1590612
1590612
عمان اليوم

رحلات المغامرات.. تجربة لاكتشاف كنوزنا السياحية والترويج لها

27 فبراير 2021
27 فبراير 2021

كيف تأثرت بجائحة كورونا؟

استطلاع - وردة بنت حسن اللواتية -

بدأ ينتشر منذ فترة نوع جديد من السياحة الداخلية، وهي سياحة المغامرات، التي تشمل المشي في المسارات الجبلية أو اكتشاف الكهوف أو الغوص وغيرها من الرحلات ذات الطابع نفسه، لاكتشاف مناطق سياحية جديدة في السلطنة، ولاقت إقبالا من الجنسين، حتى صار الآن هناك شركات مختصة في هذا المجال.

وفي هذا الاستطلاع سنعرف من المشاركين في هذه المغامرات الفائدة التي تعود إليهم منها، وكيف يكون استعدادهم لها، وهل ساهمت جائحة كورونا في زيادة الإقبال عليها لعدم قدرة الناس على السفر للخارج كالسابق؟

على مدار السنوات الخمس الماضية بدأت تجربة راشد الصلتي في المشاركة بالرحلات الداخلية في السلطنة، وكذلك في التجمعات الشبابية التي تنظمها الفرق الرياضية، حيث اكتشف أماكن سياحية مميزة مِن خلال المسير أو المغامرات الجبلية والشاطئية، وفي الأودية.

ويوضح: الاستفادة كانت على مستوى عال من خلال التعرف على الأماكن الجميلة، والثقافات المختلفة، وكذلك بممارسة بعض الرياضات التي تنظمها الفرق الأهلية بالمسير، كما أن رياضة التسلق والنزول بالحبال كانت تجربة مميزة جدا. وحول ما إذا تم تدريبه على كيفية تسلق الجبال، أجاب: نعم، كان التدريب في البداية في كهف سعال ( بولاية بدبد ) وارتفاعه ليس بالكثير، حيث تدربنا عدة مرات، بعد ذلك تمكنت مِن النزول بالحبال للمرة الثانية في جبل شمس مسافة ١٧ إلى ٢٥ مترا تقريبا أو أقل، وبعدها في وادي حاور بولاية وادي بني خالد، وكانت تجربة النزول بالحبال في الشلالات مميزة.

أما بخصوص جائحة كورونا، فقد ساهمت كثيرا بزيادة إقبال المشاركين على هذه الأنشطة الرياضية أو أنشطة المسير الحر والاكتشافات، وزيارة الأماكن السياحية والطبيعية في السلطنة؛ وهذا لوحظ مِن خلال زيادة عدد الفرق الرياضية لمثل تلك الأنشطة كالمسير والتخييم ورياضة نزول وصعود الجبال بالحبال، وأيضا زيادة أعداد المشاركين الذين انضموا إلى هذه الفرق، وخاصة في محافظة مسقط. كما أن هذه الفرق ملتزمة بالاشتراطات الصحية، ونلاحظ تجاوب المشاركين مِن خلال التباعد وارتداء الكمامات وأيضا التعقيم.

ويؤكد راشد أن السلطنة تحتاج إلى تسويق سياحي، فأغلب العمانيين لا يعرفون عن هذه الأماكن الجميلة إلا عن طريق برامج اليوتيوب للسياح الأجانب، مثل الفرق الكويتية للاستكشاف، الذين استكشفوا مناطق متعددة في السلطنة وخاصة جنوب الشرقية في سلاسل الجبال الممتدة حيث المناظر الخلابة للأودية والكهوف، وهناك أماكن أخرى جميلة في مختلف مناطق السلطنة.

لذا أقترح أن يقوم ناشط في وسائل التواصل ومعروف لدى السلطنة وخارجها بالتطوع لتوصيل الرسالة أو ينشر مقاطع الفيديو عن طريق السناب شات للتعريف بالمناطق السياحية بشكل مميز.

بدأت فكرة المشاركة برحلات المغامرات عند الحسن العزري عندما اجتمع فريق من الأصدقاء على حب الرحلات البرية وممارسة هواية المسير على الرمال والصعود إليها.

ويقول: التدريب كان جزءا أساسيا في الفريق، فمن الضروري أن يكون السائق على دراية تامة بكيفية التعامل مع المركبة في المناطق الرملية، كما يجب عليه الإلمام بقواعد الأمن والسلامة، ليتفادى أي خطأ ممكن أن يحصل أثناء القيادة، لذا كانت الاستفادة كبيرة من رحلاتنا، حيث إننا أصبحنا أكثر خبرة بكيفية التعامل مع أنواع المركبات، وما هي الاحتياجات اللازمة لممارسة هذه الهواية.

كما أن المشاركة فيها فرصة جيدة للتعرف على أشخاص من مختلف الثقافات والخلفيات العلمية والعملية، مما ساهم في تبادل المعلومات والأفكار بين المشاركين. واقتصرت الصعوبات على تزويد المركبة ببعض المستلزمات، كالترفيع البسيط، وتركيب إطارات ذات نوعية خاصة، وصعوبة أخذ تصاريح للمركبات، وأيضاً تعرضنا لظروف مناخية صعبة كهبوب الرياح الموسمية في المناطق الرملية مما يؤدي إلى صعوبة الرؤية.

وأضاف: بعد منع السفر، انتعشت السياحة الداخلية وكانت القيادة الرملية واحدة من المناشط التي شهدت إقبالا كبيرا، كون عمان تتمتع بمناطق رملية مميزة ومناخ جيد خصوصا في فصل الشتاء. فعمان غنية بالمواقع الجغرافية المميزة التي تحتاج إلى الترويج بالتصوير والنشر، واحتضان الفرق التي تقوم بهذه الرحلات. كما كان الجميع يمارس التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات، أيضا لا يسمح للأشخاص المصابين بالأعراض أن يشاركوا في الرحلات حتى يثبت خلوهم من المرض.

يقول علي الغيثي: بدايةً لم تكن لدي أي فكرة عن رحلات المسير أو تسلق الجبال ولكن بعد طرح الموضوع عليّ من قبل أحد زملائي وإصراره عليّ بالمشاركة لبيت رغبته، وبما أنني أمارس الرياضة بشكل مستمر لم يكن لدي أي شك في قدرتي على كسب الرهان رغم معرفتي بمقدار الجهد المتطلب في مثل هذه المغامرات.

إضافة إلى تجاربي السابقة التي ساهمت بتكوين رصيد من المعرفة بمثل هذه المغامرات ومنها رحلتي إلى رملة بدية ورملة كحل في ولاية محضة، ولكن ما يختلف هو المدة الزمنية الطويلة والجهد الكبير المتطلب في مثل هذه المغامرات. ومما شجعني أيضا على قبول الدعوة لخوض هذه التجربة الوضع الصحي الذي كان يمر به العالم (جائحة كورونا) وعدم قدرتي على السفر إلى الخارج.

لذا خضت التجربة رغم الصعوبات التي واجهتها والتي تمثلت في حرارة الجو وقسوة التضاريس، وأضف إلى ذلك الوضع الصحي الذي كان يحتم عليك الالتزام والتقيد بالبروتوكولات الصحية في المجموعة كلبس الكمام والتباعد الجسدي، ولكن شعرت بمتعة لم أشعر بها خلال رحلاتي السابقة، فعندما تتجاوز الصعوبات وتصل إلى هدفك يغمرك شعور بالفرح والسعادة.

وتعلمت من هذه الرحلة حب المغامرة وحب الاستطلاع والاستكشاف، وانتهت المغامرة وكسبت الرهان، فعدت إلى أصدقائي ونقلت لهم تجربتي وشجعتهم على خوض مثل هذه التجارب، وأخبرتهم بأن عمان بقعة قد حباها الله تنوعاً جغرافياً لن تستطيع وصفه إلا إذا سبرت أغواره.

مراكز تدريب

تحب منى بنت خلفان الشيبانية منذ صغرها المغامرات وتسلق الجبال، وفي عام 2012 تعرفت على مجموعة تقوم بالمشي الجبلي ورافقتهم في رحلتهم، ومنذ ذلك اليوم بدأت تشارك في مثل هذه الرحلات، وتوضح قائلة: هذه المغامرات ليس فقط نكتشف فيها أماكن جديدة في بلادنا، ولكن لها جانب بدني حيث تقوي لياقتنا البدنية، وأيضا جانب روحي، حيث أخرج من صخب المدينة إلى جمال الطبيعة، كما أنها تعتبر نوعا من تحدي النفس، وهذا يساعد في تفجير طاقات الإنسان، ففي كل مرة يريد أن يقوم بتحدٍ أكبر من المرة الماضية.

أما الصعوبة التي تواجهنا فهي عدم وجود مركز متخصص لتدريب الهواة تقنيات تسلق الجبال، وكيفية استخدام المعدات، فحاليا يكون التدريب عن طريق الفرق التي نذهب معها، أو من خلال أناس لديهم خبرة في هذا المجال.

وتؤكد منى أن الإقبال على سياحة المغامرات الداخلية زاد مع جائحة كورونا، لعدم قدرة الناس على السفر، وأيضا وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في الرواج لها من خلال نشر صور لمناظر خلابة في السلطنة.

لكن قبل الترويج لهذه السياحة يجب علينا أن نقوم بتأهيل وتجهيز المكان، كتوفير دورات المياه والمقاهي الشعبية، وتوفير مراكز تدريب لأن الأمر يتعلق بسلامة الأشخاص.

وتختتم منى حديثها قائلة: الإنسان يجب أن يعطي نفسه دائما فرصة ليجرب ويستكشف، لأن طاقاته غير محدودة، ولا يحاول أن يضع عقبات في طريقه.

أما فتحية بنت حامد الرصادية فكانت تغبط استمتاع شباب عائلتها بالطبيعة أثناء مشاركتهم في رحلات تسلق الجبال وهي لا تستطيع، وأخذت في 2014 تبحث في الفيسبوك عن هذه الرحلات، ثم بدأت تشارك عائلتها منذ 2015م، بعد أن تدربت على أيدٍ عمانية لها خبرة وشهادة في هذا المجال.

وتشير إلى فائدة التسلق قائلة: شخصية المتسلق تتغير، فيصبح أكثر صبرا وانضباطا في الوقت، ويحترم الطبيعة، وكذلك من ناحية الروحانية يبدأ بالتأمل والتدبر في الكون، مما يجعل الشخص أكثر تواضعًا، وأكاد أشبهها بالحج أو العمرة، لأن كلنا سواسية في مركب واحد، فالكل هدفه الوصول بسلام والاستمتاع. أما الصعوبة فهي عدم وجود بعض العلامات في المسارات، وأيضا عدم توفر بعض الخدمات مثل دورات المياه.

وتؤكد فتحية أن جائحة كورونا زادت كثيرا من الإقبال على هذه الأنشطة، لذا من الضروري التسويق أكثر لسياحة المغامرات، وتقول: السلطنة أكرمها الخالق عز وجل بطبيعة خلابة، ويمكن استثمارها بطريقة صحيحة، مع مراعاة توفير الخدمات لكافة الأعمار، والأهم وجود مسعف حياة مع هذا الفريق.

فرق غير مسجلة

حنان المسقطية مؤسس ومالك شركة One Roof للسياحة والمغامرات تخبرنا عن فكرة إنشاء شركة مختصة برحلات المغامرات، فتقول: تشجعت بسبب حبي للمغامرة وطبيعة السلطنة الخلابة، ومنها شجعني أخي وبعض من الأصدقاء بأخذ الزوار من الأهل والأصدقاء برحلات داخلية، خاصة أن والدي كويتي، والكثير من أصدقائي وأهلي يأتون للسلطنة لزيارتي، فبدأت معهم وبتشجيعهم.

وحول كيفية اختيارها للمسارات والأماكن، أوضحت: بين حين وآخر آخذ عددا من أفراد الفريق ونذهب لاكتشاف المناطق، فنتمشى ونستمتع، ونستكشف وندرس المكان، لنرى هل هو مناسب للجنسين؟ هل هو مناسب للعوائل؟ مدى خطورة المكان؟ وما هي الأدوات التي سنحتاجها؟

خاصة أننا حريصون على التأكد من أن أعضاء الفريق مدربون على الأنشطة التي نقدمها للزبون، ويهمنا الحفاظ على سلامة المشتركين، فعند التسجيل لرحلة مع فريقنا، نطلب من المسجلين بتعبئة استمارة لمعرفة مستواهم الرياضي، والأمراض التي يعانون منها، وفصيلة الدم، وغيرها من الأسئلة المهمة في حال حدوث أي حادث لا سمح الله.

وعن مدى تأثر نشاطهم بجائحة كورونا، أجابت: للأسف مع كورونا توقف العمل تماما، والحمد لله بعد إزالة الحظر، عدنا للعمل ولكن بطريقة مختلفة، فمثلا الالتزام بالاحترازات الصحية شيء أساسي وجزء من نجاح الشركة، خاصة أن الإقبال زاد على هذه الرحلات.

وأضافت: من الصعوبات التي تواجهنا ظهور الكثير من الفرق غير المسجلة كشركات سياحية، وأيضا قلة موردي أدوات التخييم والرحلات، والبعض يفضل الاشتراك في رحلات أرخص بدون النظر إلى الخدمات التي توفر له، من تجهيز كامل للرحلة، ووجود مختصين في التسلق، وجودة الطعام، وغيرها من التفاصيل.

وبالطبع، نحتاج إلى تسويق لهذا النوع من السياحة، وكذلك توفير خدمات أساسية كالإسعافات الأولية في المناطق البعيدة، وحمامات، وغيرها لتشجيع السياح والمواطنين على السياحة الداخلية، فعمان بلد جميل والسياحة تنقصها هذه الخدمات.

مغامرات تعليمية

ويقدم عبدالعزيز بن محمد الحضرمي (شريك مؤسس لشركة الاتجاه الخامس) نوعا آخر من الرحلات، وهي رحلات المغامرات لكن ذات طابع تعليمي، ويوضح: الفكرة بدأت عندما كنا في المرحلة الدراسية، حيث إن النشاط الكشفي كان له دور كبير في صقل مهاراتنا وقدراتنا، وخلال السنوات الماضية قمنا بتطوير مهاراتنا بشكل احترافي أكثر، حيث قدمنا دراسات دولية في مجال التدريب والتطوير والتنمية البشرية في عدة مجالات، ومن ثم جاءت فكرة دمج المغامرات بالمهارات التعليمية والتعليم بالممارسة، وقمنا بإنشاء أول برنامج تعليمي ترفيهي من نوعه في السلطنة كشركة عمانية 100%.

ويتم اختيار المواقع من خلال دراسة البرنامج المنفذ واحتياجاته، ومن ثم قمنا بزيارات ميدانية لمعظم المواقع التي نمارس بها نشاطاتنا، مع مراعاة سلامة الموقع وخلوه من المخاطر، وأيضا توفر الخدمات الأساسية وقربها من مواقع التخييم مثل إرسال الهواتف، ووجود المستشفيات، لاسيما أن بعض برامجنا يكون المشاركون فيها من طلاب المدارس.

وتابع قائلا: لذا نحرص على سلامة المشتركين، حيث تم تدريب جميع المدربين على مهارات المشي الجبلي والمغامرات بشكل عام، وأما بالنسبة للإسعافات الأولية فهي في مقدمة المهارات التي سعينا من خلالها للحصول على شهادات ودورات معتمدة. وهناك قسمان من السلامة يتم اتباعها في برامجنا، الأول عند تسجيل المشاركين، حيث يتم التأكد من أن جميع المشاركين لا يعانون من أي أمراض أو إصابات دائمة، وإن تواجد أحد المشاركين يتم معاملته بحرص خلال المغامرة أو البرنامج بشكل عام. أما القسم الثاني فهو خلال تنفيذ البرنامج، فكل نشاط ينفذ يتم التأكد من توفر جميع ما يلزمه لضمان سلامة المشاركين مثل صندوق الإسعافات الأولية، وهناك معدات مختلفة تعتمد على حسب نوعية النشاط.

ويقول راشد: لن ننسى اللحظات الأولى منذ تلقينا خبر انتشار فيروس كوفيد-19 والذي في البداية ظننا أنها سوف تكون فترة بسيطة وعلينا التكاتف لنتجاوزها بسلام، ولكن مع مرور الوقت اكتشفنا أن علينا التعايش خلال هذه المرحلة، وهذا قد دفعنا للتوقف سنة كاملة عن الأنشطة والبرامج لسلامة الجميع، ولكن من جهة أخرى فهناك تبعات مالية خلال التوقف عن العمل، مثل إيجار المقر وبعض المصروفات. وعندما عدنا لنشاطنا حرصنا على الالتزام بالإجراءات الصحية، فقمنا بتقليص أعداد المشاركين، وتوفير المستلزمات الصحية لتفادي انتشار الفيروس مثل الكمامات والمعقمات، وأيضا يتم فحص درجة حرارة المشاركين قبل كل برنامج. وأكبر تحدٍ لنا هو أن معظم برامجنا تنفذ في الخلاء، وأيضا تعتمد بشكل كبير على حضور المشاركين للبرامج.

وحول مدى أهمية التسويق لهذا النوع من السياحة؟ قال: هناك الكثير من محبي المغامرات والمصورين قاموا بتغطية المواقع السياحية بشكل جميل، وعلى الجهات المعنية تبني هذه التغطيات ونشرها عالميا للتسويق لها بشكل أوسع.