شمسة الريامية
شمسة الريامية
أعمدة

البحث العلمي أساس التقدم

23 فبراير 2021
23 فبراير 2021

شمسة الريامية

مع كل دراسة يقدمها عمانيون نشعر بالفخر والتفاؤل بأن بيننا مواهب وعقولًا تمتلك المعرفة والقدرة على البحث والابتكار، رغم أن نتائجها قد لا تجد الاهتمام الكافي في الاستفادة منها.. ويكبر فينا الأمل بأن نرى تلك الدراسة تطوف العالم وهي تحمل اسم باحث عماني كما تصلنا نتاجات الآخرين.

نتفق جميعًا على أن البحث العلمي أداة أساسية للتطوير واستشراف المستقبل وبقدر الاهتمام بهذا العنصر الأساسي يكون التقدم والازدهار.. فعظمة الدول تكمن في امتلاك شبابها المهارات العلمية والفكرية التي تمكنهم من المساهمة في بناء مجتمعاتهم وتطورها، ويحقق لهم الرفاهية في الوقت نفسه، ولنا في البلدان المتقدمة أكبر دليل وهي تكتظ بمراكز الأبحاث وبيوت الخبرة تغذيها عقول تم تمكينها من التعليم، لتكون قادرة على البحث والابتكار، فارتقت بمشروعاتها واقتصادياتها.

في تلك الدول يتصدر الابتكار والبحث العلمي الميزانيات وقائمة الإنفاق، ليس من قبل الحكومة فحسب بل إن الدور الأكبر يقوم به القطاع الخاص الذي يؤمن بدور البحوث والابتكارات في رقيه واستمراره، وفي المقابل لم يجد البحث العلمي ما يستحقه من الاهتمام والإنفاق في دول أخرى، اعتادت على استيراد كل شيء معلبا من الخارج، حتى الأفكار والحلول لمشكلاتها، وكثيرا ما يكون نهايتها الفشل كونها لا تتناسب مع طبيعتها وطبيعة سكانها.

وفي السلطنة بدأ الابتكار والبحث العلمي يلاقي اهتمامًا لكنه لم يتعد حدوده الدنيا وهذا تعكسه النتائج المتواضعة ومرد ذلك إلى ضعف التمويل حيث تشير بيانات إلى أن نسبة الإنفاق على هذا القطاع قد لا تصل إلى 0.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وطبعًا مثل هذه المخصصات المتدنية لا يمكن أن تبني أساسًا يعتمد عليه في التطوير وبناء اقتصاد متين قائم على المعرفة والبحث والابتكار.

واللوم هنا ليس على الحكومة في ضعف تمويل البحوث العلمية والابتكار، كان لا بد من القطاع الخاص أن يلعب دوره الطبيعي في هذا الجانب، باعتباره شريكًا أساسيًا في التنمية، ففي المجتمعات التي تؤمن بأهمية البحث العلمي يتحمل الثقل الأكبر في التمويل، ومن ذلك على سبيل المثال في كندا لا يتجاوز التمويل الحكومي عن 40%، و30% في الولايات المتحدة، وأقل من 20% في اليابان.

مشكلة البحث العلمي في بلادنا لا تقف عند التمويل، فهناك جانب مهم يتعلق بربط مخرجات البحث العلمي بالإنتاج، وإذا كنا قد شرعنا في تحويل بعض البحوث ومشروعات التخرج إلى شركات ناشئة، فإنه لا يزال دون الطموح لمحدودية ما تتم الاستفادة منه. ولا بد من خطة واضحة وتنسيق أكبر بين الجامعات والمراكز البحثية، حتى تجد نتاجات الباحثين طريقها للتطوير والبناء عليها، خصوصا في المجالات العلمية والاقتصادية.. كما أن هناك حاجة إلى منصة إلكترونية تجمع شتات ما ينجز من بحوث ودراسات لتسهيل مهمة الاطلاع على محتواها المعرفي.

لدينا الكثير من المواهب والعقول التي يمكنها أن تبدع وتنتج، ولكنها تحتاج إلى من يأخذ بيدها، من يدعمها ويهتم بنتاجها وابتكاراتها وكل ذلك تنعكس نتائجه على المجتمع بأكمله.

ومع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير، يكبر الطموح في أن يجد البحث العلمي والابتكار ما يستحقانه من اهتمام في مرحلة مهمة من نهضة عمان المتجددة بما يسهم في تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية 2040.

وتتضمن هذه الاستراتيجية ما يؤكد الاهتمام من خلال سعيها إلى رفع مخصصات البحث العلمي لتكون هذا العام في حدود 0.5 بالمائة من الناتج المحلي إلى أن تصل 2 بالمائة في عام 2040.