Mohammed
Mohammed
أعمدة

قضايا ملحة في مسألة رفع الدعم عن الكهرباء

03 نوفمبر 2020
03 نوفمبر 2020

محمد بن أحمد الشيزاوي -

تعتبر خطة التوازن المالي التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع إحدى الخطط التي من المتوقع أن تساهم في تعزيز المركز المالي للسلطنة وتقليل العجز والدَّين العام، إلا أنه من الملاحظ أن رؤية المجتمع تجاه هذه الخطة لا تزال ضبابية في ظل عدم وجود مصادر حكومية رفيعة المستوى تتحدث عنها وفي ظل عدم تركيز الخطة على الكثير من القضايا التي تشغل المجتمع العماني كجذب الاستثمار الأجنبي وتشجيع رؤوس الأموال المحلية على الاستثمار في البلاد وتوفير فرص العمل أمام الشباب الباحثين عن عمل حيث بلغت نسبة الباحثين عن عمل في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة 9.3% وفي الفئة العمرية من 25 إلى 29 سنة 6.3% وفقًا للأرقام الرسمية المنشورة في عدد أكتوبر من النشرة الشهرية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

كما أنه من الملاحظ أننا خلال الأسبوعين الماضيين شهدنا العديد من الأفكار السوداوية بشأن مستقبل الاقتصاد الوطني وسط تركيز كبير على حجم الدَّين العام وأنه يتسارع بشكل كبير مع الارتفاع المستمر في العجز وسط مقترحات خجولة بشأن سد العجز وتقليص الدَّين العام متجاهلين حجم ما أنجزته النهضة الحديثة على مدى السنوات الـ50 الماضية من منجزات اقتصادية كبيرة وبنى أساسية وأصول ضخمة تقدّر بعشرات المليارات كالموانئ والمطارات والطرق والمستشفيات والمدارس والبنى الأساسية الأخرى والمناطق الاقتصادية والحرة والصناعية، وصوّرت التغريدات التي تناقلت الأخبار من مصادر رسمية السلطنةَ وكأنها عاجزة عن تحقيق أي تقدم إلا من خلال هذه الخطة في الوقت الذي تم فيه تضخيم حجم التحديات الاقتصادية وهي تحديات لا ننكر أهميتها إلا أننا على ثقة بقدرة السلطنة على تجاوزها مثلما تجاوزت تحديات أكبر منها منذ انطلاق النهضة الحديثة في عام 1970.

عندما نمعن النظر في قضية ازدياد العجز في الموازنة العامة للدولة نجد أنها إحدى القضايا التي تنبّهت لها الصحافة في وقت مبكر باعتبارها قضية محورية، وكنتُ قد شاركت في ذلك بمقال نشرته بـ«جريدة عمان» في شهر يونيو 2013 تحت عنوان: «حتى لا نواجه خيارات صعبة لتمويل عجز الموازنة»، واليوم إذ يصل حجم العجز إلى مستويات قياسية فإن أسباب العجز لا يمكن أن ننسبها إلى الدعم الحكومي للكهرباء، فخلال السنوات الماضية تم الحديث عن الدعم الحكومي للوقود وأن رفع الدعم عنه سوف يجعلنا نوفر مبالغ ضخمة ونقلّص العجز في الموازنة غير أنه لم يتحقق شيء من ذلك، ففي عام 2014 بلغ حجم الدعم للمنتجات النفطية مليارًا و199 مليون ريال عماني فيما بلغ عجز الموازنة العامة للدولة مليارًا و64 مليون ريال عماني، وفي العام التالي تراجع حجم الدعم للمنتجات النفطية إلى 479.3 مليون ريال عماني إلا أن العجز قفز إلى 4 مليارات و631 مليون ريال عماني، وزاد في عام 2015 إلى 5.3 مليار ريال عماني مقابل دعم بمبلغ 17.1 مليون ريال عماني للمنتجات النفطية، وفي عام 2017 بلغ دعم المنتجات النفطية 21 مليون ريال عماني والعجز أكثر من 3.7 مليار ريال عماني، وعلى هذا، فإن التعويل على أن رفع الدعم عن الكهرباء سوف يوفر ملايين الريالات لخزينة الدولة شيء قد لا يتحقق خاصة أن الرقم الذي تم نشره بشكل واسع والترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم الكهرباء - وهو 750 مليون ريال عماني - هو رقم غير دقيق فخلال العام الماضي بلغ دعم الكهرباء 600 مليون ريال عماني مقابل 476.6 مليون ريال عماني في عام 2018 و380 مليون ريال عماني في عام 2017 بحسب الأرقام المنشورة في الحسابات الختامية للدولة.

إن مسألة رفع الدعم عن الكهرباء لا تختلف كثيرا عن رفع الدعم عن المنتجات النفطية، إذ أن قطاع الكهرباء يعتمد على الغاز المنتج محليا، كما أننا لا نستورد الكهرباء من الخارج وإنما ننتجها محليًا، وهنا علينا أن نتساءل هل يذهب الدعم الحكومي للكهرباء إلى توفير الكهرباء فقط أم يتعدى ذلك ليشمل الإنفاقَ على الشركات التي تدير أو تعمل في القطاع؟.

ومن خلال هذا الاستعراض نجد أن تقليص عجز الموازنة العامة للدولة لا بد أن يتم من خلال استقطاب رؤوس الأموال من الخارج للاستثمار في البلاد، وتهيئة المجال لاستثمارات محلية أكبر في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتعزيز دور الموانئ لتكون موانئ تصديرية ولها القدرة أيضا على تنشيط تجارة إعادة التصدير وأن تكون هي البوابة الأولى للاستيراد، مع التأكيد على أن السلطنة تمتلك ثروات ضخمة في قطاعات اقتصادية متنوعة، فالصناعة والبتروكيماويات والخامات المعدنية والثروة السمكية والسياحة هي قطاعات ذات مردود اقتصادي كبير علينا توظيفها بشكل أكبر يحقق التنويع الاقتصادي الذي يتطلع إليه جميع أبناء عمان المخلصين.