1546276_127
1546276_127
آخر الأخبار

حارة الرم في بهلا .. عراقة التاريخ و أصالة المعمار العماني القديم

27 نوفمبر 2020
27 نوفمبر 2020

نوافذ مزخرفة وفتحات علوية مرتفعة على شكل أقواس تشبه تصميم القلاع والحصون

ـ كانت قطعة أرض مهجورة وغير مملوكة لأحد إلى أن جاء من قام بعمارتها

ـ امتازت الحارة بظهور شخصيات اجتماعية ودينية أثرت في المجتمع بصورة ايجابية

بهلا ـ أحمد بن ثابت المحروقي

ولاية بهلا بمحافظة الداخلية من الولايات العمانية العريقة التي تختزن مكنونات تراثية ومعالم أثرية تحكي حقبة زمنية غابرة ، وفي هذه الولاية التراثية الجميلة تتوزع المعالم الاثرية في مختلف مناطق وقرى الولاية وبمركز الولاية العديد من الحارات القديمة التي نشم فيها عبق الماضي التليد بمبانيها التراثية وهندستها المعمارية التي تحكي فنون العمارة العمانية العريقة إلى جانب الاحداث التاريخية التي سجلت في مختلف المواقع بهذه الولاية العريقة .

وحارة الرم بمركز ولاية بهلا تعد أحد أهم هذه الحارات في ملامحها التاريخية كونها تميزت بفنون معمارية وأحداث تاريخية ، وللحديث حول حارة الرم بولاية بهلا التقينا بالباحث في التاريخ زكريا بن عامر بن سليمان الهميمي والذي أوضح عن مسمى الحارة قائلا : مصطلح الرم :" أرض غير مملوكة لأحد ، تكون بين العمران ، لا تستعمل لشيء ، أو كانت تستعمل من قبل ثم هجرت ، وينتقل الرم من الأسلاف إلى الأخلاف مالم يجتمع أهله على نقضه و" الرموم مفردها رم وهي مصطلح يطلق على قطع الأراضي الموقوفة أو ذات النفع العام والتي لا يمتلكها أحد فهي لعموم الناس جميعا ولذلك يقال إن هذه الحارة سميت بهذا الاسم كونها كانت عبارة عن رم أي قطعة أرض مهجورة وغير مملوكة لأحد ، إلى أن جاء من يقوم بعمارتها " لتصبح حارة لها مكانتها بين باقي الحارات في ولاية بهلا.

الموقع الجغرافي

تقع حارة الرم في مركز واحة ولاية بهلا العريقة ، حيث تقع في جهة الغرب من قلعة بهلا التاريخية وسوقها التقليدي القديم ،ويحدها من جهة الجنوب مباني حارة صالح سابقا ، ومن جهة الغرب مباني حارة اللحمة التاريخية .

الطراز المعماري

تتكون حارة الرم من منازل مبنية بالطين وفقا للطراز العماني التقليدي القديم ، ومعظم تلك المنازل كانت تتكون من طابقين وتقع في صفوف متقابلة يفصل بينها ممر طويل في الوسط يستخدم لتنقل سكان الحارة ، وبعض تلك المنازل كانت كبيرة الحجم بها مجموعة من الأقواس والنوافذ الخشبية المرتفعة وكانت مبنية بالطين والصاروج العماني ، وبها نوافذ مزخرفة وفتحات علوية مرتفعة على شكل أقواس حيث كانت تشبه في تصميمها تصميم القلاع والحصون في عمان ، ومن البيوت القديمة في الحارة البيت العالي ، وكان لحارة الرم مدخلان به بوابتان خشبيتان كبيرتان ، والمدخل يسمى بالصباح وكان أحدهما في جهة الشرق والآخر في جهة الشمال الغربي ، لكن تم هدمهما في فترة ولاية الشيخ عبدالله بن محمد الريامي على ولاية بهلا .

المجلس العام

كان أهالي حارة الرم يجلسون للعزاء في مجلس العميري وهذا المكان ينسب لعمير بن سالم المحروقي ، ثم بعد مدة أصبح لحارة الرم مجلس عام مستقل داخل حارة الرم يجتمع فيه الأهالي ، ثم بعدها تم إنشاء مجلس جديد في مكان مباني حارة صالح القديمة لتلقي واجب العزاء ولمناسبات الافراح و للتشاور ولمناقشة الشؤون المتعلقة بالحارة .

الشخصيات الاجتماعية

من أشهر الشخصيات التاريخية في حارة الرم عبد الله بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عمر المحروقي الذي كان وكيلا لمسجد حارة صالح حيث أمر الناسخ سليمان بن محمد بن مطر الوائلي بإعادة نسخ المخطوطة الأولى لوقف مسجد حارة صالح في عام 1915 م .

وسليمان بن عبد الله بن سالم بن عمير المحروقي قد وقف وقفا لكل من مسجد حارة صالح ، ولمسجد العبلة ، ولمساجد الخضراء في ولاية بهلا قبل إمامة الإمام سالم بن راشد الخروصي ، وسليمان بن عبد الله بن سالم بن عمير المحروقي هو المعروف بابن شيخة المحروقي ، وكان منزله يقع في جهة الشرق من حارة الرم ، وكان صهرا للشيخ ناصر بن حميد بن راشد العطابي حاكم ولاية بهلا في تلك الفترة ومعاونا له في تصريف شؤون بهلا، وكان مستشارا ومقربا من حاكم بهلا وكان كثيرا ما يأخذ برأيه ولا يقطع أمرا دونه.

وناصر بن سليمان بن محمد المحروقي قد وقف نخلا لمسجد الحارة وكان معلما في مدرسة حارة صالح لمدة طويلة من الزمن ، وأصبح ابنه سليمان فيما بعد أيضا معلما في نفس تلك المدرسة ، كما أن ابنه أيضا كان وكيلا لمسجد حارة صالح ، والرشيد علي بن حمد المحروقي الذي كان رشيدا لحارة الرم فترة من الزمن وكان مهتما بالعلم حيث كانت لديه في منزله في حارة الرم مكتبة خاصة بها العديد من المخطوطات والكتب لكن تلك المكتبة تلاشت بعد وفاته .

و الرشيد سعيد بن محمد بن سعيد المحروقي قد عمل وكيلا لبيت المال في ولاية بهلا في السبعينات من القرن الميلادي وكان معروفا بالجرأة والشجاعة وقوة الشخصية وإصلاح ذات البين وحسن المنطق وحلاوة الحديث .

وعبد الله بن محمد بن سعيد المحروقي الذي ساهم في بناء مسجد حارة صالح واسمه ما زال مكتوبا في اللوحة التذكارية التي على جدار صرحة مسجد حارة صالح والتي تؤرخ لافتتاح هذا المسجد.

وعميرة بنت سالم بن عمير المحروقية ورد اسمها في المخطوطة الثانية لوقف مسجد حارة صالح ، وعميرة هي ابنة الشيخ سالم بن عمير المحروقي الذي يعود أصل أجداده إلى ولاية أدم وهو يعد من فرع يعرف بآل مالك.