الاقتصادية

العقار بحاجة لـ «إنعاش» بعد إصابته بـ كورونا!

14 يونيو 2020
14 يونيو 2020

  • الجائحة أثرت على القطاع.. ولكنه يعاني تحديات أخرى بعد رفع رسوم التداول والتثمين
  • الرقيشي: قطاع العقار يمر بمرحلة عدم استقرار منذ 6 سنوات
  • البوسعيدي: الإجراءات الاحترازية من «كوفيد 19» حدت من البيع ولشراء
  • المحروقي: ارتفاع ضريبة التداول العقاري أدى إلى عزوف المستثمرين

الحراصي: كثيرون اضطروا لإنهاء عقود الإيجارات بعد الاستغناء عنهم من قبل الشركات

استطلاع- شمسة الريامية

لم يكن القطاع العقاري بمنأى عن تأثيرات جائحة «كورونا»، التي شلت الحركة التجارية والاقتصادية لأشهر، حيث لم يكن أمام الشركات والمصانع مع توقف عملياتها، سوى تقليص أعداد العاملين لديها خصوصا الأجانب وهو الأمر الذي انعكس على إخلاء كثير من الوحدات السكنية، وفي جانب آخر فإن الإجراءات الاحترازية للتقليل من عدوى إصابات الفيروس أثرت على البيع والشراء في القطاع.

ورغم تأثيرات الجائحة على العقار في السلطنة إلا أنها ليست كل ما يعانيه هذا القطاع، فقد تباطأت حركة البيع والشراء، وتراجعت قيمة الإيجارات خلال السنوات الأخيرة، لكثير من الأسباب في مقدمتها تخمة المعروض، ورفع نسبة الرسوم الإسكانية كما يراها كثير من المعنيين والمهتمين وأصحاب الشركات العقارية.

وقالوا في استطلاع لـ «عمان»: إن القوانين والتشريعات ذات الصلة بالقطاع العقاري تحتاج إلى إعادة صياغة بحيث تناسب المرحلة الحالية، فضلا عن ضرورة إيجاد حزمة من المحفزات لدفع المستثمرين والأفراد إلى الاستثمار في القطاع، وإعادة النظر في قوائم التثمين التي عادة ما تكون أعلى من قيمة البيع الفعلية، والسماح للمستثمرين الأجانب بتملك العقارات في أماكن مختلفة.

وأضافوا:إن رفع نسبة الرسوم المدفوعة للإسكان أثناء عملية الشراء إلى 5% ساهمت في الحد من الحركة والنشاط في القطاع، مطالبين بإيجاد مظلة واحدة للقطاع لحفظ الحقوق والواجبات، ونظام مؤسسي إلكتروني لتخليص معاملات المستثمرين في فترة وجيزة.

وأوضحوا أن جائحة كورونا أثرت على عمليات البيع والشراء في القطاع نظرا لما يتطلبه من معاينة المواقع العقارية واللقاء المباشر مع الزبائن، مشيرين إلى أن الأفراد يتوجهون إلى الاستثمار في الشقق والأراضي، ويفضلون الفلل للسكن فيها. واقترح البعض منهم إلى التوجه في المرحلة القادمة إلى «الاستديوهات» التي تتكون من صالة وغرفة فقط للاستثمار فيها نظرا لضعف القدرة الشرائية لدى فئة كبيرة من الناس.

يقول حسن بن خميس الرقيشي، رئيس لجنة التطوير العقاري والإنشاءات بغرفة تجارة وصناعة عمان ان القطاع يمر بحالة من عدم الاستقرار منذ 6 سنوات، وذلك لعدة أسباب منها الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ 2015 نتيجة تراجع أسعار النفط، وعدم وجود خطة جادة لتحسين وضع القطاع، فضلا عن عدم وجود حزمة من المحفزات الحقيقية من الحكومة، وعدم تجاوب الجهات المشرعة لإعادة صياغة القوانين والتشريعات التي مرت عليها فترة زمنية طويلة وأصبحت لا تناسب المرحلة الحالية.

واعتبر الرقيشي أن تأثيرات جائحة كورونا ليست هي فقط ما يعانيه سوق العقار بالسلطنة، رغم انه مرتبط بجميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، ويتأثر ما يحدث. وقال: القطاع يواجه العديد من التحديات في الوقت الحالي، ومن أهمها عدم إشراك المختصين والمهتمين ورجال الأعمال بالقطاع العقاري في صياغة القرارات والأخذ بآرائهم، الأمر الذي يقلل من الحركة والنشاط في القطاع. فضلا عن الرسوم المرتفعة كرسوم التصرف القانوني للبيع وهي 5% مما تساهم هذه النسبة المرتفعة في عزوف الكثير من المستثمرين وغيرهم من شراء العقارات، وعليه نأمل في إعادة النظر في هذه الرسوم.

وأضاف الرقيشي: في ظل المستجدات التي يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا، يجب العمل بشكل متسارع نحو التحول من العمل التقليدي إلى العمل التقني، وعلى صناع القرار إيجاد حزمة من المحفزات لدفع المستثمرين والأفراد إلى الاستثمار في هذا القطاع، واهمها خفض الرسوم من 5 % إلى 2 % ، فضلا عن إعادة النظر في قوائم التثمين التي في غالب الأحيان تكون أعلى من قيمة البيع الحقيقية، ومراجعة الكثير من القوانين والتشريعات بحيث تتناسب مع المرحلة الحالية.

وأكد أن حركة البيع والشراء في القطاع العقاري لم تتوقف خلال الفترة الماضية، فالشراء في العقار ينقسم إلى نوعين الأول احتياج وهذا النوع من الشراء لا يعتمد على وضع السوق، فالأشخاص الذين يصلون إلى قناعة امتلاك منزل للسكن سوف يقومون بالشراء بغض النظر عن وضع السوق، أما النوع الآخر هو المستثمر الذي ينظر إلى الكثير من المعايير قبل الشراء مثل حجم العائد، والرسوم، وإمكانية ارتفاع العقار من عدمه، وهذا النوع من الشراء تراجع بشكل كبير نظرا لما مر به القطاع من أزمات.

مظلة واحدة

وقال محمود المحروقي المدير التنفيذي لشركة المهاد العقارية وعضو لجنة التطوير العقاري والإنشاءات بغرفة تجارة وصناعة عمان: إن القطاع العقاري إحدى الركائز المهمة في السلطنة، إذ أنه يتأثر ويؤثر كغيره من القطاعات، ورغم حالة التذبذب التي يمر بها القطاع، إلا أن السوق العقاري لا ينضب ومورد متجدد، يمرض ولكن لا يموت، وهذا ما نراه من تداول يومي، بالرغم أن التداول تراجع كثيرا في الفترة الماضية وهذا أمر طبيعي في ظل انتشار وباء كورونا.

وأضاف: تأثر الكثير من أصحاب المشاريع العقارية في ظل أزمة كورونا «كوفيد ١٩»، وانعكس ذلك سلبا على القطاع العقاري، خاصة فيما يتعلق بالإيجارات، حيث اضطر الكثير من ملاك الفلل والشقق إلى مراعاة قيمة الإيجار الذي يؤثر بدوره في قيمة العقار.

وأوضح أن بالرغم من وجود أزمة اقتصادية تمر بها السلطنة والعالم أجمع نتيجة تفشي وباء كورونا، وتراجع أسعار النفط إلا أن القطاع العقاري ما زال متماسكا في بعض المواقع لزيادة الطلب عليها، والتأثير الأكبر في عدد التداول رغم تماسك بعض من المناطق في قيمة العقار، مشيرا إلى أن اغلب الأفراد يتجهون إلى شراء السكن الملائم لهم بدلا من الاستثمار في هذا القطاع.

وأشار المحروقي إلى أن الأفراد في الآونة الأخيرة يتوجهون نحو العقارات المدرة للدخل من مثل الوحدات السكنية (شقق - فلل) أو الوحدات التجارية (المحلات) وذلك نظرا لتوفر مصادر التمويل المناسبة، كما يتوجه البعض بعد ذلك إلى ادخار العوائد الإيجارية لشراء أراضي بأسعار جيدة وذلك لبناء منزل جيد للسكن أو استثمارها.

وقال عضو لجنة التطوير العقاري والإنشاءات بالغرفة أن سوق العقار بالسلطنة يواجه العديد من التحديات منها ارتفاع ضريبة التداول العقاري عند التنازل إلى ٥٪ مما أدى إلى عزوف الكثير من المستثمرين لما تشكله هذه النسبة من مبالغ كبيرة تؤثر على العائد الاستثماري، كما أثرت على المواطن الراغب بالسكن حيث أن الكثير من المواطنين يقومون بالشراء عن طريق التمويل، ولا تتوفر لديهم مبالغ إضافية عند الشراء لدفعها إلى وزارة الإسكان، موضحا أن الإجراءات الطويلة والمعقدة تثقل كاهل المواطن والمستثمر وذلك نظرا لعدم وجود نظام مؤسسي وإلكتروني يكفل للمواطن تخليص معاملاته وإجراءاته بطريقة واضحة وشفافة في فترة زمنية محددة دون الحاجة للتردد بشكل يومي لمتابعة خدمة واحدة مما يعيق من التوسع في هذا القطاع وبالأخص في مجال الاستثمار.

ولفت المحروقي إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه القطاع العقاري وهي السيولة المالية المتاحة والمتداولة في السوق، فضلا عن إعادة تشريع القوانين والأنظمة بما يتماشى مع الأوضاع الراهنة، وتماشيا مع العولمة في النهوض بالاقتصاد إلى اقتصاد عالمي وبالقطاع العقاري إلى مستوى يتيح الفرص للمستثمرين بالدخول برؤوس أموال.

واقترح المحروقي تطوير بعض الأنظمة والقوانين والتشريعات على غرار بعض الدول أثناء شراء العقارات مثل إعفاء المواطنين من ضريبة الإسكان أثناء شرائه قطعة الأرض لأول مرة وفي حالة تداولها للبيع فإنه يتم ما أخذ ما نسبته 2-3% من قيمتها الأمر الذي بدوره يساهم في تنشيط السوق وارتفاع المحصلات الضريبية للإسكان.

ودعا إلى إيجاد مظلة واحدة للقطاع العقاري في السلطنة تتضمن رجال الأعمال في القطاع، والشركات العقارية، بحيث تساهم هذه المظلة في توفير الحقوق والواجبات لهم، ومحاسبة التجار غير المصرح لهم في العمل في عملية البيع والشراء في هذا القطاع.

وتوقع المحروقي انتعاش سوق العقار خلال الفترة المقبلة، وارتفاع الطلب على شراء العقارات للاستثمار في ظل الإصلاحات الاقتصادية.

القطاع الآمن

وقال إبراهيم بن محمد البوسعيدي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الهدى للاستثمار والتطوير إن قطاع العقارات من القطاعات الآمنة للمستثمرين لما يحققه من عوائد شهرية مضمونة مشيرا إلى تأثر القطاع بشكل ملحوظ خلال جائحة كورونا، إذ أنه يعتمد على اللقاء المباشر مع المستثمرين والأفراد، ومعاينة المواقع العقارية، كما أن وزارة الإسكان لم تكن جاهزة تماما للتعامل عن طريق النظام الإلكتروني، الأمر الذي ساهم بدوره في تراجع عمليات البيع والشراء في هذا القطاع.

وأوضح البوسعيدي أن القطاع يواجه تحديات عديدة منها ارتفاع نسبة رسوم الواجب دفعها لوزارة الإسكان أثناء عملية الشراء من 3% إلى 5% مما حد من الحركة والانتعاش في القطاع. ولذلك على الجهات المعنية إعادة النظر في هذا النسبة، فضلا عن تسهيل إجراءات دخول المستثمرين بضوابط معينة، وتفعيل قانون وقف الأجانب عن العمل في هذا القطاع.

جذب المستثمرين الأجانب

أكد سيف الحراصي، الرئيس التنفيذي لشركة شرق الدقم للاستثمار على تأثر القطاع العقاري بالسلطنة بجائحة كورونا، إذ تم تسريح العديد من الموظفين من أعمالهم في مؤسسات وشركات القطاع الخاص، مما أضطر هؤلاء إلى إخلاء الشقق أو الفلل التي كانوا يقطنون فيها، فضلا عن أن بعض المستأجرين لم يستطع دفع إيجارات الشقق والمحلات التي يمارسون فيها أنشطتهم التجارية بسبب إغلاقها لفترة طويلة مما ترتب عليهم أعباء مالية كبيرة.

وأشار الحراصي إلى أن القطاع العقاري في السلطنة غير مستقر منذ سنوات طويلة، حيث أدى ارتفاع رسوم الإسكان إلى 5% إلى تراجع الحركة والنشاط في هذا القطاع، كما أن السوق العقاري بالسلطنة غير جاذب للمستثمرين الأجانب، إذ إنهم يتملكون في المشاريع السياحية المتكاملة مثل مشروع الموج والسيفة، واستثماراتهم محدودة في بعض المناطق، ولذلك من الأفضل جذب المستثمرين الأجانب إلى التملك في القرم وروي والحمرية وغيرها.

وأوضح الحراصي أن هناك إقبالا على شراء الأراضي في مناطق مختلفة، ولكن أغلب الأفراد في السلطنة يتجهون نحو شراء الشقق للاستثمار فيها، ويلجأون إلى الفلل للعيش فيها، لأن العوائد الإيجارية من الفلل ضئيلة جدا.

واقترح الحراصي لجوء المستثمرين إلى بناء الوحدات السكينة الصغيرة التي تتكون من غرفة وصالة فقط، الأمر الذي يناسب فئة كبيرة من المواطنين والمقيمين وذلك نظرا لضعف القدرة الشرائية للأفراد، موضحا أن هذه الطريقة بإمكانها انتعاش القطاع العقاري بالسلطنة.