1554442
1554442
الثقافة

«علامات الحياة» مجموعة شعرية ذات رؤى إنسانية وفلسفية مترجمة من الألمانية

12 ديسمبر 2020
12 ديسمبر 2020

عمّان: تذكر الباحثة والصحفية والمترجمة النمساوية ذات الأصل السوداني د. إشراقة مصطفى في تقديمها للمجموعة الشعرية «علامات الحياة» للشاعر بيتر باول فيبلينغر أن ما دفعها إلى ترجمة هذه المجموعة المختارة ليس شاعريتها فحسب بل جذوة الوعي والموقف الملتزم فيها تجاه الإنسان والكون. هذه الإنسانية شرطها الحرية التي التزمت بها كل القصائد من أجل مقاومة الظلم والاستبداد والحروب والنازية.

وصدرت المجموعة المترجمة عن اللغة الألمانية عن دار «الآن ناشرون وموزعون» في عمّان، وجاءت في 188 صفحة من القطع المتوسط، وصممت غلافها السيدة آنا ماري سوزان نوفاك، زوجة الشاعر نفسه بيتر باول فيبلينغر.

وأشارت د. إشراقة مصطفى كذلك إلى أنها أنجزت هذه الترجمة التي اختارت لها قصائد ومقطوعات كتبها فيبلينغر خلال فترة طويلة تمتدُّ بين العامين 1965 و2020، لمنح القارئات والقراء العرب فرصة للتعرف على آثار الشاعر الذي شرفها بنقل هذه المجموعة ذات العلامات المضيئة التي تعكس تجارب حياتية ثرَّة انعكست في قصائده. هذا التشريف صاحَبَه تحدٍ كبير بسبب المسؤولية الجسيمة؛ خاصة أنها المرة الأولى التي تُترجم فيها قصائده إلى اللغة العربية.

وقدم للمجموعة الأديب والناقد محمد جميل أحمد، قائلًا: «طاقة الكلمات التي ظلَّ يشكّل بها الشاعر النمساوي الكبير بيتر باول فيبلينغر ألوانَ الوجود في شعره، تمثّل طيفًا متجددًا لشعرية باذخة عرفت كيف تختبر قاموسها الإنساني في مواقف الحياة بوصفها لحظاتٍ باقيةً في الشعر. لهذا فإن مما يقف المرء حائرًا أمامه في هذه المجموعة الشعرية، ذلك المعجم الساحر لحياة العلاقة بين الكلمات في نصوصه الشعرية؛ أي أن التاريخ لا ينعكس في شعره بوصفه أحداثًا، وإنما بوصفه حالة شعورية يشتغل الشعر على تأبيد لحظتها الإنسانية بطاقة الكلمات».

ورأى كذلك أن: «موضوعاتها الإنسانية تشتبك في عوالم وأمكنة وأزمنة عاش فيها الشاعر ليُبقي منها آثارًا شعرية بالغة العذوبة والجمال؛ فالتجربة الإنسانية بحسب الشاعر هي اختبار لمعنى الكلمات مع العالم، وفق معجم شعري لا يعكس تلك الثيمة الأبدية المتصلة بمعالجة المعنى في الحياة فحسب، بل كذلك بهوية شخصية لقراءة الوجود من داخل التجربة الإنسانية».

وحفلت المجموعة بعدد من المقطوعات والقصائد التي جسدت مواقف الشاعر الإنسانية في حين، والوجودية في حين آخر. فانتقل من رفضه لفكرة الحرب، وإدانته للطغاة وما يسببونه من ويلات لشعوبهم وللإنسانية عامة، إلى الحديث عن الحياة والموت، مقدمًا رؤى فلسفية في طبيعة هذا الوجود ومآلاته.

يقول فيبلينغر في أحد النصوص:

«ضدَّ الاستبدادِ؛ ضدَّ الدكتاتوريةِ

في وجهِ الدولةِ

وفي وجهِ الحزبِ

في وجهِ الدينِ المتسلّطِ

سأقاومُ

وضدَّ مهووسي السلطةِ

ضدَّ مالكيها

سيتكلمُ نضالي!

نضالي بالفعلِ

وبالكلمةِ»

ويقدم إدانة للأدباء والشعراء الذين يقفون صامتين أمام الويلات التي يكابدها البشر، واصفا الوظيفة الحقيقية التي يجب أن يضطلع بها الشعر والشعراء:

«مئاتٌ من الشعراءِ

منْ كلِّ العالمِ

بينَما هم يثرثرونَ عن أوهامِهم

ينتحرُ الشعرُ!

يناقشونَ مشاكلَ وهميةً

يرثونَ القصيدةَ..

الحروبُ مشتعلةٌ خارجَ أوهامِهم تلكَ

وثمةَ بؤسٌ يطحنُ الضعفاءَ في مكانٍ ما

بؤسُ الديكتاتورِ العنيفِ

مثل شعارِ الإفراجِ الغبيِّ

ثمةَ حريةٌ في هذا الكونِ؛ حيثُ يخفقُ الشعرُ عاليًا»

وينقل مشاهد من المذابح التي تتناسل في هذا الظلام الإنساني، مقدما صورتين من فيتنام والعراق، قائلًا:

«ثمةَ فتاةٌ صغيرةٌ عاريةٌ

تصرخُ في ذعرٍ

وتبكي هاربةً من قنابلِ الفوسفورِ

من المارينزِ في فيتنامَ..

في زمنٍ لاحقٍ

الرجلُ العاري المقنَّعُ

مقيَّدًا بأسلاكٍ كهربائيةٍ

بينَما يتدلى بقربِهِ رجلٌ مشنوقٌ مثلَ كلبٍ!

على ممرِ سجنٍ أمريكيٍّ باردٍ في العراقِ

امرأةٌ شابةٌ تبتسمُ بوحشيةٍ وكأنَّها سيدةُ العالمِ

كسلطةٍ على الحياةِ والموتِ»

ويختم المجموعة واصفًا رحلة الإنسان في هذه الحياة:

«كلُّ علاماتِ الحياةِ

يمحوها الزمنُ

ونندثرُ

لسنا سوى

جسرِ الضوءِ

نومضُ

ثم نحترقُ»