oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

في عمق التاريخ باتجاه إشراقة المستقبل

10 أغسطس 2020
10 أغسطس 2020

من المدرك أن التاريخ العُماني كنز من الكنوز التي لا يمكن احتواؤها أو الإلمام بها من وهلة سريعة، إذ يتطلب تعمقًا ورؤيةً وبصيرةً في القراءة والتحليل والأخذ بالمعطيات أيضًا استصحاب مجمل صور المعارف الحديثة والعلوم في وعي التاريخ والجوانب الإثنية والأنثربولوجية والجيولوجية وغيرها من أطياف المعرفة الإنسانية المتسعة في هذا الإطار.

مع توالي الكشوفات الأثرية والدراسات الجديدة حول هذا الموضوع فإننا في حاجة إلى قراءات متجددة لهذا التاريخ الثري، يكون لها الدور والنصيب في إيجاد الاستنارة المطلوبة لإضاءة المزيد من طرق المستقبل ووعي الإنسان العماني لدوره الحضاري والإنساني الذي اضطلع به عبر التاريخ ويجب أن يستمر عبر مسيرة الحياة المستقبلية، بما يساهم في رفد هذا الكوكب الذي نعيش فيه والحضارة الإنسانية، بشكل عام وبكافة المعاني الجميلة والسمحة وغيرها من الفنون والحرف والصناعات والخبرات المتعددة.

ثمة العديد من البحوث والدراسات التي تجريها جامعات ومؤسسات أكاديمية مرموقة في العالم تؤكد على ما يشار إليه دائمًا من عمق هذا التاريخ وغنائه والحاجة إلى الحفر فيه بالمزيد من التقصي والمعالجات العلمية، بحيث يكون لنا إنتاج ما يمكن الاصطلاح عليه بـ«العُلوم العمانية» التي قد يكون لها طابع الانطلاق من التجربة والخبرة في المكان عبر الحقب والعصور، لكنها ككل معرفة إنسانية لها سمة الانتشار والتوسع لتكون مفيدة للبشرية بشكل جامع.

الحاجة إلى مثل هذه القراءات الجديدة والأكثر حداثة لا شك أنها مسؤولية تقودها مؤسسات البحث العلمي والجامعات، ومدرك أن مثل هذه الأبحاث والعلوم الحديثة لها دور في رفد طريق المستقبل، إذ نهوض الأمم وإنتاج الحضارة يكون عبر تعميق معنى النهضة في كونها ذلك التوازن الدقيق والأصيل بين قيم الماضي والتاريخ وما تحفل به اللحظة المعاصرة أو الآنية، ليكون بعدها الطريق سلسًا إلى المستقبل.

أيضًا يشار إلى أن هذه الجوانب لها دور وطيد الصلة بالجوانب الاقتصادية وتطوير تجربة السياحة الثقافية والتراثية في السلطنة، حيث إن السياحة في هذا المضمار، تقوم في المقام الأول على إدراك ووعي الثراء المحلي للمكان من حيث التنويعات الثقافية والتراثية ومكتسبات البشر عبر تاريخهم الممتد لآلاف السنين.

أيضًا تشير الدراسات الحديثة إلى ما يعرف بوحدة الموضوع الإنساني في الخبرات والتجارب والإضافات من حيث الاكتشافات والصناعات والحرف وغيرها، وهذا يعني أنه من الممكن إجراء دراسات مقارنة بين المنتج العماني عبر العصور والمنتجات والمكتسبات للتجارب الإنسانية الأخرى في بلدان قد تكون بعيدة.

حيث تشير دراسة حديثة مثلًا إلى أن سكان عُمان والمنطقة عمومًا عرفوا بعض الاكتشافات القديمة قبل سكان أمريكا الشمالية، وهذا يعزز كما يرى الباحثون، ما يعرف بدراسات «التقارب الثقافي» الذي قد يكون قائمًا دون اتصال مباشر، من حيث الاعتماد على ما يعرف بتراكم الخبرة الإنسانية.