنتاج والتفاعل والتواجد مع العالم الخارجي، وكانت إيجابية من خلال التعرف على أفكار ورؤى جديدة».

وأضاف المعمري من خلال مداخلته حول المعارض الخيرية جيث قال: «أعتقد أنه آن الأوان أن يكون هناك حراك فيما يتعلق بالمعارض الخيرية، لا يجب أن يتوقف الأمر على المؤسسات بل يتعدى ذلك بشكل فردي بالنسبة للفنان، وهي فكرة بالغة الأهمية، أن ننتقل من مرحلة انتظار المؤسسات، والتحول نحو المبادرات الفردية لدعم الفن التشكيلي في عمان».

وحول الثقافة الفنية قالت الدكتور نجلاء: «التكنولوجيا فرضت علينا الفن في داخل المنزل، وعلى العكس تماما الجائحة أسهمت في تثقيف الجمهور من حيث توافر الوقت لدى الجميع، وأتيحت الفرصة للكثير المشاركة في الورش والدروس متخصصة».

تجارب فنية..

واستعرض المشاركون في الجلسة الحوارية تجاربهم خلال فترة العزلة التي فرضتها الجائحة حيث تحدثت الدكتورة أمل عن تجربتها الشخصية وقالت: «أنا بصدد عمل معرض شخصي يعبر عن كوفيد 19 سيرى النور قريبا».

واستعرضت الدكتور أيضا مشاركتها الأسرة بالأعمال الفنية من خلال عمل لوحة «موندريان» على واجهة المنزل بمشاركة أفراد أسرتها، حيث استمر العمل مدة شهرين، وكانت نتائجها إيجابية.

فيما استعرض الدكتور بدر تجربته خلال تلك الفترة حيث قال: «امتلك أستوديو خزف في بيتي، وأصبح هو المتنفس وقضيت فيه الوقت الأكثر، ولم أشعر بقيمته إلا في مرحلة كورونا».