1567181
1567181
العرب والعالم

البيت الخليجي يدشن عقده الخامس بطموحات جديدة تعزّز أهدافه المشتركة

04 يناير 2021
04 يناير 2021

مسيرة حافلة بالانجازات السياسية والاقتصادية والأمنية -

السوق المشتركة خطوة رئيسية نحو تحقيق وتعزيز مكتسبات المواطنة الاقتصادية الخليجية -  

الاتحاد الجمركي عزز المناخات الاستثمارية والتجارة البينية .. والربط الكهربائي حقق أهدافه بالاستفادة من الفائض وتقليل تكلفة الإنتاج - 

دول مجلس التعاون السادسة عالمياً في إجمالي الصادرات والثانية في احتياطي الغاز الطبيعي - 

تدشّن القمة الخليجية في دورتها الـ 41 اليوم عقدا خامسا من مسيرة البيت الخليجي الحافلة بالعطاء والإنجازات المشتركة التي أرسى قواعدها قادة دول المجلس في عام 1981 بهدف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط في جميع المجالات بما يلبي تطلعات مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

ومنذ بداية مسيرة التعاون المشترك، حظيت العديد من الموضوعات والمجالات بأهمية كبيرة لدى قادة الدول تجلت في التنسيق والتعاون فيما بينهم بمختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية والثقافية والبيئية والرياضة والشباب وغيرها.

اتجهت دول مجلس التعاون إلى التعامل مع العالم من خلال تعاون اقتصادي يمنحها مكانة مميزة على خريطة القرار الاقتصادي العالمي. وبالنظر إلى البيانات والإحصائيات، بلغ حجم اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعاً حسب الإحصاءات الأخيرة 1.46 تريليون دولار ويعد ضمن أكبر اقتصادات العالم. ويمثل مجلس التعاون مجموعة اقتصادية عالمية فقد احتلت دول التعاون المرتبة 6 عالميا في إجمالي الصادرات، وسجلت مجمل صادرات دول المجلس إلى العالم 609 مليارات دولار، بينما وصلت واردات دول المجلس إلى 458 مليار دولار في عام 2019. وتحتل دول مجلس التعاون المرتبة 9 عالميا في حجم التبادل التجاري، و4 عالمياً في فائض الميزان التجاري، و2 عالمياً في احتياطي الغاز الطبيعي.

وحسب تصنيف البنك الدولي، فإن جميع دول المجلس تعتبر بين أعلى بلدان العالم في متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ففي حين بلغ المتوسط العالمي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب 11.3 ألف دولار، أمريكي في العام 2018، بلغ متوسط نصيب الفرد في دول مجلس التعاون ما يقارب ثلاثة أضعاف هذا المتوسط أي 29.5 ألف دولار.

إنجازات اقتصادية

أولى قادة دول المجلس اهتماماً كبيرا بالشؤون الاقتصادية والتنموية المشتركة طوال العقود الماضية إيماناً منهم بأهمية تعزيز التعاون في هذا المجال الذي شهد العديد من الإنجازات أبرزها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة المقرة عام 1981 مع إنشاء المجلس، ترسم خطة العمل الاقتصادي المشترك ومراحل التكامل والتعاون الاقتصادي بين دول المجلس على المدى الأعوام العشرين الأولى فكانت البداية بتأسيس منطقة التجارة الحرة في 1983 والتي أعفت منتجات دول مجلس التعاون من الرسوم الجمركية. وتنفيذاً لقرار المجلس الأعلى في دورته (20) (الرياض، نوفمبر 1999م) بتكليف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بمراجعة الاتفاقية الاقتصادية وتطوير إطارها القانوني للعمل الاقتصادي المشترك وإقرارها في الدورة (22) (مسقط، ديسمبر 2001م) ، مؤسسة لقيام الاتحاد الجمركي في 2003 وتقديم تعرفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي.

والتزاماً بمبادئ التكامل الاقتصادي الخليجي، قرر أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في عام 2002 وضع برنامج زمني لاستكمال متطلبات إقامة السوق الخليجية المشتركة بنهاية عام 2007، وهو ما تحقق بالفعل ضمن الإطار الزمني المحدد، لتعلن دول المجلس إقامة السوق الخليجية المشتركة اعتباراً من 1 يناير 2008 القائمة على المبدأ الذي نصت عليه المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية بأن «يعامل مواطنو دول المجلس من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في أي دولة عضو من دول المجلس نفس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية».

وكان قيام السوق الخليجية المشتركة في العام 2008 خطوة رئيسية نحو تحقيق وتعزيز مكتسبات المواطنة الاقتصادية الخليجية والتي بفضلها شهدت الدول الأعضاء خلال السنوات العشر الأخيرة زيادة أعداد المواطنين المتنقلين فيما بينها بنسبة 75% وزيادة متصاعدة بنسبة 169% للمواطنين الذين يمارسون الأنشطة الاقتصادية في الدول الأخرى بدلالة واضحة على مبدأ إزالة العوائق والوصول إلى التكامل الخليجي المنشود.

أما تجربة الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون فهي من التجارب الناجحة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أصبحت دول المجلس بعد اتفاقها على قيام الاتحاد الجمركي في عام 2003 ضمن جدار جمركي واحد تجاه العالم الخارجي، تستوفى فيه الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية لمرة واحدة فقط في نقطة الدخول الأولى، ويتم انتقال هذه السلع كافة بين دول المجلس دون استيفاء رسوم جمركية مرة أخرى عليها. وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات الاتحاد الجمركي التي طبقتها دول المجلس في اليوم الأول من قيامه. ويمثل الاتحاد الجمركي مسارا تنمويا نحو تعزيز المناخات الاستثمارية والتجارة البينية والتي شهدت نمواً سنوياً بمعدلات تفوق الـ20% مسجلة 95 مليار دولار في العام 2018.

قوة نفطية تنافسية

تلعب دول مجلس التعاون بفضل قوتها التنافسية دوراً قيادياً في إدارة أسواق النفط، وشكل النفط ومنتجاته في 2019 نسبة 79.8% من قيمة الصادرات السلعية لدول المجلس بـ 401.9 مليار دولار. وعززت دول المجلس مؤخراً دورها في إرساء استقرار أسواق النفط وأسعاره من خلال اتفاق أوبك بلس الذي أنقذ الصناعة النفطية العالمية. وبفضل تضافر جهود دول مجلس التعاون تمثل اتفاقية أوبك بلس الحالية، سابقة في تاريخ منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لأنه لم يحدث توافق من قبل على اتفاقية تتجاوز السنة، فيما يأتي الاتفاق الأخير لمدة سنتين قابلة للتمديد من باب تعزيز مفهوم استقرار السوق.

الربط الكهربائي

في عام 2001، تم إعلان تأسيس هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مقرها مدينة الدمام في المملكة العربية السعودية، ومهمتها الرئيسية تنفيذ ومتابعة إنشاء شبكة الربط الكهربائي بين دول المجلس ومن ثم تشغيل شبكة الربط وصيانتها، حيث اكتمل عقد الربط الكهربائي الخليجي في عام 2014. ويهدف المشروع إلى مواجهة فقدان القدرة على التوليد في الحالات الطارئة، وتخفيض احتياطي التوليد الكهربائي لكل من الدول الأعضاء، وتحسين اعتمادية نظم الطاقة الكهربائية اقتصاديا، وتوفير أسس تبادل وتجارة الطاقة الكهربائية بين الدول الأعضاء.

ويعتبر الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون من أهم مشروعات ربط البنى الأساسية التي أقرها مجلس التعاون. ومن بين الفوائد التي يحققها المشروع تخفيض الاحتياطي المطلوب في كل دولة والتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ والاستفادة من الفائض وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية. وبحسب تقديرات هيئة الربط الخليجي، حققت الدول الأعضاء وفرا قدره 2.4 مليار دولار من المشروع منذ بداية التشغيل بالكامل في 2011، ومن المتوقع أن يوفر الربط خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة نحو 30 مليار دولار.

المفاوضات والحوارات الاستـراتيـجيـة

حقق مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه وانطلاق مسيرته في عام 1981 الكثير من الإنجازات والمكتسبات في مختلف المجالات، مما جعله يتبوأ مكانة متميزة في نطاق التجارب التكاملية العربية والإقليمية الأخرى، من الأهداف الرئيسية لمجلس التعاون، تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله في جميع الميادين، بما في ذلك تنسيق سياساتها وعلاقاتها التجارية تجاه الدول الأخرى، والتكتلات والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية، لتقوية مواقفها التفاوضية وقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية كما جاء في الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون. ولتحقيق ذلك، أقر المجلس الوزاري في عام 1984 مبدأ الدخول في مفاوضات مباشرة بين دول المجلس كمجموعة وبين الدول والمجموعات الاقتصادية الدولية، ابتداءً بأهم شركائها التجاريين.

وتجري دول المجلس في الوقت الحاضر حوارات وشراكات استراتيجية في مجالات مختلفة مع دول وتجمعات عدة أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، والهند، وروسيا الاتحادية، وفرنسا، وتركيا، واليابان، وباكستان، وكوريا، والمملكة المتحدة، وكندا، والمملكة المغربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية اليمنية، وجمهورية العراق، وجمهورية السودان، والأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، ورابطة دول الآسيان.

التعاون العسكري الدفاعي

حظي العمل العسكري المشترك باهتمام كبير من لدن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، وأصحاب السمو والمعالي وزراء الدفاع، وتم في هذا الإطار تحقيق العديد من الإنجازات المهمة للعمل الدفاعي المشترك، ومن بينها إقرار تشكيل قوة درع الجزيرة في عام 1982، والتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك عام 2000 التي حددت وشملت العديد من مرتكزات الدفاع المشترك ومنطلقاته وأولوياته، وفي مقدمتها عزم دول المجلس على الدفاع عن النفس بصورة جماعية، انطلاقا من أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها مجتمعة، وأن أي خطر يهدد إحداها إنما يهددها جميعا.

كما أقر قادة دول المجلس في عام 2006 تطوير قوة درع الجزيرة لتصبح قوات مشتركة، وتم تعزيزها بجهد بحري وجوي وفقا للمفهوم العملياتي المعتمد وذلك لرفع كفاءتها القتالية، كما عززت في عام 2008 بقوة تدخل سريع، وتم في عام 2009 إقرار الاستراتيجية الدفاعية لدول المجلس التي اعتبرت خطوة مهمة على طريق بناء المنظومة الدفاعية المشتركة لمجلس التعاون. وتمت الموافقة على إنشاء وتفعيل القيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون بقرار مقام المجلس الأعلى في دورته (34) في الكويت عام 2013 وتم اعتماد مهمة القيادة، وواجباتها.

إرساء السلام ونبذ التطرف

لعبت دول المجلس دوراً أساسياً في جهود التعافي وإعادة الإعمار في المنطقة العربية من خلال الدعم المالي الذي قدمته لسنوات عديدة عبر الشراكات القائمة بين مؤسسات دولية وبنوك التنمية الإقليمية، بما في ذلك الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، وصندوق أبوظبي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية، صندوق قطر للتنمية، وصندوق الكويت للتنمية الاقتصادية.

كما أن للمجلس دوراً سياسياً بارزاً في إرساء السلام في المنطقة عبر عدد من المواقف الدبلوماسية أبرزها الوقوف صفاً واحداً ضد احتلال دولة الكويت عام 1990 والدفاع عنها وتحريرها عبر توظيف رصيدها السياسي والدبلوماسي، وتسخير قدراتها العسكرية والمادية من أجل التحرير ومساندة دول المجلس لموقف الإمارات العربية المتحدة من قضية الجزر المحتلة ومطالبة إيران بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث والمبادرة الخليجية لدعم واستقرار اليمن في 2011، والمساهمة في التحالف الدولي ضد تنظيم (داعش) والعمل الجاد لمواجهة الإرهاب والتطرف، ونبذه لكافة أشكاله وصوره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.

ويؤكد انعقاد القمة الخليجية الواحد والأربعين التي تستضيفها المملكة العربية السعودية للمرة العاشرة في تاريخها إلى السعي نحو تعزيز مكتسبات المواطن الخليجي، والتركيز على المشروعات التي تعمق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وتعزز التواصل والترابط بين الشعوب، باعتبارها مجالات مهمة تساهم في إيصال رسالة بالغة الدلالة إلى المواطن الخليجي بترابط المصير الواحد والمصالح المشتركة بين مواطني دول المجلس.