Untitled-1
Untitled-1
إشراقات

محمد البهنساوي: مبادئ الإسلام قادرة على جمع البشر والتغلب على جميع المعوقات

13 أغسطس 2020
13 أغسطس 2020

داعيا إلى تفعيل دور الدين وغرس روح المحبة ونبذ التعصبات المذهبية -

■ محمد حسن البهنساوي -

الدور الأهم الذي يجب أن تقوم به الأسرة غرس القيم والأخلاق الحسنة في نفوس الأبناء ومراقبة الله تعالى في السر والعلانية، كما أن غياب الوازع الديني والقدوة الحسنة والشعور باللامبالاة يجعل الأبناء تحت تأثير العادات السلبية، ذلك ما أكده الشيخ محمد حسن محمد البهنساوي أخصائي مدارس القرآن الكريم بديوان عام وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة في هذا اللقاء، مؤكدا أن الرفقة الصالحة، الاستغلال الجيد للوقت هو خير معين على مواجهة الانحرافات التي يسببها وقت الفراغ.

وأشار البهنساوي إلى أن علماء الأمة عليهم دور كبير في رأب الصدع وتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة وعدم التعصب للخلافات في الأمور الفرعية داعيا إلى نبذ الخلاف والدعوة إلى توحيد الصف، مشيرا إلى أن مبادئ الإسلام قادرة على جمع البشر وإن وجدت بعض المعوقات فهناك بعض الأسس تعين على التغلب على هذه المعوقات وتجعل الترابط بين الأمة الإسلامية ارتباطا وثيقا في إطار وسطية الإسلام وعقيدته السمحة بعيدًا عن الغلو والتشدد والتعصبات المذهبية التي تؤدي إلى تفكك الأمة.. تفاصيل أكثر نقرأها في اللقاء التالي:

■ ما هي أهم الطرق وأفضل الأساليب في تربية الأبناء تنصحون أولياء الأمور باتباعها؟

أهم الطرق في تربية الأبناء نقتبسها من كتاب ربنا بحيث نغرس فيهم رقابة الله تعالى والأمر بالمحافظة على الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعاملة الآخرين معاملة حسنة وذلك ما نراه في وصية لقمان لابنه وهو يعظه التي وردت في سورة لقمان وكذلك نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تربية الأبناء تربية حسنة بغرس الفضائل والصفات الحسنة من صدق وأمانة وغير ذلك من الصفات التي كان دائما يحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرسها في أصحابه.

■ كيف نحصّن ‏الشباب دينيا وخلقيا.. وما هي أبرز اِلأسباب التي تدفعهم للوقوع ‏فريسة‏ ‏المخدرات؟

تحصين الشباب يبدأ من الأسرة فالأبناء غالبا ما يتأثرون بآبائهم وأمهاتهم فدور الأسرة في غرس القيم والأخلاق الحسنة دور مهم جدا، وكذلك استشعار الأسرة المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأنهم سيسألون عن ذلك أمام الله يوم القيامة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وأن أكثر ما يفيد الشباب اهتمامهم بالقرآن الكريم حفظا وتدبرا وقراءة الكتب النافعة من سيرة الرسول وأصحابه وغيرها من الكتب، فإذا ترك الأبناء دون رقابة من الآباء والأمهات كان ذلك سببا في وقوعهم فريسة سهلة لأصدقاء السوء الذين حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي الدخول في مستنقع الرذيلة والمخدرات.

■ تأخّر الزواج عند الشباب أسبابه كثيرة أهمها.. غلاء المهور وابتداع الكثير من الأمور التي تنهك الشاب اقتصاديا.. ما هي رسالتك في هذا الجانب؟

لا شك أن غلاء المهور من أعظم الأسباب في تأخر الزواج، وتعطل الكثير من الشباب والفتيات بسبب مغالاة المهور، ويترتب عليه تأخر سن الشباب والفتيات في الزواج مشاكل كثيرة، فالواجب العناية بهذا الأمر، والحرص على عدم المفاخرة والمباهاة في المهور وغيرها، والولائم وغير ذلك، فإن المباهاة والمفاخرة في هذه الأمور، يسبب مشاكل كبيرة واقعة، فالواجب على أولياء الأمور تسهيل المهور، مع العناية بتقليل الولائم وعدم التوسع فيها، والاقتصار على الشيء القليل الذي تحصل به السنة، ومن نظر إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته في نكاحه لزوجاته وكذلك أصحابه الذين ساروا على نهجه لوجدناهم مقتصدين في مهورهم وكذلك في ولائم عرسهم.

■ دخول الثقافات المختلفة والحضارة الغربية إلى ثقافاتنا وبالتالي تأثر الشباب بهذه الثقافات وإحساسهم بالانتماء إليها.. ما هي أسبابها؟ وكيف نواجهها ونتصدى لها بحملات مضادة في رأيك؟

الثقافة الإسلامية والعربية هي الأصل وهي التي نشأنا وترعرعنا فيها، ولكن بعض الشباب يرغبون بالممنوع، تبعا للقول المعروف، (كل ممنوع مرغوب)، كذلك يوجد لدى الشباب الحافز لمعرفة كل شيء جديد وغير مطروق، لذلك يقوم بعض الشباب في مجتمعاتنا بتقليد الغرب من خلال اللباس والطعام واستخدام بعض الكلمات وطريقة لفظها، وهم يعتقدون أن القيام بمثل هذه الأمور من متطلبات العصر، ومن التحضر، وأسباب هذا التقليد هو وجود أوقات الفراغ، وغياب الوازع الديني والشعور باللامبالاة وغياب القدوة الحسنة والمثل الأعلى الأمر الذي يجعلهم تحت تأثير بعض العادات الغريبة السلبية. وعلاج ذلك لابد من زرع الثقافة الأصيلة في نفوس الشباب وعقولهم وهذه المهمة تقع على عاتق الأسرة والمؤسسات الثقافية والدينية والإعلامية، وتوفير فرص عمل لكي يفرغ الشباب طاقاتهم فيها، ولسد حاجاتهم المادية، كذلك لابد من تقوية الوازع الإيمان لدى الشباب وترسيخ مفهوم الحلال والحرام، وعمل ندوات إعلامية بهدف نشر الوعي بهذه الظاهرة، وإفهام الشباب بحسن استغلالهم لوقتهم، فالاستغلال الجيد للوقت خير معين على مواجهة هذا التقليد والانحرافات التي يسببها وقت الفراغ، وكذلك القيام برحلات ترفيهية وتعليمية بهدف تلبية حاجاتهم العقلية والمعرفية، وإقامة دورات تخصصية لتنمية مهاراتهم الإبداعية، وتوفير مراكز شبابية تهتم بالشباب كالمراكز الثقافية والأندية الرياضية، والاهتمام بالناحية التربوية التي تركز على زرع القيم والمبادئ الإنسانية التي تجعل من الشاب واثقا من نفسه ومن حاضره ومستقبله.

■ الوقت.. ما أدراك ما الوقت، هناك قلة إدراك لقيمة الوقت عند الكثير من شرائح المجتمع.. ما فائدة الوقت في حياة الإنسان؟ وما الذي يجب عليه حتى يخطط جيدا لحياته دينيا ودنيويا؟

لقد أقسم الله تعالى بالوقت في كتابه الكريم، حيث قال عز وجل: (والعصر، إن الإنسان لفي خسر)، وقال سبحانه: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)، ولا يقسم العظيم إلا بعظيم، فأولى الإسلام الوقت الكثير من الاهتمام لأنّ فيه تتمّ الأعمال الصالحة أو الطالحة ويحاسب العبد بناءً على هذه الأعمال، ويعلم مكانه في الآخرة. أوجب الإسلام ملء الوقت بالأعمال الجيّدة والإيجابية والتي تعود على الفرد بالمنفعة والخير مثل: أداء العبادات، وممارسة الرياضة، والقراءة فيما ينفع الأمة، حيث إنّه لا يوجد أخطر على الناس خاصّة الشباب من الفراغ لأنّه يؤدّي إلى اتّباع الطريق الخاطئة، ويستغل الشيطان هذا الفراغ ويجرّ الإنسان إلى طريق الفساد والمعاصي ويزيّنها في عينه، ويصغّر من إثمها فيضيع الإنسان، وينغمس في الشهوات والضلالات، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحّة والفراغ». فيجب على الإنسان أن ينظّم وقته ويستغلّه في اتباع الأسباب المشروعة التي قد توصل إلى الهدف، كما يجب الابتعاد عن أصدقاء السوء الذين يضيعون وقتهم في اللهو واللعب واتباع المفاسد فالرفقة الصالحة تشجّع الفرد على استغلال الوقت بما يرضي الله عز وجل وكسب الحسنات التي تأتي يوم القيامة تثقل ميزانه فالإنسان مُحاسب على كل لحظة من عمره ماذا عمل بها؛ فكم من شيخٍ كبير يتمنّى لو يرجع به العمر ليستغلّ وقته فيما ينفعه، فيجب عدم ترك المجال للشيطان بأن يدخل من مداخل أنّ الوقت قد فات ولا ينفع الندم وإنّما كل لحظة يمكن البداية منها فلعلّ هذه اللحظة هي التي يبدأ فيها الإنسان تصويب أوضاعه هي المنقذة له.

■ هناك تيار من الدعاة ابتعدوا كثيرا عن المنهج الوسطي الذي دعا إليه الإسلام الحنيف.. ما سبب ذلك في نظرك؟ وما هي النصيحة التي تقولها لهم؟

نعم هناك تيار من الدعاة ابتعدوا عن التيار الوسطي الذي دعا إليه الدين الحنيف وسبب ذلك تعصب هؤلاء لمذهب معين أو قول معين وعدم عرضهم المسائل على أقوال المذاهب والعلماء وللأسف سار على نهج هؤلاء قوم لم ينظروا إلا إلى قول من يتعصبون له دون دراسة

ولم يكن هذا دأب السلف السابقين كان الواحد لا يتعصب لرأيه إن رأى خيرا منه، وكانوا على دراية أن الآية ربما تحتمل في تفسيرها أو تأويلها عدة آراء أو أقوال وكذلك الحديث ولا يتأتى ذلك إلا بدراسة بعض العلوم الشرعية كالناسخ والمنسوخ وعلم أصول الفقه وغيره من العلوم التي تعين الداعية عل ترجيح مسألة على أخرى وعدم التعصب لرأي معين والدليل ما حدث حينما أخبر الرسول أصحابه قائلا: (لا يصليّن أحد منكم العصر إلا في بني قريظة) ففهم البعض أنه لا يصلي إلا في بني قريظة فلم يصلوا إلا في بني قريظة وفهم الآخرون أن الرسول يقصد السرعة فصلوا في الطريق فأقر الرسول كلا منهم.

■ ما هو الدور المنتظر من علماء الأمة اليوم في رأب الصدع وتوحيد الكلمة؟

علماء الأمة عليهم دور كبير في رأب الصدع وتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة وعدم التعصب للخلافات في الأمور الفرعية التي ورد فيها الخلاف بين العلماء والالتفاف حول التمسك بأصول هذا الدين الحنيف خاصة في هذه الأيام التي كثر فيه التنازع بين المسلمين وذلك بالدعوة لعقد مؤتمرات بين كل فترة وأخرى والحرص على مناقشة المسائل التي تسبب الخلاف بين الدول الإسلامية ومعالجتها كذلك التوصية أن يكون الخطاب الديني موضحا لكل هذه الأمور داعيا دائما إلى نبذ الخلاف والدعوة إلى توحيد الصف.

■ الأسرة هي نواة المجتمع بصلاح أفرادها تسعد المجتمعات وبخلاف ذلك تشقى وتنحط الى الحضيض.. هلا أوضحت لنا حقوق الأبناء على الوالدين في تنشئتهم النشأة الصالحة؟ وما هي عاقبة التقصير في هذا الجانب؟

حقوق الأبناء على الآباء تبدأ قبل ولادتهم فاختيار الزوجة الصالحة هو أول حق من حقوق الأبناء ثم بعد ذلك تتوالى الحقوق بعد الولادة، وعلى الوالدين معا أن يختارا له اسما حسنا ثم بعد ذلك تنشئته تنشئة صالحة بغرس المفاهيم الإسلامية الصحيحة منذ نعومة أظفاره من عقيدة صحيحة وصدق وأمانة حتى طريقة الأكل والشرب والملبس وغير ذلك كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بن عباس حينما كان غلاما صغيرا: (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ...) إلى آخر الحديث. ولا ننسى حق الأبناء في تعليمهم القرآن الكريم وحثهم على المحافظة على الصلاة في وقتها والتخلق بالأخلاق الحسنة، فإن قصر الآباء والأمهات في هذه الجوانب سوف ينشأ الأبناء تنشئة بعيدة عن تعاليم الإسلام وستكون أول نتيجة لذلك هو عقوق الوالدين كما نسمع ونرى في هذه الأيام.

■ ما هي أهم المرتكزات اللازمة لتأسيس فقه حضاري من أجل النهوض بالأمة لمواكبة الركب الحضاري العالمي؟

الفقه ليس مجرد اختلاف في مسائل بين المذاهب ولكن محاولة الجمع بين هذه المسائل والآراء واختيار ما يناسب المكان والوقت ونظرا لتطور مراحل الحياة واختلافها عما سبق وظهور مسائل في علم الفقه لم تكن موجودة من قبل فإن على أهل التخصص في هذا المجال وضع حلول لهذه المسائل المستحدثة والتي لم تكن موجودة من قبل بما لا يتعارض مع القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى تواكب الأمة الإسلامية الركب الحضاري ولا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التطورات.

■ مبادئ الإسلام مبادئ إنسانية عامة قادرة على الجمع بين البشر وتحقيق مصالحهم.. كيف لنا معالجة المعوقات التي تقف في طريق الانتماء إلى الأمة بهدي من القرآن الكريم والتوجيه النبوي الشريف؟

نعم مبادئ الإسلام قادرة على جمع البشر وإن وجدت بعض المعوقات فهناك بعض الأسس تعين على التغلب على هذه المعوقات وتجعل الترابط بين الأمة الإسلامية ارتباطا وثيقا من ذلك ضرورة حث المسلمين على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وضرورة ربط الفرد بالقيم السامية الدينية والخلقية في إطار وسطية الإسلام وعقيدته السمحة بعيدًا عن الغلو والتشدد وعدم الأخذ بالمفاهيم الخاطئة وضرورة إحياء وتفعيل دور الدين في حياة المجتمع لتعزيز تماسُكه وانتماء أفراده وتعزيز الثقافة الإسلامية كأساس لبناء الهوية والانتماء الوطني كذلك الاهتمام بالقيم الإسلامية المعززة للترابط الاجتماعي والانتماء وتعزيز دور الأسرة والمدرسة وكذلك الإعلام في تنمية الشعور بترابط الأمة الإسلامية وغرس روح المحبة والوئام بين المسلمين في كل مكان ونبذ التعصبات المذهبية التي تؤدي إلى تفكك الأمة الإسلامية.