1576629_228
1576629_228
الثقافة

ستموت في العشرين.. حياة نحو مستقبل مشؤوم!

22 يناير 2021
22 يناير 2021

فيلم سوداني على نتفليكس -

كتب - عامر الانصاري

تقف «سكينة» في طابور طويل من النساء والرجال، حاملة ولدها «مزمل»، قاصدة شيخ القرية السودانية ليرقي لها ولدها، فتضمن له مستقبلا خاليًا من المنغصات والآلام، تسيطر على أجواء المكان طقوس صوفية، فأحدهم يقف متجليًا يردد التسابيح، وفي كل تسبيحة يعد الأرقام رقمًا تلو الآخر، ليسقط مغشيًا عليه عند الرقم عشرين في الأثناء التي كان يرقي فيها الشيخ «مزمل»، لتتحول الرقية إلى نذير شؤم، حيث تدل الحادثة على وفاة «مزمل» عندما يبلغ العشرين! هكذا ابتدأ الفيلم السوداني «ستموت في العشرين» الذي يعرض على منصة «نتفليكس»، أحداث الفيلم، لتعيش «سكينة» خالية من سكينة البال، متوجسة خوفها على ولدها الصغير، فلا تسمح له باللعب مع الأطفال، ولا بمشاركتهم حفظ القرآن الكريم، ليتقلص هذا الخوف يومًا بعد يوم فيصير نحو الاستسلام للواقع المشؤوم، فلا ترى فائدة من تعليمه ولا الاعتناء به كثيرا فسيموت لا محالة عند العشرين من عمره، وربما لا تدخل معه في حديث طويل خشية أن يتعلق قلبها به فيتضاعف الألم عند رحيله. تعد «سكينة» الأيام يوما بعد يوما، تترقب فيه اليوم الذي سيغادر فيه ابنها الحياة، ترسم على ذلك الجدار خطأ بعد خطٍ كلما أكملت اربعة خطوط رسمت خطًا خامسًا يمر عرضًا على الخطوط الأربعة، فتلك خمسة أيام مرت، وخمسة بعد خمسة حتى امتلأ الجدار بالخطوط، ليشتد عود «مزمل» الشاب الذي عاش وأمه حياة غريبة، شاب انطوائي يقترب من أجله، وأم يائسة تنتظر أجل ابنها، وتنتظر يوم فراقه، تتخيل الشاكلة التي سيموت فيها ابنها! تمر الأيام على «مزمل» يعيش أحداثا يصورها الفيلم السوادني بحبكة ودراما شيقة، فيعكس صور العلاقات الاجتماعية وبساطة القرية السودانية في عصر يعود إلى الثمانينيات تقريبا، يصور الفيلم الصراع بين الدين الذين حكم عليه بالموت وبين الحياة وملذاتها، فمن ينتصر في النهاية؟ هل النفس اللوامة أم النفس الأمارة؟! يسير الفيلم في رتم بسيط يتسم بالسردية الهادئة والحوارات القصيرة الجريئة نوعا ما، تتضح الجرأة من خلال الألفاظ والأفعال التي ما زالت بَعْدَ الخط الأحمر في مجتمعنا العربي أو قنواتنا التلفزيونية، إلا أن «نتفليكس» تتيح من الحرية تصور الواقع بلا مثاليات ولا غطاءات عن الحقيقة، فمهما كانت تلك الألفاظ والأفعال ما بعد الخط الأحمر في إعلامنا العربي، إلا أنها موجودة لا محالة في الشارع العربي. أثار الفيلم السوداني حماسي، إذ فيه اشتغال حقيقي وفن في التصوير السينمائي، فتختذل فيه التصوير الفني والمشاهد المتنوعة مع تلاعب في الأضواء وإخراج مشاهد فنية بمستوى رفيع، ومما زاد من دهشتي أنني لأول مرة أشاهد فيلم سوداني، ليغير هذا الإنتاج مفهومي حول الإنتاج السوداني، إذ يملك السودانيون مستويات رفيعة قادرة على المنافسة العالمية في مجال الإنتاج السينمائي ولو كان الفيلم من إنتاج مجموعة شركات، إلا أن الفيلم بالنسبة لي تجربة سودانية مثرية، الأمر الذي حدا بي للبحث عن الفيلم، فكان من أوائل المواقع التي سردت تفاصيل إنتاج الفيلم موسوعة «ويكيبيديا»، وجاء فيها نص عن الفيلم: «ستموت في العشرين.. هو فيلم دراما سوداني إنتاج عام 2019 من إخراج المخرج أمجد أبو العلا العلاء، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول منذ 20 عاما في السودان، عرض للجمهور العالمي في الدورة الـ 76 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحاز جائزة المهرجان (أسد المستقبل) لأفضل عمل أول، كما عرض في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي، وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وحصل على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية نوفمبر 2019، أخذ الفيلم عن مجموعة قصصية للكاتب السوداني حمور زيادة (النوم عند قدمي الجبل) وشارك في الكتابة فيه بالإضافة للمخرج الكاتب الإماراتي يوسف إبراهيم، جرى تصوير الفيلم في منطقة الجزيرة جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، وهو من بطولة مصطفى شحاتة وإسلام مبارك، وبثينة خالد، وطلال عفيفي، وبونا خالد، ومازن أحمد، ومحمود ميسرة السراج.الفيلم إنتاج شركتي ترانزيت فيلمز وفيلم كلينك وشركات أخرى، وبتمويل مشترك من السودان ومصر وألمانيا والنرويج وفرنسا».