1585502_228
1585502_228
الثقافة

د. حسن ناظم: ((وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي))

09 فبراير 2021
09 فبراير 2021

في أمسية افتراضية نظمتها جامعة السلطان قابوس -

انحسار دور الجامعة في إيجاد الحركات الأدبية والفكرية عامل مؤثر في تراجع الإنتاج النقدي

العراق بلد غني بآثاره وفنه ومواقعه السياحية يتحدى الصراعات لإيجاد بيئة تؤمن بتعددية الثقافات المتواجدة فيه كتبت: خلود الفزارية نظمت جامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية حوارا افتراضيا استضافت فيه الدكتور حسن ناظم وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي في أمسية افتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ناقشت "الثقافة العربية في ظل التحديات الراهنة"، وأدار اللقاء الدكتور سعيد السيابي وعبدالرزاق الربيعي. وأوضح الدكتور حسن ناظم أنه لا بد من الاعتراف أن دور الجامعة في إيجاد الحركات الأدبية والفكرية في العالم العربي قد انحسر كثيرا، وأسباب ذلك عديدة ومتنوعة، ففي يوم ما كانت الجامعة هي الموئل في تجديد الأدب والفكر ولظهور مفكرين كبار في الأربعينات، كما في مصر وسوريا والعراق ولبنان حيث كانت البلدان الأساسية التي صاغت حركات التجديد في الوطن العربي في الفكر العربي، مستشهدا بدار المعلمين في بغداد باعتبارها الحاضنة التي فرخت تجديد الأدب في الشعر الحر مع بدر شاكر السياب وزملائه وغيرهم، وفي مصر جامعة القاهرة منذ طه حسين والمرحلة التي سبقته، فكانت هذه الجامعات المكان الذي ينظر إليه على أنه بناء يتأسس فيه أدب جديد ونقد جديد وسجال ونقاش كبير بين الشرق والغرب وتفاعل مع ما كان ينتج في العالم الغربي وكيف يسوق على مستوى المنهجية والرؤى وغير ذلك. ويتابع: إلا أن الانحسار لهذه الوظيفة في الجامعة اطرد في العالم العربي، فالجامعات على تباينها بين كونها مؤسسات حكومية وغير حكومية كفت عن إنتاج أو تهيئة بيئة فكرية، ففي العراق ومقارنة بين أحوال الجامعات منذ الثمانينيات بدأ انحدار التعليم وكانت هناك بقية من الأساسيات والبنى المؤسساتية التي ما زالت تعمل بطريقة مقبولة لتنتج أجيالا في النقد وحركة الفكر، صعودا إلى كارثة التسعينات، ثم دخولنا في عالم الاحتلال منذ عام 2003 وحتى اللحظة، مضيفا أن هناك أطرادا في تدهور التعليم والجامعات، وهذا انعكس على مخرجات العملية التعليمية، وهذا الانحسار أثر على طبيعة ما ينتج من أدب شعرا ورواية ونقدا وغير ذلك، وهذه المسألة خاصة بالعراق، ولكن بحسب تتبعي لحركة الجامعات فهذا الانحسار يعتبر عاما، لأن دور الجامعة تغير كثيرا عما كان عليه، أصبحت المؤسسات تعليمية فحسب، لا تسهم في حركة التجديد وإنما تنتج كوادر تعليمية خدمية، وهذا النوع من الإنتاج امتد ليشمل الحياة العادية، فالجامعات كفت من أن تكون بيئة صالحة لتجديد الأدب والإبداع. وعن القراءات التي أثرت فيه يشير ناظم أنه ولد في بيئة ثقافية بالكوفة يفتح فيها المرء عينيه على القرآن والبلاغة وشعر الجواهري والمتنبي، مبينا: هذه النصوص الكبرى فتحت عيني عليها منذ المراهقة فظلت عالقة، وأثرت في طبيعة التكوين والذائقة اللغوية، وفي عشق اللغة العربية وآدابها، وطبيعة التوجه منذ البدء، حيث سلحتنا بلغة سليمة ونطق فصيح للغة العربية، وبإمساك معين بناصية اللغة إلا أنها لم توفر لنا منهجية للاقتراب من هذه النصوص، كنا نحبها ونتيم بها ونحفظها عن ظهر قلب، وجاءت المنهجية لاحقا بعد أن اطلعنا على كتب النقد الغربية ولنتعلم لغة أخرى تسعفنا لتعلم ما يستجد، وما وفرته المناهج هي سبيل جديد للنظر فيما تعلمناه سابقا من نصوص، فالقراءات الأولى محكومة بهذه النصوص الكبرى ولكن النظرة إليها تتجدد كل يوم، كما أتذكر الكثير من المواقف في أيام المراهقة كعراقي، تعرضنا إلى هيمنة بين قطبين الجواهري وبدر شاكر السياب، فبدأنا بالشعر العروضي ثم الحر ثم قصيدة النثر. وعن دور الجامعة في تأسيس الحركة النقدية يوضح ناظم إلى أن الجامعات رغم تباين مقرراتها الدراسة لكن هناك نمطية وبطء في التواصل مع ما ينتج خارج الوطن العربي، وهناك مناهج نفسية وشكلية ومناهج متنوعة، لكنها لا تواكب مناهج الغرب، مضيفا أن المناهج في شيوعها تتخذ مسارات قد تحكمها السياسة، ولا نجد خطة مرسومة وواضحة لاستقدام مناهج غربية لاستخدامها على نصوصنا، فالمبادرات لا تقودها المؤسسات إلا فيما ندر. ويضيف: عن دخول البنيوية لا يمكن أن ننسب الأمر إلى جامعة بعينها، ونحن أمام مجموعة من النقاد والمترجمين يروجون لمنهج معين، وحين نتأمل ما شاع من المناهج النقدية لا نجد سوى البنيوية، ومنذ الستينات كان هناك منهج النقد الثقافي ولكننا لم نتنبه له، وله من الأهمية كمنهج للنقد الثقافي والدراسات الثقافية، ولكن سوق المنهج البنيوي وما بعد البنيوي من حركات تفكيكية ونحو ذلك، منوها بوجود جامعات تحرص على رصانتها، في طبيعة الأطروحات التي تنتجها تلك الجامعات، وفي العراق أيضا ما زالت الروح حية بفعل المبادرة الفردية وليس بفعل المؤسسات التي ما تزال تعاني من نقص كبير في كفاءاتها. وعن العراق كمركز رئيسي للثقافة العربية يوضح الدكتور حسن ناظم أن العلاقات الثقافية للعراق مع محيطه في قطيعة منذ عام 2003 إلى هذه اللحظة على نحو نسبي في مسألة التفاعل، وهي معضلة غمرتها السياسة وسببتها، وكان العراق منفتحا مع الوطن العربي ونلمس ذلك في حركة شاملة في التفاعل الأدبي والنقدي وردود الفعل عليها، والقطيعة أدت إلى تقطع هذه الوشائج وتتعافى أحيانا إلا أنني لم أجد أفضل وسيلة لاستعادة الروابط بين الثقافة والوطن العربي سوى أن نؤسس نشاط يتعلق بإنتاج الكتب وحاضنة بسيطة لتوجد بيئة تفاعلية شعرت من خلالها بإمكانية لاستعادة هذه الصلات، كما أن المناسبات الأخرى التي تقام لا تلبي الحاجة التفاعلية للصلات بين العراق والعالم العربي. ومما يؤسف له أننا نمر بمستجدات كجائحة كورونا التي لا تسمح بتطبيق الخطط إلا أننا نحاول تحدي العقبات، ولكن هناك مشكلة أخرى في مسألة التثاقف بين المجتمعات، لأن الشعوب العربية ذات ثقافات متنوعة، وحاليا بعد أن أصبح الدستور العراقي يؤمن بتعددية الثقافات المتواجدة فيه، وهناك تنوع غزير لم يكن منظورا في السابق، كتثاقف الأدب الكردي والعربي على سبيل المثال، أو في المغرب بتثاقف الأدب الأمازيغي بالعربي هناك أيضا، حيث كنا في السابق نتحدث عن وجود أدب عربي فقط دون الالتفات للغات الأخرى الحاضرة في مناطقنا، لذلك هناك وعي جديد يجب أن يكرس في طبيعة التثاقف. ويبين وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أن العراق بلد غني والتنوع في غناه ليس في عالم الثقافة البحتة ففي آثاره وفنه ومواقعه المتنوعة وسياحته وغير ذلك، وهذا ما تعنى به وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وهناك إمكانات هائلة وكبيرة وقعنا بين كماشتين بين ظرفين وصعوبتين، فهذا الاستثمار في الثقافة اقتصاديا يجب أن يتأسس على عقل منفتح يؤمن بالتعايش ويؤمن بالآخر، بلد يسعى إلى بناء نظام جديد يتحدى المصاعب والصراع لينتج استثمارا في الآثار والفن والثقافة، لذلك وجب وجود بيئة آمنة وتقبل للآخر، والإحصاءات تشير إلى عدد مخجل لمن يزور آثار العراق لأسباب دراسية وليست سياحية. وعن الجهود لاستعادة الآثار المسروقة يبين ناظم بأن الحكومة تعنى بأمن المسروقات والمنهوبات من آثار العراق إنما سرقت من النبش العشوائي وليس من المتاحف، وهناك أرض أثرية شاسعة في العراق، يجب السيطرة على الأراضي الأثرية، ونعمل المستحيل لمحاسبة المهربين في ورطة التعامل معهم، وهناك اتفاقات مع دول الجوار في مكافحة تهريب الآثار، وهناك عمل حثيث في الوزارة على استعادة هذه الآثار، نلاحق هذا الأمر واسترددنا بعضها، ونحاول استعادة البقية.