قانون الزجاج والألمنيوم
في بيروت مثلا فإن معامل تصنيع وتشكيل الزجاج أو استيراد وتقطيع وتشكيل وطلاء الألمنيوم وتجهيز الاثنين بما يلزم من أكسسوارات الخ، لم تحقق كلها نفس العوائد أو الأرباح ولم تكن كلها جاهزة للحظة كتلك، وقد لا يعاب على الأغلب منها ذلك إنما العيب يبدأ حين تعجز عن مجارة الفرصة والتعاطي معها بفاعلية، وتوظيف كل شبكة العلاقات التي أقامتها من قبل أو حتى اكتساب مهارات تشبيكية جديدة للحصول على أعلى نصيب من القيمة.
كان شاعر سويدى يطالب ذات يوم بـ "إرهاق أقل" وأصبح مطلبه وقتها شعارا قوميا، في بلد نتصوره بين الأهدأ بالا في العالم، لكن كيانات البزنس العامة أو الخاصة في العالم الحالي لا تملك رفاهية الحلم بذلك، فالإرهاق قدر الجميع، على الأقل إلى أن يعلو فوق النموذج الاقتصادي الاجتماعي الحالي الشرس نظام بديل أكثر رأفة بالناس والطبيعة.
البعد الآخر في تلك القضية هو بعد المشاريع الحكومية والمؤسسات والجهات التي تتحكم في قرار الاستثمار داخل الدولة ومتطلباته، فهي بطبيعتها في العموم ثقيلة الخطى ، بطيئة التفكير، غير مستعدة لهذا النوع من السباقات اللهم إلا في دول عربية قليلة تطورت فيها مؤشرات مناخ الأعمال تطورا مثيرا وجيدا. النقطة هنا أن لا أحد يحاسب البيروقراطية على الفرص الاستثمارية التي تضيعها ، والبيروقراطية بدورها معنية بأن تكون أوراقها سليمة وكفى، أو بحسب التعبير الشعبي، "متستفة" ، قبل أي أمر آخر في العالم، ولا يبكي أحد فيها على إن فرصة أو فرصا ضاعت وأطاحت معها بفرص عمل وضرائب للخزانة وإمكانيات للتصدير وجلب عملة أجنبية ، فبالها مستريح ما دامت نفذت اللوائح، أو ما تتصوره انه هو اللوائح بمعنى أدق، مع عدم استبعاد سوء النية في حالات كثيرة يتم فيها تعقيد الأمور أمام المستثمر، بغية الحصول على منفعة غير مشروعة. معضلة لا مفر أمام أي دولة من التصدي لها وإيجاد آلية تعاقب البيروقراطية على ضياع الفرص مثلما تعاقبها على عدم تطبيق القانون، وتقدم لها أيضا المرتبات والحوافز المناسبة والإمكانيات.
التحولات العاصفة في الإقليم ستجعل مثل هذا الأمر ضرورة وجود للدول.