العرب والعالم

تقريـر :ترامب وبايدن يحاولان استقطاب الناخبين من أصول أمريكية لاتينية في فلوريدا

18 سبتمبر 2020
18 سبتمبر 2020

ميامي- (أ ف ب) - ما القاسم المشترك بين الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو والإعصار ماريا الذي اجتاح بورتوريكو العام 2017؟ هما مسألتان يستخدمهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن في محاولتهما استقطاب أصوات الناخبين من أصول أمريكية لاتينية في فلوريدا.

في هذه الولاية الواقعة في جنوب شرق الولايات المتحدة التي بتت بمصير الانتخابات الرئاسية السابقة وحيث قد يتكرر الأمر ذاته في الثالث من نوفمبر المقبل، الثقل الانتخابي للناخبين من أصول كوبية معروف منذ عقود. وهم مناهضون لنظام كاسترو في كوبا وجمهوريون بغالبيتهم.

إلا أن معايير الناخبين من أصول أمريكية لاتينية قد تكون تغيرت بشكل جذري العام 2020 مقارنة بما كانت عليه في 2016.

فبعد أزمة مالية كبيرة أركعتها اقتصاديا، اجتاح إعصار ماريا بورتوريكو دافعا عشرات آلاف من أبنائها إلى المغادرة للانتقال إلى فلوريدا والانضمام إلى الجالية الكبيرة الناطقة بالإسبانية فيها.

هذا ما حصل مع تايلين نييفيس (42 عاما) التي عانت كثيرا من الإعصار في 20 سبتمبر 2017 وشهدت مباشرة الدمار الهائل الذي سببه.

« منكوبون من بورتوريكو إلى فلوريدا «

بعد شهرين على الإعصار وبعدما أنهكتها ظروف الحياة وغياب التيار الكهربائي، حملت نييفيس ابنها البالغ ثلاث سنوات مصممة على اللجوء إلى فلوريدا.

وروت قائلة «كان الأمر بغاية الصعوبة فكنت وحيدة مع طفلي. كان الأمر خطيرا أيضا».

وباتت تعيش الآن في اوبروندالي في وسط شبه الجزيرة الواقعة في جنوب شرق الولايات المتحدة. وظلت من دون عمل مدة عشرة أشهر قبل أن تجد وظيفة عند طبيب.

ويفيد خورخيه دواني مدير الأبحاث حول الشؤون الكوبية في جامعة فلوريدا الدولية «ثمة مليون ناخب بورتوريكي مسجل راهنا أي ما يوازي عدد الكوبيين تقريبا».

وفي اقتراع الثالث من نوفمبر، سيكون سلوك الناخبين من أصول أمريكية لاتينية رهنا بمعطى جديد لكنه حيوي ألا وهو حكمهم على إدارة دونالد ترامب للإعصار.

وقضى ثلاثة آلاف شخص في إعصار ماريا في بورتوريكو وهي حصيلة مرتفعة جدا ستبقى شاخصة لفترة كبيرة في ذاكرة المنكوبين الجماعية.

ويذكر كثيرون زيارة ترامب الخاطفة إلى الجزيرة التي يعتبر سكانها البالغ عددهم أربعة ملايين تقريبا مواطنين أمريكيين.

وظهر دونالد ترامب في مشاهد وهو يلقي لفائف من الورق باتجاه منكوبين مفترضين بطريقة مهينة أو أقله لم تكن بالجدية المطلوبة أمام حجم الكارثة، على ما يؤكد منتقدوه.

وبعد ثلاث سنوات على ذلك، يبدو أن الديموقراطيين مصممون على استغلال هذه الذكرى الأليمة.

وعرض فريق الحملة الانتخابية للمرشح الديموقراطي جو بايدن مقطعا مصورا يتضمن مشاهد للدمار الناجم عن إعصار ماريا مرفقا بموسيقى باد باني مغني الريغاتون البورتوريكي الشهير.

وتوجه بايدن الثلاثاء إلى كيسيمي وهو معقل بورتوريكي قريب من مدينة أورلاندو الكبيرة، معربا فيه عن تأييده لأن تصبح بورتوريكو الولاية الأمريكية الحادية والخمسين.

ورفعت لافتة كبيرة تظهر دونالد ترامب وهو يلقي من الجو لفائف الورق مع التعليق التالي «ممنوع أن ننسى».

لكن ثمة شكوك حيال قدرة هذه المجموعة الناخبة على رص الصفوف.

«الفنزيوليون «كوبيون جدد»

في المقابل يبدو أن دعم الناخبين من أصول كوبية لدونالد ترامب تعزز منذ 2016.

وجاء في استطلاع للرأي أجرته «ان بي سي نيوز/ماريست» أن الرئيس يتقدم على خصمه الديموقراطي بأربع نقاط (50% من الأصوات للأول في مقابل 46% للثاني) في صفوف الناخبين من أصل أمريكي لاتيني فيما الرجلان متعادلان على مستوى كل الناخبين في فلوريدا.

ونجح ترامب في استقطاب الناخبين من أصل فنزويلي من خلال موقفه المناهض بقوة للرئيس نيكولاس مادورو مع أن الأخير لا يزال في السلطة في كراكاس.

وقال خبير العلوم السياسية راندي بيستانا «يعتمد الجمهوريون استراتيجية بارعة تقوم على تحويل الفنزويليين إلى كوبيين جدد» على صعيد الانتخابات.

وأشاد ترامب الأحد بالمحاربين القدامى خلال الإنزال في خليج الخنازير وهي محاولة هجوم عسكري على كوبا شنها منفيون كوبيون بدعم من الولايات المتحدة في أبريل 1961.

وفي بقية أرجاء البلاد، قدم غالبية الناخبين المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية من المكسيك ودول أميركا الوسطى. وبالنسبة لهؤلاء، تشكل قضايا الهجرة موضوعا أساسيا لتحديد وجهة صوتهم الانتخابي وهي مسألة لطالما اعتمد فيها دونالد ترامب لهجة متشددة.

ونتيجة لذلك يقول 66% من المتحدرين من أصول أمريكية لاتينية أن لديهم رأيا سلبيا بالرئيس بحسب معهد «لاتينو ديسيجنز». وفي نوفمبر سيشكلون للمرة الأولى أكبر مجموعة ناخبين بين الأقليات العرقية مع 13% من مجموع الناخبين بحسب معهد «بيو».

إلا أن الأمريكيين من أصول أمريكية لاتينية في فلوريدا هم الأكثر ترجيحا للتأثير بقوة على نتيجة الاقتراع.

واستمرارا للحملات الانتخابية، التقى المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن ناخبين قدموا بسياراتهم على طريقة «درايف إن» مظهرا بفضل أسئلة لطيفة نسبيا، حسه التعاطفي الشهير ومنتقدا بشدة إدارة خصمه دونالد ترامب «شبه الإجرامية» لأزمة كوفيد-19.

وأكد بايدن مساء الخميس «هذا الرئيس يجب أن يستقيل». ويتواجه الرجلان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل.

وانتقد بايدن الذي كان نائبا للرئيس في عهد باراك اوباما، إدارة خصمه للأزمة الصحية التي أودت بحياة نحو 200 ألف شخص في الولايات المتحدة وأثقلت كاهل أكبر اقتصاد عالمي، متطرقا إلى تصريحات أدلى بها ترامب إلى الصحفي بوب وودوارد جاء فيها أنه تعمد «التقليل» من حجم الجائحة.

وقال بايدن «كان على علم ولم يتحرك. هذا عمل شبه إجرامي».

وقبل أقل من خمسين يوما على الاستحقاق الرئاسي، اختار المرشح الديموقراطي البالغ 77 عاما مسقط رأسه سكرانتون في ولاية بنسيلفانيا الأساسية في الانتخابات، للعودة إلى حلبة المواجهة الرئاسية. ورد مباشرة وللمرة الأولى منذ فوزه بالانتخابات التمهيدية على أسئلة الأميركيين.

وشكل ذلك مناسبة جديدة له لاختبار نهج هجومي جديد على ترامب مشددا على أصوله المتواضعة في هذه المدينة.

وأكد «أرى هذه الحملة فعلا على أنها حملة بين سكرانتون وبارك أفينيو» الجادة الراقية في مانهاتن على بعد خطوات من برج «ترامب تاور».

ويتقدم بايدن خصمه بأشواط في استطلاعات رأي الناخبين على الصعيد الوطني إلا أن الفارق أقل على مستوى حوالى ست ولايات أساسية تتحكم بمسار الانتخابات الأمريكية وتتأرجح بين الحزبين.

واعتمد بايدن المعروف بارتكابه هفوات، لجهة قوية خلال التجمع خصوصا وأن خصمه الجمهوري يهزأ به ويقول عنه إنه لا يتمتع باللياقة الجسدية ليكون رئيسا.

وبسبب الجائحة، اختارت محطة «سي أن ان» لهذا البرنامج شكلا غير مألوف. وقدم الحضور الذي اقتصر على مائة شخص بالسيارات إلى أمام منصة اعتلاها بايدن ونصبت في موقف للسيارات على طريقة «درايف إن» لاحترام التباعد الجسدي. ويمكن لـ250 شخصا في ولاية بنسيلفانيا التجمع كحد أقصى.

وبسبب ذلك سيطر بعض الفتور على هذا اللقاء.

إلا أن جو بادين حصد التصفيق عندما دعا دونالد ترامب إلى الاستقالة كذلك عند تأكيده أن لا حاجة للانضمام إلى أعرق الجامعات الأمريكية ليصبح المرء رئيسا.

وأمام امرأة فقدت شقيقتها جراء كوفيد-19 ومدرس يعاني من مناعة ضعيفة أعرب عن خشيته من عدم لقاء التلاميذ مجددا، أبدى بايدن الذي طبعت مآس عدة حياته، مجددا حسا تعاطفيا لا يتمتع به دونالد ترامب البالغ 74 عاما.

وأتت غالبية الأسئلة من ناخبين ديموقراطيين أو مستقلين إلا أن ناخبة مؤيدة لترامب انتقدته وعندما حاول مقاطعتها طلبت منه السماح لها بإنهاء سؤالها. فاعتذر منها المرشح الديموقراطي.

«الأغرب»

وكان ترامب قام بتجمع مماثل في بنسلفانيا أيضا الثلاثاء عبر محطة «أيه بي سي». وفاز الرئيس بهذه الولاية بفارق بسيط عام 2016 في مواجهة هيلاري كلينتون.

وعلى مدى تسعين دقيقة، رد على أسئلة مباشرة وفجة من قبل الحضور والصحفيين.

وفي تعارض واضح بين المرشحين، كان دونالد ترامب مساء الخميس أيضا في ولاية ويسنكسن الأساسية في الانتخابات لكن مع مئات من أنصاره المتحمسين الذين تجمعوا أمام الطائرة الرئاسية الأمريكية على مدرج مطار موسيني.

وسخر ترامب الذي يكثر من تجمعاته الانتخابية، من تجمع خصمه قائلا: «هذا أغرب ما رأيته حتى الآن. لا تطرح علي أسئلة بهذه الطريقة» متهما صحفي «سي ان ان» بأنه جامل بايدن.

ومع انه متخلف في استطلاعات الرأي، لا يزال الناخبون يثقون به به أكثر من بايدن في الملف الاقتصادي.

وقال الملياردير الأمريكي «لدينا أفضل اقتصاد في تاريخ العالم» مشددا على أنه عندما كان جو بايدن نائبا للرئيس كانت الصناديق التقاعدية «تنهار».