oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

العقل والتكنولوجيا لبناء الفرص المستقبلية الأفضل

09 يونيو 2020
09 يونيو 2020

يراهن العالم الحديث على التكنولوجيا من جهة والعقل من جهة ثانية على إحداث التغيير في كافة مجالات الحياة الإنسانية، وإذا كان هذا الاتجاه قد بدأ فعليا قبل جائحة كورونا المستجد «كوفيد 19» إلا أنه تعزز بسبب الظروف الراهنة التي تضغط على كل العالم تقريبا، من أجل البحث عن الحلول غير التقليدية لمواجهة المشاكل والتحديات الماثلة.

لقد وجدت الدول والمجتمعات نفسها فجأة أمام العديد من الإشكاليات والمساءلات التي ربما لم يكن يفكر فيها، لو لم يحدث ما يجري في العالم اليوم من استشراء هذا الوباء الذي أرعب الناس وغيّر نواميس الحياة المعتادة للبشر. لهذا كان لابد من العمل على التفكير بأشكال غير تقليدية وطرق وأنماط معرفية جديدة لأجل طوي الزمن والوصول إلى أفضل الحلول الممكنة للتحديات والمعوقات التي تعترض المسار الإنساني.

ليس التحدي يقف وحده عند معالجة ما يتعلق بهذا الداء من حيث توفير لقاح له، إنما ذلك الانعكاس الكبير على مجمل العالم في توقف مجمل القطاعات الإنتاجية بشكل كبير، بحيث تضرر الاقتصاد العالمي والاقتصاديات المحلية ضررا غير مسبوق منذ عقود طويلة، ولا يمكن أن نشبه هذه الأزمة الراهنة بالأزمات الاقتصادية العالمية السابقة، فهي ذات أثر أبعد ومجال أوسع وهي عالمية بكل المقاييس.

كما أنها أيضا ليست ذات بعد في المجال المالي أو الاقتصادي فقط بل هي منعكسة على القطاعات ومناحي الحياة عامة من سياسة لفنون وثقافة ومعارف متعددة، حتى بدأ المفكرون وفلاسفة العالم يتحدثون عن فكر جديد وفلسفة جديدة لمرحلة ما بعد كورونا. غير أن الرهان الأساسي في مجمل هذه الصورة يظل منحصرا عند البعدين اللذين تمت الإشارة إليهما من التقنية والعقل.

على مدار التاريخ البشري، كان العقل هو المحرك المركزي والمحفز الجوهري لحراك الحضارة والحداثة، وكانت التقانة بغض النظر عن درجة تطورها من اكتشاف الآلة البسيطة إلى التقنيات المعقدة اليوم، هي التي تقود مع إعمال العقل حركة التحولات والتغيير في العالم، وقد وضح ذلك بشكل جلي في القرون الأخيرة مع الثورة الصناعية في أوروبا ما بعد عصر التنوير والانفتاح المعرفي الكبير في الغرب.

اليوم هناك عولمة واتجاه لثقافة كونية واحدة تجعل القيم الاقتصادية بشكل خاص شبه موحدة، من حيث مفاهيم رأس المال ومحددات سوق العمل والإنتاج وغير ذلك، ما يعني أن مواكبة ما يجري في العالم ليس ضرورة فحسب بل هو أمر أساسي لإحراز التقدم والسير في الطريق إلى المستقبل الأفضل، فالدول التي تتأخر لن تجد لها مكانة في الغد القريب.

من هنا فإن السياسات العامة في السلطنة وفي كافة الدول الساعية للنماء المستدام وهي تراهن على العقل البشري وقدراته، تعمل على الجمع بين التقنية والعقل ليكون الذكاء مضاعفا والأداء أفضل، ويمكن بالتالي العمل لبناء الفرص الأفضل في مواجهة مختلف التحديات.