صصي
صصي
كورونا

هل ستعود الحياة كما عهدناها أم علينا تغيير السلوكيات والعادات؟

20 مايو 2020
20 مايو 2020

مختصون يدعون أفراد المجتمع إلى التأقلم والتعايش مع "كورونا" بإيجاد نمط حياة جديدة

- د. حمد السناوي: تشير الدراسات البحثية إلى أن الفرد يحتاج تقريبا لـ٢١ يوما للتعود على سلوك جديد

- مجان الجيلانية: المحافظة على الصحة النفسية بإدراك مستوى الوباء واستيعاب طرق الوقاية

- محفوظة الراسبية: التطوع من الجوانب الإيجابية التي تعزز وترمم النفس وتدخل السعادة في حياة الفرد

استطلاع - عهود الجيلانية

دعت منظمة الصحة العالمية العالم إلى التعايش مع فيروس كورونا في حالة عدم توفر لقاح ضده وقد يكون من الأمراض المتوطنة لذا ستضطر دول العالم للتعامل والتعايش معه لفترات طويلة، وهذا ما أكده مختصون ومسؤولون في القطاع الصحي بضرورة الالتزام باتباع الإجراءات الاحترازية الوقائية والتقيد بها في ظل ظروف الحياة الحالية وتقبل إيجاد نمط جديد في الحياة تتناسب مع الفيروس مع تغيير السلوكيات والعادات والتصرفات غير الصحية حتى تتوافق مع الوضع الوبائي والتعايش وعودة الحياة لطبيعتها.

د. حمد السناوي[/caption]

وقال الدكتور حمد بن ناصر السناوي استشاري أول الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس: منذ أن بدأت جائحة كورونا ودول العالم تواجه خسائر بشرية واقتصادية واجتماعية ونفسية ضخمة تعد، حسب تقدير المختصين من أعنف الأزمات التي مرت بها البشرية، لذا نجد منظمة الصحة العالمية تعلن في أحدث تقاريرها بأن الفيروس "جاء ليبقى"، وعلينا أن نتعلم التعايش مع التغيرات التي أحدثتها الجائحة، فمنذ بدء الحجر المنزلي الجزئي والكامل الذي طبقته مختلف دول العالم من أجل التقليل من انتشار العدوى وجدنا أنفسنا مضطرين لتقبل نمط جديد للحياة لم نعهده، أغلقت المساجد والجوامع، ونادى المؤذن قبل كل صلاة "صلوا في بيوتكم"، تجنبنا المصافحة والتزمنا بالتباعد الجسدي، كما قلّصت المؤسسات والدوائر الحكومية عدد موظفيها ولجأ البعض إلى العمل من المنزل دون سابق إنذار، أقفلت المتاجر والمحلات عدا التي تبيع المواد الغذائية مما أحدث حالة من هلع لدى البعض من احتمال نفاد الأساسيات من المتاجر، وما رافقه من نشر صور لطوابير طويلة والتدافع للشراء في بعض الدول، واستبدلت المدارس والجامعات فصولها بالدروس الإلكترونية وعاد طلابها المبتعثين من مختلف دول العالم إلى السلطنة ليكملوا دروسهم الافتراضية عند بعد، كل هذا دون أن نعرف جوابًا للسؤال الذي يطرح نفسه، متى تعود الحياة التي عهدناها؟ وهل ستعود؟.

وأضاف الدكتور استشاري أول طب السلوكي: تخبرنا الدراسات النفسية أن العقل البشري يمتلك قدرة على التكيف مع التغيرات التي تحدث في حياتنا حتى وإن اختلفت هذه القدرة من شخص إلى آخر وهو ما يعرف بالمرونة النفسية وتعني قدرة الشخص على التعامل مع تحديات الحياة المختلفة ومواصلة الكفاح، وتعتبر هذه المرونة من أهم الأدوات النفسية لتمكنا من تقبل التغيرات الجديدة التي فرضتها علينا الجائحة بمختلف المجالات الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية.

سلوك جديد

وأكد السناوي أن الدراسات البحثية توضح أن الفرد يحتاج تقريبا لـ٢١ يومًا للتعود على سلوك جديد، لذا نجد معظمنا تعود على اتباع التعليمات الصحية التي أوصى بها المختصون والتي تشمل التباعد الجسدي والمحافظة على النظافة العامة، إلا أن التغير لا يقتصر على ذلك، فالعديد من الدول تكبدت خسائر مالية بسبب الركود الاقتصادي الذي نتج عن إغلاق المؤسسات والمحلات وانخفاض سعر النفط والمبالغ التي تصرف على الرعاية الصحية من شراء لمعدات جديدة وأدوات الفحص المخبري للحالات، لذا من الطبيعي أن نتوقع عودة التقشف الاقتصادي الذي سيجبر الأشخاص على الانتباه على سلوكياتهم المادية والاتجاه نحو توفير الأموال وتجنب الإنفاق غير الضروري.

وذكر الدكتور أنه على الصعيد الاجتماعي سيجد الموظفون وأصحاب الأعمال أنفسهم أمام تحدي العمل من المنزل والذي رغم تطبيقه في بعض الدول الغربية يعتبر ثقافة جديدة على المجتمعات العربية تحتاج إلى فهم كامل للتحديات الصاحبة مثل توفر الإنترنت السريع في مختلف محافظات السلطنة وقدرة الفرد على تقبل فكرة العمل من المنزل وعدم الانشغال بأعمال أخرى أو بمتطلبات الأسرة أثناء ساعات العمل، كما أن المؤسسات التعليمية والتي أسرعت في تبني التعليم الإلكتروني منذ بداية الجائحة يجب أن تركز على تمكين طلبتها ومعلميها في استخدام هذه الأدوات حسب الأسس العلمية وابتكار طرق حديثه لتحفيز الطلاب على الدراسة عن بعد.

عوامل التغيير

وعن آلية تغير أنماط الحياة، بيّن الدكتور حمد السناوي قائلا: من العوامل التي تساعد الفرد على تغيير نمط الحياة وتقبل التعايش مع كورونا التوقف عن التذمر لأنه يشعر الفرد بالإحباط ويعيقه عن التأقلم مع الحياة الجديدة، علينا أيضًا المساهمة في المسؤولية الاجتماعية وتجنب التجمعات العائلية الكبيرة تحت سقف واحد مثل الحفلات والأعراس ومجالس العزاء، والثقة في الجهات المسؤولة وما تبثه من بيانات وتوصيات والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة دون الانخراط في نظريات المؤامرة ونشر الإشاعات الكاذبة التي تثير القلق والبلبلة، وأخيرا، علينا جميعًا تجنب السلبية والتباكي على الزمن الجميل، زمن ما قبل الكورونا، لتستمر الحياة ويستمر الكفاح.

تعاون المجتمع

أما الأخصائية النفسية بوزارة التربية والتعليم مجان بنت علي الجيلانية فقالت: نعلم أن منظمة الصحة العالمية صنفت فيروس كورونا كجائحة عالمية ولا يمكن تجاهل خطورته وما يخلّفه من آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية على المجتمع لذا الظروف تستلزم التكاتف والتعاون بين كافة الأطراف من الحكومة والمواطن للتغلب عليه خلال فترة زمنية وجيزة لترجع الحياه إلى طبيعتها.

وأضافت الجيلانية: في ظل الظروف التي طرأت على العالم بشكل عام ومجتمعنا بشكل خاص وفي أيام قليلة جدا من بداية الجائحة استطاع الفيروس تغيير بعض العادات الاجتماعية في المجتمعات وأصبح التغيير من صالح استمرار البشرية وتخطي الوباء واختصار زمنه ووجوده على الأرض، إلا أن الوضع نتج عنه انقسام ما بين أفراد المجتمع من ملتزم ومتعاون مع قرارات اللجنة العليا وآخر متهاون غير متقبل للوباء وفكرة التباعد الاجتماعي وهنا تكمن مدى معرفة الشخص وثقافته بالفيروس.

وأكدت الأخصائية النفسية أنه ليس من السهل تغيير مجرى الحياة في يوم وليلة والتخلي عن العادات والتقاليد كالعلاقات الاجتماعية والتجمع الأسري ولكن إن كان علاج الوباء يكمن في التباعد الاجتماعي ويساعد في الحد من انتشاره هنا فقط يجب علينا تقبل الوضع والتكيف للتعايش مع الفيروس.. وهذا بالفعل ما حدث عند البغض فقد ساهم فيروس كورونا في إيجاد نمط حياة صحي من تعديل نظام الغذاء الصحي واكتساب عادات النظافة السليمة والاهتمام بتقوية جهاز المناعة وتنظيم أوقات النوم.

وأوضحت مجان أن تفشي فيروس كورونا في المجتمعات أوجد جوًا من الألفة والحب والتراحم فقد كان له دور واضح في الترابط الأسري بين الآباء والأبناء وأصبح التعلم عن بعد يشارك فيه ولي الأمر مع المعلم واستشعر الأبناء بوجود الوالدين معهم ومساندتهم في المسيرة التعليمية.. كما أن قضاء الوالدين الوقت الكافي مع الأبناء ساهم بنسبة كبيرة في تعديل سلوكيات مختلفه للأبناء كما أن الاحتواء الأسري كان له الدور الأساسي في الاستقرار النفسي والاجتماعي.

وأردفت: الصحة النفسية مهمة جدًا وجزء لا يتجزأ من الصحة العامة للفرد لذلك من الأهمية الحفاظ عليها وتقبل التغيرات الاحترازية التي طرأت في الحياة الطبيعية للحد من انتشار الفيروس، ويبدأ التقبل التدريجي للإجراءات الاحترازية من خلال إدراك مستوى الوباء واستيعاب طرق الوقاية من الفيروس والبعد عن الإشاعات المهددة لثقافه الفرد ومقاومتها للفيروس.

الابتعاد عن السلبيات

محفوظة الراسبية[/caption]

وقالت محفوظة بنت زايد الراسبية مدربة حياة ومدربة دولية في الوعي والتحفيز الذاتي: بعد تفشي فيروس كورونا في دول العالم وارتفاع عدد الوفيات التي يخلّفها فليس هذا الأمر بالسهل ونحن نرى يوميا على شاشات التلفزيون مشاهد الموتى وتزايد عدد المصابين جراء انتشار جائحة كورونا العالمية والخوف والهلع الذي أصاب الكثيرين من أفراد المجتمع، لذا كان من الضروري أن نحمي أنفسنا من الأثر السلبي الذي تخلّفه هذه الأحداث المتسارعة المخيفة من مشاهد تلفزيونية تنقل سوء الوبائي وكثرة الأخبار بعدد من الإستراتيجيات والتي تبدأ باليقين التام بقدرة الله والابتعاد عن مصادر الأخبار غير الموثوقة ومن جانب آخر على الشخص أن يستغل وقته في ممارسة تصرفات وسلوكيات صحية سليمة وهواياته أو تعلم هواية جديدة، لها من النتائج الرائعة على النفس.

وأوضحت الراسبية أن باب التطوع يعتبر من الجوانب الإيجابية التي تعزز النفس حيث أثبت جدارته في ترميم النفس وإدخال السعادة فيها، فعلى قدر العطاء ترتسم الراحة في قلوب أصحابها. أما فيما يخص التباعد الاجتماعي وأثره السلبي فإن وسائل التواصل الاجتماعي والقاعات الافتراضية باتت بديلًا فعالًا للتواصل والترابط بين أفراد العائلة، نضيف أيضًا انتقاؤك لمجموعات التواصل بوسيلة الواتس آب الإيجابية والابتعاد عن الجوانب السلبية والتشاؤم قرار سديد من أجل راحتك النفسية.