1552401
1552401
الثقافة

عُمان في صحيفة «وادي ميزاب» لأبي اليقظان أنموذجًا «1926 - 1929»

08 ديسمبر 2020
08 ديسمبر 2020

كتابات عُمانية مُبكِّرة «2» -

مثَّلت الكتاباتُ عن عُمان مشعلَ تميّز وعربون تواصل بينها وبين الآخر العربي -

-أسهمت الكتابات عن عُمان في نقلِ الأفكار، وبلورة الرؤى المشتركة، وتقريب الصورة الحضارية بين مثقفي فترة الربع الأولى من القرن العشرين

- الكتاباتُ المبكرة عن عُمان هي المنطلق العاكس لجملة التحولات التي كان القطر العُماني يعيشها في عمقه

تُجْمِعُ الدراسات الموثقة لسيرة أبي اليقظان إبراهيم بن الحاج عيسى الميزابي الجزائري «1888- 1973»، وفكره أنه «أحدُ رواد الصحافة العربية الجزائرية وأحد المجاهدين بالكلمة، وقد أصدر في الجزائر عددًا من الصحف كانت عُمان وزنجبار حاضرة فيها، وصحف أبي اليقظان كانت تصدر تباعًا كلما أوقفت واحدة أصدر الأخرى قد حددتها الدراسات المنشورة في موقع « أشعة الفكر الإباضي» على النحو الآتي :

(وادي ميزاب) 119عددًا، من 01/10/1926 إلى 18/01/1929م

(ميزاب) عدد واحد، 25/01/1930م

(المغرب) 38 عددًا، من 29/05/1930 إلى 09/03/1931م

(النور) 78 عددًا، من 15/09/1931 إلى 02/05/1933م

(البستان) 10 أعداد، من 27/04/1933 إلى 13/07/1933

(النبراس) 6 أعداد، من 21/07/1933 إلى 22/08/1933

(الأمة) 170 عددًا، من 08/09/1933 إلى 06/06/1938

(الفرقان) 6 أعداد، من 08/07/1938 إلى 03/08/1938

لقد مثَّلت هذه الصحف والكتاباتُ الواردة فيها عن عُمان مشعلَ تميّز وعربون تواصل بينها وبين الآخر العربي، وكان لها من التألق والأقدمية والسبق التاريخي بحيث جعلها تمثل ريادة عُمانية مبكرة، ريادةٌ مبعث دوافعها مساقات سياسية استنهاضية، وأخرى عقدية إباضية ، وثالثة ثقافية صحافية، وكان خطابها متفاوتًا بين التحقيق والتأصيل والإخبار، ومنه ما هو حرفيٌّ يتصلُ بمهنة الصحافة نفسها كونها تمثلُ وعاءً حافظًا لسلسلة من المواقف والتطلعات المشكلة للتاريخ العام ، ومنه التاريخان الثقافي والاجتماعي.

لقد أسهمت هذه الصحف والكتابات كعادتها في نقل الأفكار، وبلورة الرؤى المشتركة، كما أسهمت في تقريب الصورة الحضارية بين مثقفي ومتتبعي تلك الفترة، ورسم أبعاد العلاقات والجسور المعرفية لعُمان عبر العصور والحقب المختلفة خاصة في ظل مرحلة محتدمة حاسمة ودقيقة من أوائل القرن العشرين، فهي المنطلق لجملة التحولات التي كان القطر العُماني يعيشها في عمقه، وهي تحولاتٌ كما أشرنا إليها سابقًا في كتابنا الصحافة العُمانية المهاجرة» - وَسَمَتْ كلَّ محاولات المعرفة وصبغتها بالجودة والإتقان والتألق شأنها شأن أي فعلٍ كتابي جاد ومؤثر.. «إنها الوعاءُ الأمثل الحاوي لسلسلة التطلعات والهواجس الفكرية للمثقفين الطليعيين المستنيرين الحاملين لهواجس الاستنهاض والثورة بغية الإصلاح والتنوير؛ لأن الحياة الثقافية وقتها في المجتمع العُماني كغيرها ارتبطت بعوامل سياسية وسادها الجانب التقليدي في الخطاب «الشعر الموزون المقفى- الفقه - الخطب - التأليف الموسوعي» وكان ميلاد الصحافة فتحًا جديدًا لآفاق التفكير والرؤية والتواصل ومعرفة الطارئ الجديد المكتشف في الحياة والواقع.

وإذا كانت الصحافة العربية هي الوارد الجديد الطارئ ، فإنها في عُمان حملت أطروحات الإصلاح والتنوير؛ وخلقت صوتًا غابَ عن إدراك الباحثين زمنًا طويلًا، وجسَّدَ فجوة في تاريخ الثقافية العربية ظلت بمقتضاه الثقافة العُمانية هي المبتغى الأمثل للتميز رغم أنها بمعزل عن توجهات الكتاب العرب، فلم تحضر في كتاباتهم إلا إشارة أو تلميحًا خاطفًا، وهنا - في رأينا - تقع أهمية صحف أبي اليقظان وغيرها من صحف المرحلة المبكرة التي أولت عمان العناية والإظهار ما جعلها تعكس معادلة الحضور وتظهر جانبا مثيرًا منها وتصبح اليوم ثروة ثقافية يجب تتبعها والإفصاح عنها.

ولعل ذلك في حد ذاته يعودُ إلى عوامل العزلة الحضارية والبعد الجغرافي لعُمان، وأشكال الارتهان الثقافي والسياسي الذي شهدته هذه البلدان»، بيد أن البحث - اليوم - في تاريخ الكتابات المبكرة وفتح صفحاتها الصفراء المبكرة أمرٌ مُضنٍ ومتعب ويحتاجُ إلى أدوات بحث متقدمة تدعمها مؤسسة رسمية تدركُ مقدار العنت الذي يلاقيه الباحث في هذا المسار المبهم والمغيّب في الآن ذاته، وأن تقليب أوراق الصحف القديمة باتت في ظل الراهن الثقافي المشتتة تشكل مظنة على الباحث مقارنة بالهيئة التي وجدت عليها، وهي لا شك تحتاج إلى معاول انتشال مما لحق بها من أشكال البِلَى والقِدم وما صحبها من إلقاء في قارعة الممرات المظلمة للأراشيف، هذا هو حالنا ونحن نفتش عن الصحافة العربية/ العمانية وما أسعفنا به الجهد هو مقدارٌ ضئيل بالمقارنة بما بذلناه من جهد خلال ملاحقتنا لها في العشرين سنة الأخيرة، وكانت حصيلتنا من الصحف والمجلات قليلة، وقد تجلّت فيها أنباءُ عُمان وأخبارها بارزة تدل على الاهتمام المبكر بها، وهذا ما وجدناه في الصحف التي وجدناها، من مثل صحيفة «الأسد الإسلامي» الصادرة في القاهرة بإشراف الباشا سليمان الباروني، وصحيفة «المنهاج» التي أسسها الشيخ إسحاق اطفيش عام 1925، إضافة إلى صحف أبي اليقظان الميزابي الثمان، وصحف أخرى صدرت في مصر كصحيفة «الفتح» التي أصدرها العلامة الشيخ محب الدين الخطيب وغيرها.

والمهم أن هذه الحركة الصحفية سواء أكانت إنتاجًا محليًا كصحف المهجر العُماني، أو واردًا عربيًّا، قد خلقت تواصلا بين المثقف العُماني ونظيره العربي، ونتج عنها ميلاد المثقف التنويري بمقالاته وقصائده وأفكاره التي تصدَّرت تلك الصحف، ويمكن تقديم بعضٍ منها من خلال صحيفة «وادي ميزاب» لصاحبها أبي اليقظان الميزابي «1888 1973» على النحو الآتي:

- قصيدة الشاعر أبي سلام الكندي في الثناء على الزعيم الباروني نقلًا عن مجلة المنهاج، وقد نشرتها وادي ميزاب في ع 106 ، الصادر بتاريخ 2 أكتوبر 1928، وقدّمت لها بالمقدمة التالية: «طرق سمعُ شاعر عُمان الشيخ أبو سلام الكندي وهو في قرية «بوشر» خبر تقليد إمام المسلمين المعظم محمد بن عبدالله الخليلي أعزه الله رئاسة الحكومة لحضرة الهمام الغيور الشيخ سليمان باشا فتحركت قريحته الوقادة وارتجل هذه القصيدة التي يقول مطلعها:

قُمْ سُليمان في صلاحِ العبادِ

لا تبالي بقولِ أهلِ الفسادِ

- «تهنئة صاحب الدولة الشيخ الباروني»: وهي تهنئة نظمية تتكون من واحد وعشرين بيتًا، نظمها الشيخ القاضي عيسى بن صالح الطيواني بتاريخ 3 صفر 1345 هـ، وقد نشرتها صحيفة وادي ميزاب في العدد التاسع الصادر بتاريخ 26 / 11 / 1926 م، ومطلعها: (الوافر)

أَقَومي إنَّ للعليا رجالًا

لهم في نيلها رأيٌ وفكرُ

- « سلطان مسقط في الغواصة»، تحقيق إخباري، نُشر في صحيفة وادي ميزاب، العدد التاسع بتاريخ 26/ 11/ 1926. ولم يرد فيه سوى وصف لرحلة السلطان إلى بريطانيا عبر ميناء بورتسموث دون الاعتناء بالتفاصيل الدقيقة لهذه الرحلة.

- «تهنئة صاحب الدولة الشيخ الباروني»: قصيدة ٌ عصماء تتكونُ من ثلاثين بيتًا للشيخ سالم بن سليمان البهلاني، كتبها بتاريخ 25 صفر 1345 هجرية، ونُشرت في صحيفة وادي ميزاب، ع 11 ، 10/ 12/ 1926. وقد قَّدمت لها الصحيفة بمقدمة ضافية جاء فيها: «إيفاء بالوعد ننشرُ اليوم الخريدة العصماء للشاعر المُفلق المطبوع صاحب الإمضاء في تهنئة ذلك البطل العظيم سليمان باشا الباروني لتربعه أريكة الصدارة العظمى لدى دولة عظمة الإمام الخليلي بعُمان رعاه الله ...» ومطلعها: (الرمل)

بلبل الأيكِ ترنَّم بالخبرْ

أتحف الكونَ بآيات البشرْ

- « تهنئة سعادة الشيخ الباروني باشا»: وهي تهنئة منظومة شعرًا تجلّت في قصيدة للشاعر أبي سلام الكندي ، عنوانها «ومن سلك الحق ينجح»، وقد نقشها بتاريخ أواسط ربيع الأول سنة 1345 هـ، ونشرت في الصحيفة نفسها في اثنين وثلاثين بيتًا، في العدد ( 15) بتاريخ 7/ 1/ 1927م . ومطلعها يقول: (المتقارب)

أخا المجدِ إيّاك أن تَسْأَما

فمن طلبَ الحمدَ لن يذمما

ومن بذلَ النفسَ والمالَ في

صلاحِ البرية لن يَنْدَما

- «وادي ميزاب في عُمان»: رسالتان مؤرختان بتاريخ 11 رجب 1345هـ موجهتان إلى (الباشا ) أبي اليقظان الميزابي من المشايخ عيسى ومحمد ابني صالح الطائيين ويحيى ابن عبدالله المشرفي، وقد نشرتا في صحيفة وادي ميزاب، ع 28 ، 22 / 4 / 1927، وفيهما أخبارٌ اجتماعية، وأخرى سياسية مع التأكيد على العلاقة الوطيدة التي تربط عُمان ووادي ميزاب، والتهنئة بصدور صحيفة «وادي ميزاب» ومما جاء فيها: «ولقد سرنا جدًا ما قمتم به من إنهاض الشعب الميزابي، وخدمته ماديًّا وأدبيًّا ونضالكم في كل معترك حيوي بإنشاء جريدتكم الغراء «وادي ميزاب» التي هي لسانُ حاله، والحمد لله الذي وفقكم في هذا المشروع الجليل..».

- « خطبة الوزير الأكبر الشيخ سليمان الباروني في حفل تكريم ضيف عُمان «أحمد بن سلطان بن سليم (السليمي الياسي العُماني)، وقد نشرتها صحيفة وادي ميزاب، ع 38 ، 30 / 7 / 1927م، وفيها يقول: «لا حاجة إلى الترحيب بكم، أو شكركم على تشريفكم في هذا اليوم المبارك؛ لأنكم أنتم بالقيام واجب نحو ضيف جليل، بل أخ كريم من أعاظم إخواننا رجال دبي الذين يَحَقُ للعرب عامة وللعمانيين خاصة أن يفتخروا به، وإنما أرحب بجناب هذا الأخ الذي اقتحم مشقة السفر برًا وبحرًا حتى شرفنا لا لفائدة شخصية بل مواصلة إخوان له تجمعه بهم رباط الدين والوطن... أيَّها الإخوان إنني على يقين من أن حضرة ضيفنا المحترم معروف عندكم، والمعروفُ لا يُعَرف لما يحمله جنابه من المزايا الكاملة، والصفات العالية جعلني مجبورًا الوقوف أمامكم لأقول لكم: إن جنابه هو الشيخ أحمد بن سلطان بن سليم السليمي الياسي العُماني نابغة الشمال، وحامل لواء الأدب، والغيرة الوطنية، والحمية الدينية والشهامة العربية، صاحب المكانة والاعتبار.. في دبي العامرة والكلمة النافذة والرأي المتبع في قبيلة بني ياس ذات العزة العربية والبأس، وكفاه فخرًا أنه أول عُماني سمعت منه الدعوة إلى الوحدة العُمانية التي يصبو إليها كلُّ مصلحٍ عُماني يطمحُ إليها كلُّ مفكرٍ في العواقب ناظرًا إلى المستقبل وتقلبات الدهر بعين الحذر والاعتبار، فأهنئكم نفسي بلقائه وأتقدم لجنابه مهنئا قائلًا: إن سمائل لترحب بك أيها الأخ الجليل...».

- « قصيدة في حفل تكريم ضيف عُمان» للشيخ عيسى بن خلفان البكرى، وقد بلغت أبياتها المنشورة ثمانية عشر بيتًا، ونشرتها وادي ميزاب ، ع 38 بتاريخ 30 / 7 / 1927 ومطلعها (الكامل)

شرفتَ أهلًا يا أديبَ عُمان

يا شاعرًا شَهَدَتْ له الملوانِ

يا من غدا لدبي خير ممثلٍ

ساعٍ لرفعةِ شأنها متفانِ

يدعو إلى جمعِ الشتات منبِّهًا

أهلَ النُّهى من سادةِ البلدانِ

كلُّ النصائحِ في سُمُوطِ قريضِه

نظمًا كعقدِ الدّرِ والمُرجانِ

يا أحمد حمدتْ خُطاكَ فانبرى

يشدو لمدحك كلُّ حرٍّ شانِ

يممتَ قصرَ سمائل الفيحاءِ في

يوم غدا عيدًا لدى الخِلانِ

شرَّفتنا فتمايلتْ طربًا وقد

حفّت ببدركَ هالة الأعيانِ

- «أنباء عُمان»، أخبار سياسية مقتضبة متفرقة نشرتها، وادي ميزاب في العدد (30) بتاريخ 6 / 4 / 1927 ومنها أخبار سياسية تتصل باللقاء الكبير الذي عقده الشيخ سليمان بن حمير النبهاني بحضور الشيخ الفقيه العلامة ماجد بن خميس العبري والقاضي أبي زيد الريامي والشيخ سعيد بن ناصر الكندي وبعض زعماء العبريين وبني نعيم، وكذلك الزعيم سليمان الباروني باشا.

- «كبير شعراء عُمان يهنئ سعادة الشيخ الباروني» قصيدة لأحمد بن سلطان بن سليّم نشرتها وادي ميزاب في العدد 38 الصادر بتاريخ 30 / 7 / 1927 ، مطلعها ( البسيط )

هنئتْ عُمان بما حازته بلدانُ

إذ أحرزت بك فتحًا يا سُليمانُ

ألقى إليك مقاليد الأمور بها

من حثه لطريق الهدي إيمان

- «أنباء عُمان: سفر السلطان تيمور إلى لندن»، وادي ميزاب ، ع 83 ، 17 / 5 / ، 1928م، وقد جاء فيه أن سبب هذه الرحلة للاستشفاء»، كما يوجد في هذا الخبر إطلالة على ما حلَّ بالديار العُمانية من أمراض وخاصة الجدري، الذي خلف آثارًا جسيمه حصد فيها الأرواح، ويشير الخبر إلى وفاة ابن الأديب عبدالله بن حمود المشرفي من العامرات بهذا المرض وتوجد في الخبر تعزية له.

- «استسقاء إمام عُمان»، خبر، نقلا عن مجلة الشورى، وقد نشر في صحيفة ادي ميزاب، ع 32 ، 20 / 5 / 1928 بقلم الباشا سليمان الباروني الذي وصف حالة عُمان وما حل بها من محل سنة 1338هجرية ، ومما جاء فيه «أن الاستسقاء حدث في صباح اليوم وسالت الأودية في ذات اليوم بعد غروب الشمس في إجابة من الله سريعة».

- «أنباء عُمان: في سلطنة مسقط أعمال عظمة السلطان وولي العهد»، مقال سياسي تنموي، نقلا عن مجلة الشورى، ونشر في صحيفة وادي ميزاب، ع 32 ، 20 / 5 / 1928 ومما جاء فيه أن عظمة السلطان تيمور يسعى للقيام بأعمال تطويرية في مسقط من بينها تطوير المالية وتوسيع الشوارع وتنظيم الطرق وبناء مدرسة عصرية، وكذلك بناء محكمة شرعيه لفصل الدعاوي.

- «أنباء عُمان: مؤتمر عظيم بنزوى»، تحليل سياسي نشرته صحيفة «وادي ميزاب»، ع 10 ، 26 / 10 / 1928ومما جاء فيه «أن هذا المؤتمر انعقد بتاريخ 20 ربيع الأول 1345 برئاسة عظمة الإمام الخليلي وحضره الشيخ سليمان بن حمير أمير الجبل الأخضر والشيخ عيسى بن صالح الحارثي أمير الشرقية والشيخ العلامة الكبير سعيد بن ناصر الكندي والباشا سليمان الباروني، وفيه تم الإقرار بتفويض الباشا الباروني تفويضا مطلقًا فيما يتعلق بمصلحة الدولة، كما تم فيه الإقرار بطرد بعض المناكفين الذين ظهروا العناد والمكابرة في إدخال الإصلاحات في جسم الدولة».

ويشير التحليل إلى أن الباشا الباروني شرع بعد هذا الاجتماع في تأسيس مدرسة كبرى بسمائل ستكون أرقى مدرسة عصرية في الخليج «الفارسي»، وقد دعمه في تمويل هذه المدرسة المتبرعون من زنجبار، كما يشير الخبر كذلك عن إعادة فتح المدرسة السلطانية بمسقط، وعودة الأساتذة الفلسطينيين إليها».

ومن الأخبار التي ترد في هذا المقام تعيين العلامة الشاعر المفلق الشيخ عيسى بن صالح الطائي قاضيا بمسقط خلفًا لسلفه المتوفى الشيخ راشد بن عزيّز الخصيبي...».

- «أنباء عُمان»: وفاة أكبر عالم بعُمان، مقال تأبيني في وفاة الشيخ العلامة ماجد بن خميس العبري حمل في طياته صفات الشيخ وخلاله وبعض من مواقفه ومناقبه، وقد نقلته صحيفة «وادي ميزاب» نصًّا عن مجلة الشورى ونشرته في، ع 57 ، 10 نوفمبر، 1927. وأشدُ ما شدَّني فيه الإطناب في وصف شخصية العلامة العبري وخلاله الحميدة ووصفه بأنه «كان أعمى وقد انقطع للتدريس والتقاضي بين الناس، وكان يكتب ورقة جَلبْ المدَّعى عليه ولا يُخطي بصره وكان يكتبها هكذا «إلى فلان بن فلان أجب داعي الشرع» وكان شديد التمسك بما يراه لكن لا عن تعصب أعمى بل إذا نوقش بالحجة وأدرك الصواب رجع إليه، ومع عدم سفره وإطلاعه على أخبار الدول والمخترعات الحديثة، كان يوافق على ما يرى فيه إحياءَ للأمة والدولة، وقد ساند الباروني في بعض خطواته الإصلاحية ومواقفه على التجديد، ومن بين ما رآه من إقامة صلاة الجمعة في غير المدن الممصّرة، وقال قولته المشهورة: «ووجب علينا الآن أن نأخذ بالأقوال المرجوحة في المذهب ونترك الراجح، فقوموا الآن ننتخب مكانًا نقيمُ فيه جامعًا جديدًا في الحمراء نقيم فيه جُمْعتنا».

- خبرٌ «غير معنون نُشر في صحيفة «وادي ميزاب ، ع 57 ، 10 نوفمبر ، 1927 م حول اجتماع القابل، وفيه يرصد مراسل الصحيفة «وأظنه الباروني نفسه» وقائع الاجتماع التاريخي الذي عقد في القابل بين الإمام محمد بن عبدالله الخليلي والشيخ عيسى بن صالح الحارثي وبعض أكابر مشايخ عُمان والباشا سليمان الباروني، ثم مسيرهم إلى جعلان لأمور قضائية وأخرى سياسية كما جاء في الخبر.

- «تعلق دبي بحكومة عُمان»، مقال سياسي، نشر في صحيفة «وادي ميزاب ، ع 37 ، 25 / 6 / 1927، ومما جاء فيه «وكان لدبي من قبل ميلٌ شديدٌ وانعطاف نحو بلاد عُمان، ولكن اشتد ميلها أكثر عند وصول عطوفة الباشا سليمان الباروني، ومن دواعي الغبطة والسرور ما بلّغت به هذه الأيام من أنها أوفدت شاعرها الكبير «أحمد بن سلطان بن سليم» ليقدم إلى حكومة عمان شواهد إخلاصها وولائها وليوطد علائق الصداقة بين أبناء البلدين الأشقاء..».

- « أنباء عُمان: الأمطار والطرق في عُمان»، وادي ميزاب ، ع 58 ، 25 / 11 / 1928ومما جاء في هذا الخبر «توالت الأمطار على عُمان خصوصا نزوى عاصمة الإمامة فأحيت بلدانًا كانت أنهارها غائرة منذ عشر سنين، والحمد لله بعد العسر يسرا... والجهود مبذولة لتسوية الطريق الذي دمّرته الأمطار بين العاصمة مسقط والمرسى ومطرح وصولا إلى صحار».

- «أنباء عُمان»، أخبارٌ متفرقة نشرتها صحيفة «وادي ميزاب «، ع 97 ، 25 / 8 / 1928 . ومما جاء فيها الخبر الآتي: «مأدبة تكريم لضيف عمان الكريم»، قصيدة شعرية تتكون من ستة عشر بيتًا نُظمت بتاريخ 25 شوال 1345 هـ بعنوان « مأدبة تكريم لضيف عُمان الكريم» لمنصور بن خلفان السعدي، ومناسبتها تكريم الضيف أحمد بن سلطان بن سليم الذي حل ضيفًا على بلدة العليا بولاية سمائل، وقد نشرت خبر زيارته صحيفة وادي ميزاب، ع 39 ، 12/ 7/ 1928. مطلعها:

وافى السُّرورُ إلينا حينما قَدِما

بحرُ البلاغة من قدْ أخرسَ الحكما

الفارسُ البطلُ المغوارُ من شَهِدتْ

يومَ النزالِ له أبطالُها العظما

- « مأدبة تكريم لضيف عُمان الكريم»، قصيدة لحمود بن أحمد بن سعيد الخروصي، وقد نُظمت في الترحيب بالأديب أحمد بن سلطان بن سليم الذي حلَّ ضيفًا على «سمائل العليا» وفي ضيافة الباشا الباروني وأكابر شيوخ عُمان، ونشرت في صحيفة وادي ميزاب ، ع 39، 12 / 7 / 1928. مطلعها:

وآفاك أحمدُ يا سمائل فاحمدي

مثواه فيكِ وعظّميه ومَجّدي

- «حادث خطير بساحل عُمان» مقالٌ سياسيٌّ إخباري ، ب . ك ، وادي ميزاب ، ع 45 ، 19 / 8 / 1928 تناولت فيه الصحيفة أعمال الاستعمار الإنجليزي وأفاعيله وممارساته العسكرية في خمد الثورات الداخلية المناوئة له، وسن الأنظمة والتشريعات التي تضمن بقاءه والمقال يرصد الأحداث التي وقعت في إمارات الخليج وبالذات في إمارة أبو ظبي.

- «عُمان نبأ عظيم» مقال سياسي، نشرته صحيفة «وادي ميزاب» نقلا عن مجلة المنهاج، في العدد( 17 ) الصادر بتاريخ 21/ 1/ 1927م، وفيه تفاصيل سياسية وأخرى علمية تتعلق بما نشرته مجلة «ألف باء» عن عُمان مساحة وسكانًا وطوبوغرافيا، ونبذة تاريخية عن الأدوار السياسية التي يقوم بها المصلح الباروني فيها، ومما ورد فيه: «أن أهل عمان قاموا بنشر الإسلام في (جاوه) و«سومطرة» وجزر المحيط الهندي وسواحل شرق إفريقيا، وقد اصطدمت ممالكهم بالبرتغاليين حتى طردوهم من تلك البقاع، وأسسوا فيها إمبراطوريتهم المشهورة».

- «وفاة شاعر عُمان: ابن شيخان السَّالمي» خبرٌ ثقافي/ اجتماعي، وادي ميزاب ، ع 17 ، 21 / 10 / 1927 ، ورغم أهمية الحدث إلا أن الصحيفة لم تفصّله بالقدر الذي يستحقه، وربما يعود ذلك لقلة المعلومات التوثيقية عنه في تلك المرحلة واكتفت بالتعزية دون تأبين.

- «إحساس عُمان نحو وادي ميزاب» قصيدة للقاضي الشيخ عيسى بن صالح الطائي تتكون من عشرين بيتًا وطالعها يقول:

صاحِ ذاك الربع عُجْ نقْضِ حقوقه

لستُ أنساهُ ولا أرضى عقوقه

وقد صدَّرت الصحيفة القصيدة برسالة قائلها المرسلة إلى المحرر أبي اليقظان إبراهيم بن عيسى بتاريخ 7 من ذي الحجة 1345 هـ قال فيها : «لا زالت جريدتكم تصلنا وتهز منا العواطف وتحرك منا كوامن الشوق وسواكن الصفا، وتذكرنا بما كان عليه سلفنا بتلك الأصقاع من المجد الشامخ والملك الباذخ، فرحم الله تلك الأوصال، ورضي الله عن تلك المهج، وكلما صدأت القلوب غزا سبل ذلك الوادي العذب الزلال حتى تحرّك ما سكن ودبّ على لساننا القريض دبيب النمل، وها نحن نزف إليك هذه الأبيات... »

- «الباشا الباروني والإشاعة الكاذبة» مقالٌ نقلت صحيفة «وادي ميزاب» عن صحيفة «الفلق» الزنجبارية ونشرتها، وادي ميزاب في العدد( 21 ) بتاريخ 9/ 2/ 1932، وهو مقال سياسي يفند بعض الادعاءات المغلوطة التي أشيعت حول الباشا الباروني .

إن قيمة هذه المقالات والتحقيقات الصحفية بالإضافة إلى ريادتها مواكبتها لزمن الحدوث، فهي وثائق شهود عيان عاشوا أحداثًا جرت في زمنهم وبين ظهرانيهم وفي مواضعهم، ويمكن أن تكون أقرب إلى الحقيقة، لأنها كتب لم تصب بما أصابت به الرواية من تحوير وتغيير بفعل التقادم والبعد الزمني ، لهذا فهي أقرب إلى اعتماد الباحثين من غيرها.

ويضاف إلى تلك القيمة أن هذا الوارد الثقافي العُماني في هذه الصحف ينم عن ذلك الترابط الصحفي بين الصحف العربية ، فأخبار عُمان كانت تتوارد في سائر الصحف العربية الصادرة آنذاك، فصحف أبي اليقظان هذه كانت تستقي مادتها من صحف ومجلات عربية أخرى؛ لهذا نجد مجمل الأخبار والمقالات المنقولة إمّا أن ترد نصّا، وإمّا أن ترد مختصرة بالتصرف، وهذا ما لمسناه في المادة المنشورة عن عُمان في مجلات وصحف من مثل: «الفتح -العمران، الشورى، وجريدة ألف باء، والمنهاج، العرفان» وهذا يدلُّ على أن عُمان لم تكن غائبة عن ذهنية الساحة الثقافية العربية ولا السجال المعرفي المتداول، وكلٌ يسعى إلى إظهارها ولو في غياب المراسلين الصحفيين.