سالم العبدلي-01
سالم العبدلي-01
أعمدة

البشائر للحوم .. قصة نجاح أخرى

24 يناير 2021
24 يناير 2021

سالم بن سيف العبدلي

كاتب ومحلل اقتصادي

تتوالى قصص النجاح في قطاع الأغدية والأمن الغذائي وبين الفينة والأخرى نعيش فصول إحدى هذه القصص المثيرة والمفيدة والتي نفتخر بها جميعا، وعندما نروي هذه القصص ليس من باب المجاملة أو التفاخر وإنما من أجل أخذ العبرة والاستفادة ومعرفة أسباب نجاح هذه القصة دون غيرها، ففي علم الإدارة والاقتصاد فإن النجاح لا يتم بتوفر الموارد المالية فحسب وإنما هناك أسباب أخرى أهم من المال وهي الإرادة والعزيمة والأمانة والإخلاص في العمل والإدارة الناجحة والقيادة الفذة.

تحدثنا في مقال سابق عن قصة نجاح لشركة مزون للألبان والتي أصبحت الآن منتجاتها صديقة لكل أسرة في السلطنة واكتسبت ثقة المستهلك في زمن قياسي وأضحى المستهلك المحلي يكن لها الولاء، الشركة بدأت بإنتاج 20 ألف لتر يوميا قبل أقل من سنة ونصف ووصل الإنتاج حاليًا إلى 200 ألف لتر في اليوم والشركة تستهدف الوصول إلى مليون لتر يوميا وقطيع يصل إلى 25 ألف رأس من الأبقار الحلوب.

بدأت قصة البشائر قبل أقل من خمس سنوات وتحديدا في عام 2016 م عندما قرر فريق الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة الذراع الاستثماري في مجال الأمن الغذائي بالسلطنة وفي إطار تنفيذ واحد من مشروعاتها المعتمدة ضمن استراتيجية الشركة وبالتنسيق مع المختصين من مختلف المؤسسات الحكومية ذات العلاقة القيام بالبحث عن موقع لإقامة المشروع وتمت دراسة كل الخيارات والبدائل لمواقع مختلفة، وأخيرا وقع الاختيار على ولاية ثمريت بمحافظة ظفار لتكون مقرًا لهذا المشروع الحيوي المهم وذلك لعدة اعتبارات أولها توفر مساحات كافة وبعيدة عن التجمعات السكانية إضافة إلى توفر مخزون مائي لا بأس به وقرب الموقع من ميناء صلالة لسهولة استيراد وتصدير الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية الأخرى إضافة إلى قرب المشروع من مزارع الأعلاف.

تم وضع حجر الأساس للمشروع في فبراير من عام 2019م بتكلفة استثمارية تصل إلى 37 مليون ريال عماني على أرض مساحتها 9 كيلومترات مربع، وتسارعت عملية البناء واستيراد وتركيب الأجهزة والمعدات والتي تم توريدها من مختلف دول العالم، ونفذت الأعمال ورغم جائحة كورونا التي عصفت بالعالم منذ بداية العام المنصرم إلا أن ذلك لم يكن له تأثير كبير على تنفيذ الأعمال.

أطلقت الشركة الأسبوع الماضي أولى علاماتها التجارية بقطاع التجزئة في الأسواق المحلية تحت اسم «بشرى» وكان ذلك إيذانا ببدء عملية توزيع منتجات الشركة من اللحوم الطازجة بعد أن بدأت قبل سنة تقريبا بطرح منتجاتها من اللحوم الحية، تهدف الشركة إلى إيجاد صناعة حقيقة في السلطنة للحوم ومشتقاتها.

يتم تسمين الحيوانات الحية والتي تستورد من مختلف دول العالم لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر من خلال تغذيتها بالأعلاف الخضراء والجافة بعد حجرها والتأكد من سلامتها، هذا المشروع يعتبر فريد من نوعه من حيث تكامل عناصره وحجمه فهو واحد من أكبر الشركات المتخصصة في اللحوم الحمراء على مستوى المنطقة من حيث المساحة والسعة الاستيعابية والتي تصل إلى حوالي مليون و300 ألف رأس من الماشية.

سيوفر المشروع منتجات طازجة ومضمونة كما أنه يحتوي على مسلخ آلي متطور ومختبرات ومصنع لإنتاج بعض المنتجات كقيمة مضافة ومن المتوقع أن يساهم المشروع في رفع الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء بنسبة 10% في السنوات الأولى لتصل إلى حوالي 90% خلال السنوات العشر القادمة، ويدير المشروع كادر عماني وقيادات شابة ومؤهلة ومن المتوقع أن يوجد فرص عمل للمواطنين، كل هذه الحقائق والتي أصبحت واقعا ملموسا تجعلنا نفتخر بأننا نسير على الطريق الصحيح نحو أمن غذائي للسلطنة قد نكون تأخرنا قليلا إلا أنه أن تبدأ متأخرا خيرا من أن تظل تعتمد على غيرك في الحصول على غذائك.