1519325_313
1519325_313
العرب والعالم

أذربيجان وأرمينيا تواصلان اشتباكاتهما العنيفة حول منطقة «ناجورنو-كاراباخ»

05 أكتوبر 2020
05 أكتوبر 2020

حلف الأطلسي يدعو إلى وقف إطلاق النار.. وإيران «لن تتحمل» الاشتباكات على حدودها -

عواصم - وكالات: واصلت أذربيجان وأرمينيا، أمس الاثنين، اشتباكاتهما العنيفة بشأن منطقة ناجورنو-كاراباخ المتنازع عليها، حيث دخلت الاشتباكات يومها التاسع. وذكرت أرمينيا أن الاشتباكات مستمرة في جنوب ناجورنو-كاراباخ، حيث قال المتحدث العسكري شوشان ستيبانيان في بيان له إن «الاشتباكات الشرسة مستمرة».

وفي الوقت نفسه، ذكرت وزارة الدفاع في أذربيجان أن القوات الأرمينية هاجمت ثاني أكبر مدينة في أذربيجان، وهي كنجه، بصواريخ تم إطلاقها من منطقة بيرد في شمال غرب أرمينيا. ويشار إلى أن منطقة ناجورنو-كاراباخ المتنازع عليها، والتي تعتبرها الأمم المتحدة جزءا من أذربيجان، تخضع لسيطرة القوات الأرمينية المسيحية منذ عقود.

الجانبان يتبادلان الاتهامات

وتبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات أمس الاثنين بمهاجمة مناطق مدنية في اليوم التاسع من القتال الأكثر دموية في منطقة جنوب القوقاز منذ ما يزيد على ربع قرن. وقُتل مئات الأشخاص في الحرب الأحدث على ناجورنو كارباخ، وهو جيب جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني.

وأعلن إقليم ناجورنو كارباخ أن القوات الأذربيجانية شنت ضربات صاروخية على عاصمته خانكندي، بينما قالت أذربيجان إن أرمينيا أطلقت صواريخ على عدة بلدات خارج الإقليم الانفصالي. وقال فاهرام بوجوسيان المتحدث باسم زعيم الإقليم «العدو يطلق صواريخ على خانكندي وشوشي. لن يتأخر رد جيش الدفاع كثيرا».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان «معارك عنيفة مستمرة». وقالت أذربيجان إن أرمينيا شنت هجمات صاروخية على مناطق مكتظة بالسكان وعلى البنية التحتية المدنية في أذربيجان. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن نظام الرادار الخاص بها سجل أن عمليات الإطلاق تمت من أراضي أرمينيا. وقال آرتسرون هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية «من الزيف والتضليل الكامل القول بأن أرمينيا فتحت النار على مناطق أذربيجانية».

وهذه الاشتباكات هي الأسوأ منذ التسعينات حين قُتل نحو 30 ألفا، وتنتشر المعارك خارج إقليم ناجورنو كاراباخ. وأثارت الاشتباكات مخاوف دولية حول الاستقرار في جنوب القوقاز حيث تنقل خطوط أنابيب النفط والغاز الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية. وقد يؤدي الصراع إلى تورط قوى إقليمية أخرى، إذ تدعم تركيا أذربيجان بينما لدى أرمينيا معاهدة دفاعية مع روسيا.

يذكر أنه سبق وبدأ النزاع في ناجورنو كاراباخ في فبراير عام 1988، عندما أعلنت مقاطعة ناجورنو كاراباخ المتمتعة بالحكم الذاتي انفصالها عن جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفييتية في ذلك الوقت. وفي سياق المواجهة المسلحة التي جرت في الفترة بين 1992 و1994، فقدت أذربيجان سيطرتها على ناجورنو كاراباخ وسبع مناطق أخرى متاخمة لها.

ومنذ عام 1992 كانت وما زالت قضية التسوية السلمية لهذا النزاع موضعا للمفاوضات التي تجري في إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، برئاسة ثلاثة رؤساء مشاركين - روسيا والولايات المتحدة وفرنسا.

روسيا تعرب عن قلقها

من جهتها، أعربت روسيا عن قلقها بشأن ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين في منطقة ناجورنو-كاراباخ المتنازع عليها، بعد أن تعرضت أهداف مدنية في عاصمة المنطقة لهجمات صاروخية أطلقها جيش أذربيجان. ودعا وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، في مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الأرميني، زوهراب مناتساكانيان، مساء أمس الأول الأحد، بحسب ما أعلنته الخارجية الروسية. وكان أرايك هاروتيونيان، زعيم المنطقة التي يسيطر عليها انفصاليون أرمينيون مسيحيون، لكن معترف بها دوليا كجزء من أذربيجان ذات الأغلبية المسلمة، أعلن عن هجوم على مدينة ستيباناكيرت على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، دون أن يذكر مزيدا التفاصيل.

الأطلسي يدعو إلى وقف إطلاق النار

وفي سياق متصل، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج أمس الاثنين إلى وقف إطلاق النار في ناجورنو قرة باغ مع ارتفاع عدد القتلى في الاشتباكات الدائرة في الإقليم الانفصالي الواقع في جنوب القوقاز.

وفي غضون ذلك، حثت تركيا الحلف على الدعوة إلى انسحاب القوات الأرمينية من الإقليم الذي يتبع أذربيجان بموجب القانون الدولي ولكن يسكنه ويديره منحدرون من أصل أرميني. وقال ستولتنبرج، الذي كان يتحدث إلى جانب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة، إنه لا يمكن حل الصراع بالطرق العسكرية.

وأضاف «من المهم للغاية أن ننقل رسالة شديدة الوضوح إلى جميع الأطراف بأن عليهم وقف القتال على الفور، وبأننا ينبغي أن ندعم كل الجهود لإيجاد حل سلمي من خلال التفاوض». ونددت تركيا بما وصفته بالاحتلال الأرميني لناجورنو قرة باغ وتعهدت بالتضامن الكامل مع أذربيجان.

وقال جاويش أوغلو إن على حلف الأطلسي أن يدعو أيضا إلى انسحاب القوات الأرمينية من الإقليم. وقال جاويش أوغلو «أذربيجان تقاتل في أراضيها، وهي تحاول استعادة أراضيها من المقاتلين والمحتلين. قانونيا ومعنويا، على الجميع دعم أذربيجان بهذا المعنى».

وأضاف «على الجميع، وأعني حلف شمال الأطلسي، أن يدعو لحل هذه المشكلة بموجب القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وسلامة أراضي أذربيجان، بحيث تنسحب أرمينيا على الفور من هذا الإقليم».

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في كلمة مصورة للقادة إن أرمينيا تستهدف المدنيين وإنها «يجب أن تنسحب على الفور من الأراضي التي تحتلها دون ارتكاب أي جرائم إنسانية أخرى».

إيران لن تتحمل الاشتباكات على حدودها

أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية مجددا أن إيران ترصد باهتمام تطورات الأحداث على حدودها الغربية، موضحا أن طهران على اتصال بكل من أذربيجان وأرمينيا وأبلغتهما استعدادها للمساعدة في حل أزمة منطقة ناجورنو كاراباخ.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن المتحدث سعيد خطيب زادة القول إن بلاده تدعو الجانبين إلى «احترام حقوق المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب، وأن يدركا أن إيران لن تتحمل الاشتباكات على حدودها».

وأضاف أن «إيران أعدت خطة مفصلة لحل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، وهي مستعدة لمناقشتها مع طرفي النزاع»، معربا عن الأمل في أن يبادر الجانبان لوقف إطلاق النار. يأتي هذا بينما تتواصل الاشتباكات بين الجارتين أذربيجان وأرمينيا بشأن منطقة ناجورنو-كاراباخ المتنازع عليها.

مخاوف على حياة المدنيين

وتعرضت مئات المنازل والبنى التحتية الرئيسية مثل المستشفيات والمدارس للتدمير أو الإضرار، وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر.

لم يعط الانفصاليون المدعومون سياسياً وعسكرياً من أرمينيا، والأذربيجانيون، في فجر اليوم التاسع من القتال أي مؤشر على رغبتهم في تلبية دعوات الهدنة التي أطلقها معظم المجتمع الدولي.

وأعلن إقليم ناغورني كارباخ ذو الغالبية الأرمنية انفصاله عن أذربيجان في مطلع التسعينات ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل. ولم يوقّع أي اتفاق سلام بين الطرفين بالرغم من أن الجبهة شبه مجمدة منذ ذلك الحين لكنها كانت تشهد مناوشات بين الحين والآخر.

ويتبادل الطرفان الاتهام باستئناف القتال الذي أدى إلى ما يمكن أن يكون أكثر الأزمات خطورة في المنطقة منذ وقف إطلاق النار عام 1994، الأمر الذي يثير مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أرمينيا وأذربيجان.

وقال رئيس اذربيجان إلهام علييف، في كلمة متلفزة للأمة الأحد، إن الهجوم سيستمر إلى أن يغادر خصمه «أراضينا»، وطالب بأن يبادر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى «الاعتذار» ويعلن أن «قره باغ ليس ارمينيا».

وتؤكد باكو تحقيق عدد من النجاحات العسكرية ميدانيا، بما في ذلك السيطرة على العديد من البلدات والقرى.

«انتصارات خيالية»

وذكرت وزارة الخارجية الأرمينية «بعد أن فشل في تحقيق النصر في ساحة المعركة، أعلن الجانب الأذربيجاني انتصارات خيالية ونشر أخبار كاذبة عن قصف الأرمن للمناطق المأهولة الأذربيجانية». ولا تزال حصيلة المعارك جزئية إذ لم تعلن باكو خسائرها العسكرية. وسجل حتى الآن مقتل 251 شخصاً، هم 209 مسلحين انفصاليين و 18 مدنياً من قره باغ و 24 مدنياً أذربيجانياً. ويؤكد كل جانب أنه قتل من الطرف الآخر ما بين ألفي إلى ثلاثة آلاف مقاتل.

ويثير احتمال وقوع حرب مفتوحة بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز واللذين كانا سابقا ضمن الاتحاد السوفييتي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة.