salim
salim
أعمدة

نوافذ: طريق واحد

05 أكتوبر 2020
05 أكتوبر 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

حاولت فيه هذا العمود لهذا الأسبوع الابتعاد عن التطرق إلى المضاعفات التي يقودها كورونا في مجتمعنا، قناعة مني بأن الأضواء مسلطة عليه إلى حد التخمة، إلا أنه يحاصرنا من كل مكان ويتربص بنا في كل الزوايا ولا حديث غيره ولاهم سواه، يبعث فينا القلق كل لحظة وتطغى أخباره على كل شيء، وتتزايد معها أعداد‏ الراحلين يوميا.

وهذا التزايد المقلق الذي عبر عنه معالي الدكتور أحمد السعيدي وزير الصحة يوم أمس في افتتاح المستشفى الميداني يؤكد أننا كلنا أصبحنا وجها لوجه أمام هذا الفيروس الشرس المهلك للبشرية الذي تمكن منا ووصل إلى أغلبنا، فوضعنا صعب وفعلنا كل ما يمكن.

‏ورغم الأحداث التي تركها كوفيد ١٩ على عدد من الناس خلال الأسبوع الماضي، فإن الأرقام التي تتحدث عن ١٥وفاة يوميا وآلاف الإصابات، يحتاج الأمر هنا إلى التوقف وتغيير آلية التعامل معه ومع المتسببين في انتشاره..

في الأسبوع المذكور أسقط هذا الوباء مجموعة من أبناء هذا الوطن والمقيمين فيه بـ ٤٥ ‏ حالة وفاة خلال ٣ أيام فقط، بمعدل 15 وفاة في اليوم.

وكان من بين الراحلين عن هذا العالم الأخ وزميل العمل المصور فاضل عبد الواحد الحمداني أحد الرواد المؤسسين للتصوير الضوئي في السلطنة الذي فجعنا برحيله لنخسره كإنسان، وأحد مصادر الصورة القديمة لنهضة عمان، بسبب مضاعفات هذا المرض فجر يوم الجمعة الماضي.

‏وقد أخذ هذا الفيروس معه أيضا عددا من الأبرياء والأحبة الذين تعرضوا بشكل أو بآخر إلى انتقاله إليهم، وهنا تكمن مشكلة الانتشار المجتمعي بين الناس، لأننا لا نستطيع أن نفرق بين المصاب وغير المصاب من المشاهدة الأولى، والأماكن التي ينتشر فيها من عدمها، لأنه يلامس كل شيء من حولنا في حياتنا اليومية.

وفي حال ‏بقاء التعامل بهذا السلوك من القلة في المجتمع عبر التجمعات التي تصلنا أخبارها يوميا تحت أي وجه، فإنه بالتأكيد ستكون المضاعفات أكبر والآلام أعظم والخطورة أعم، والأحزان أعمق.

‏فقد بلغت الإصابات ما بلغت بتجاوزها 100 ألف إصابة في السلطنة، كنا نعتقد عند بداية الجائحة أن هذا الرقم قد يكون خياليا، كما كنا نظن أيضا أن الرقم المقدر لعدد الوفيات بـ١٠٠ مرعب، لكن بعدها بأكثر من ٦ أشهر فإن الأرقام قد تحققت فعليا بسبب أننا لم نلتزم بالتعليمات ‏والإجراءات و المحاذير والوقاية وأخذ العديد منا الأمر دون محمل الجد فيما حدث.

‏اليوم أصبح الطريق أمام الجميع واحدا لا خيار فيه، ولا مجال للسلبية فيه، فهذه الفئة التي لا تلتزم، هي التي تقودنا الآن لهذا الطريق المظلم الأوحد الذي ينهي حياة كل منا، هذه النهاية المؤسفة لا يكترث بها العديد من تجار الموت الذين يأخذون في طريقهم الأبرياء، في ‏الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث اليوم عن موجة أكبر من السابقة لهذه الجائحة، فإذا كنا في الأولى لم نستطع أن نحكم سيطرتنا عليها أو أن نحاصرها، فكيف لنا أن نواجه الموجة الثانية الأكبر خلال الأيام المقبلة، والتي أيضا تتوسع رقعتها في العالم نتيجة أيضا نفس التصرفات من بعض الفئات التي لا تكترث ولا تعي أهمية ولا تقيم وزنا لحياة الآخرين. لا خيار أمامنا ‏إلى ذلك سبيلا سوى أن نشعر بقيمة الآخرين ونلتزم ذلك الالتزام الذي سيعبر بنا إلى بر الأمان، عندما نقدر كل خطوة نخطوها، ونقلل من الاختلاط والزيارات والتفاعل مع الآخرين والحرص من ملامسة الأشياء وتجنب الأماكن التي يتواجد فيها، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يوصل هذا الفيروس لنا، من واقع أنه يتربص بنا في كل مكان وحين، لنخفف من الذين غادرونا وسيغادروننا ونقلل أعداد من هم في العناية المركزة بمستشفيات السلطنة، الذين نسأل الله لهم الصحة والعافية والسلامة والعودة إلى الحياة ‏الطبيعية، لنتشارك المستقبل معا، وما تبقى من أعمارنا.