Screen Shot 2020-07-26 at 12.42.41 PM
Screen Shot 2020-07-26 at 12.42.41 PM
أعمدة

ربعي..كيفكم؟

26 يوليو 2020
26 يوليو 2020

حمده بنت سعيد الشامسية

[email protected]

بهذه الكلمات كانت الشابة (دارين مهدي) تطل على متابعيها عبر صفحتها في (الإنستغرام)، التي يقصدها آلاف المتابعين من مختلف الخلفيات والفئات العمرية يوميا من أجل جرعة أمل وتفاؤل، فتلك الفتاة كانت قادرة على انتزاع الابتسامات من أكثر الوجوه تجهما، كانت مدرسة في الشغف، ذات روح شفافة نقية، وثقافة غزيرة.

صعدت روحها إلى بارئها بطريقة مباغتة وسريعة، وكأنما لتؤكد على الكلام الذي ظلت تردده كثيرا على مسامعنا، بأن الحياة قصيرة، علينا أن نحرص على استغلال كل دقيقة فيها لترك أثر يدوم، والاستمتاع بكل نفس، وأن نضحك كثيرا ونحب كثيرا.

كنت على موعد معها يوم وفاتها، لأحاورها ضمن سلسلة (قصة نجاح) التي أقدمها على صفحتي، والتي أسعى من خلالها إلى تقديم نماذج تمثل معنى النجاح الحقيقي للناشئة، بعيدا عن الصورة النمطية التي تسوق لهم اليوم، و تحصره في الثراء الفاحش، والشهرة الواسعة، والمنصب المرموق، لاشك أن هذه إحدى ظواهر النجاح لكنها ليست هي النجاح، دارين كانت تمثل النجاح بصورته الجميلة، من خلال تأثيرها الإيجابي على كل من عرفها، سواء بشكل شخصي أو عبر حسابها كفتاة مؤثرة في شبكات التواصل، وتأثيرها شمل هذا الكوكب الذي نعيش عليه، من خلال نشاطها البيئي، الذي علمتنا من خلاله أن ننظر لأنفسنا كجزء لا يتجزأ من مكونات هذا الكوكب، لأننا كذلك، ولأن وجودنا يعتمد على أصغر كائن فيه.

اللحظة التي تلقيت اعتذارها فيه، توقعت احتمالات عدة لكن الموت لم يكن من ضمنها أبدا، فدارين بدت أكبر من الحياة ذاتها، حتى وجدت الرسائل تنهال علي من كل مكان مستفسرة عن أخبار لا علم لي بها، أخبار تمنيت ألا تكون صحيحة، لكن الموت هو الحقيقة الوحيدة للأسف الشديد، غادرت دارين في أول أيام ذي الحجة، في اليوم الذي أكدت علي مرارا وتكرارا التزامها فيه بلقائي، وصدقتها لأنها من أكثر الأشخاص التزاما وصدقا، لكنها لم تأتي، ولن تأتي، ذهبت وتركت لي كما من كلمات الحب، وضحكة ستظل تنتزع منا الابتسامة، وروح أخالها تحلق حولنا تذكرنا بروح نقية كانت تعيش بيننا، فدارين كانت روح خالصة،، سبحان الله.

اشتعلت كل شبكات التواصل بها، حتى من لم يسمع بها من قبل، شرع يبحث عن سر هذا الحزن الذي ساد هذه الصفحات، التي امتلأت بصور فتاة ضاحكة مقرونة بكلمات حزينة، تحتار أن تضحك مع ضحكتها المعدية، أم تحزن لها، لكن الحزن كان أقوى، حتى من لايعرفها اعترف بأنه حزن كثيرا لغيابها، فما سر هذه الفتاة، ما الذي جعل لها كل هذا التأثير، سؤال كان مطروحا بقوة، والإجابة عليه درس قيم لنا جميعا، تركته لنا، لمن لديه القدرة على استيعاب الدروس العميقة لدارين.