1485219
1485219
العرب والعالم

العملية العسكرية التركية في العراق: ما أسبابها وما انعكاساتها؟

17 يونيو 2020
17 يونيو 2020

بغداد - (أ ف ب): نشرت تركيا امس قوات خاصة في شمال العراق، في إطار عملية بريّة وجويّة ضد متمرّدي حزب العمال الكردستاني، المعادي لأنقرة التي تصنّفه «إرهابياً».

ولم يصدر حتى الساعة أي رد فعل من سلطات إقليم كردستان العراق، لكن بغداد نددت بـ «انتهاك السيادة». فما هي أسباب هذه الحملة العسكرية التركية وكيف ستكون انعكاساتها؟.

لماذا حزب العمال الكردستاني؟

بالنسبة إلى أنقرة، يعد حزب العمال الكردستاني «تنظيماً إرهابياً» كما هو الحال بالنسبة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويمثل «تهديدا استراتيجيا» كان كلّف أموالاً وضحايا كثيرين منذ عام 1984، بحسب ما يقول الباحث عادل بكوان لوكالة فرانس برس.

بعد استفتاء الاستقلال في كردستان العراق عام 2017، وصفت بغداد تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الإقليم والمناطق المتنازع عليها مع أربيل، التي استعيدت في العام نفسه، بـ«إعلان حرب».

أما في أربيل، فمنذ نيل الإقليم الحكم الذاتي في عهد صدام حسين عام 1991، فقد فرض حزب العمال الكردستاني حضوره فيها «بسبب قوته العسكرية» التي لديها ارتباطات قوية بالأحزاب الكردية العراقية الرئيسية، وفق بكوان.

وهذا الحزب الذي يقدم نفسه على أنه حامل القضية الكردية في الشرق الأوسط، هو في الواقع منافس لإقليم كردستان العراق، الكيان الكردي الوحيد الذي حصل على حكم ذاتي لسكانه البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، على عكس الأكراد في سوريا وتركيا أو إيران.

يقول بكوان إن «قيادة حزب العمال الكردستاني، على سبيل المثال، لا تعترف بالحكم الذاتي لكردستان العراق».

ويضيف أنه لذلك هناك «حرب طويلة الأمد بين الأكراد، من جهة هناك الحزب الديمقراطي الكردستاني (وزعيمه مسعود بارزاني في أربيل) والاتحاد الوطني الكردستاني (الذي أسسه الرئيس الراحل جلال طالباني) مدعومين من تركيا، وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى».

ونتيجة لذلك «لا يمكن تصور دخول القوات التركية دون تعاون فعلي من السلطات الكردية العراقية».

لماذا الآن؟

تتواجد مقار حزب العمال الكردستاني في مناطق عدة على الشريط الحدودي العراقي التركي، بدءا من بلدة زاخو مرورا بمنطقة الزاب في قضاء العمادية بشمال دهوك، وصولاً إلى شمال أربيل في مناطق برادوست وخواكورك وسفح جبل قنديل الواقع بين محافظتي أربيل والسليمانية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشن فيها تركيا هجمات ضد حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي. فقد نفذت هجوماً برياً عام 2007، وآخر قبل نحو عامين تمكنت خلاله من تثبيت نقاط دائمة لها داخل الأراضي العراقية بعمق 30 كيلومتراً.

وتحتفظ تركيا بأكثر من عشرة مواقع عسكرية منذ عام 1995 داخل الأراضي العراقية في محافظة دهوك.

لكن اليوم، وفي سياق سياسي متوتر بالنسبة لحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعتبر العراق أحد الأسس التي يعيد فيها تأكيد القوة التركية.

ويوضح بكوان أن أنقرة «ملتزمة بشدة في سوريا وليبيا، وترغب في أن تكون كذلك في اليمن. وخطتها هي تقديم نفسها كقوة أساسية في تسوية النزاعات في الشرق الأوسط، والعراق جزء من ذلك».

وأكثر من أي وقت مضى، تميل أربيل اليوم إلى قبول أي تسوية مع تركيا، منفذها الوحيد إلى البحر لتصدير براميلها من النفط، والممول السخي الذي أقرضها خمسة مليارات دولار لدفع رواتب الموظفين عام 2014. ولم تدفع السلطات الكردية من أشهر عدة حتى اليوم، رواتب موظفيها، تزامناً مع توقف مفاوضاتها مع بغداد.

ما الذي سيتغيّر؟

على الصعيد الدبلوماسي، لا شيء كبيراً قد يحدث، لكن بالتأكيد أن موازين القوة الإقليمية ستصبح محل تفاوض.

ويشير المحلل السياسي الكردي العراقي هوشيار مالو إلى أن «تركيا تخالف القانون الدولي في مقابل موقف خجول من الحكومة العراقية» إزاء الضربات الجوية الأولى، والذي لم يمنع عملية بريّة.

واستدعت بغداد الثلاثاء السفير التركي لديها وسلّمته رسالة احتجاج رسمية. لكن هذه المرة كان وكيل الوزارة الذي التقى السفير وليس وزير الخارجية نفسه كالمعتاد.

لكن السفير التركي فاتح يالديز رد عبر تويتر بالقول إنه أبلغ العراقيين أن أنقرة ستواصل تحركها ضد «الإرهاب» طالما أن بغداد لا تتدخل لطرد حزب العمال الكردستاني.

ولم يعلق وزير الخارجية فؤاد حسين، وهو مقرب من مسعود بارزاني، على الموضوع حتى الآن.

ذلك لأنه بحسب بكوان فإن قيام إقليم كردستان بغض النظر عن العملية التركية «يقدم نفسه شريكاً على الساحة الإقليمية ويعزز وزنه»، لكنه في المقابل «يشوه سمعته كلاعب قومي وممثل سياسي للأكراد».