Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
أعمدة

نوافذ: المعيارية .. وما يهمنا الاجتماعية

19 مايو 2020
19 مايو 2020

أحمد بن سالم الفلاحي

[email protected]

تتردد كملة (المعيار، أو المعيارية) على ألسنتنا كثيرا، وهي في كل أحوال معانيها كثيرة ومتشعبة، ترتبط بكل مناحي حياتنا اليومية، في الحساب؛ والهندسة؛ والاقتصاد؛ والسياسة؛ والاجتماع؛ والثقافة، لأنها تذهب إلى كل شيء يمكن أن يكون مقياسا لهذه العناوين الحية في حياتنا، والتي؛ بفعل تأثيرها علينا؛ تصبح ذات معنى حي يتوغل في تفاصيل التفاصيل لهذه الحياة، وليست عناوين مجردة صلفة ليس لها أثر حاضر ومؤثر كما نريد ونعتقد.

ويمكن أن ننظر إلى المعيارية الاجتماعية على أنها الأساس الذي يقود مختلف القيم المعيارية لمختلف شؤون حياتنا، ذلك لأن الاجتماعية مساحة واسعة، وشاسعة، وعميقة الدلالة والمعنى في نفوسنا كبشر، بل هي عنواننا الكبير، وهويتنا الكبرى مهما تأخذنا العناوين العريضة لحظة من الزمن، فلا نلبث أن نعود سريعا إلى واحتنا الآمنة "الاجتماع" ومن خلال هذه الثيمة المغرقة في الخصوصية من جانب، وفي الشمولية من جانب آخر، نبحر بسفائننا شرقا وغربا، ولا نخاف الغرق، لأنه في كل محطة وأخرى، بل في كل شبر في اتساع الكون هناك اجتماعية تحيا، وهناك اجتماعية تنمو، وهناك اجتماعية تغرس مخالبها الآمنة للبقاء والبقاء، والبقاء.

ربما لا يحضر الفهم الـ "معياري" في الممارسات الاجتماعية واضحا لدى الكثيرين منا كمادة ملموسة، ولكنه حاضر بقوة في كل أنشطتنا الاجتماعية اليومية، من خلال التأثير والتأثر، بل هو مدرسة ومنهاج، بل هو مشروع اجتماعي كبير نقره، ونؤمن بوجوده، ولا ننفك عنه "قيد أنملة" ومن هنا نتواصل، ونتعاتب، ونتصادم، ونتحاور، ونتخاصم، ونتوافق، ونتكامل، والمحصلة من كل ذلك هي الحياة الاجتماعية الآمنة التي تشع ظلالا من الود، والإخاء، والرضا، والوفاء، والتعاون، وتستمر المسيرة.

والمعيارية الاجتماعية هي التي تعوّل عليها الأنظمة الحديثة؛ ربما أكثر؛ كمنهج، بعد أن سادت وتعززت، وتأصلت في الأنظمة الاجتماعية التقليدية، كأعراف وقيم متفق على تنفيذها؛ هكذا بوحي الفطرة وتأنيب الضمير، وأصبحت مسلما لكل رسائلها، ولكل اتفاقاتها المعلنة وغير المعلنة من غير مناقشة ولا محاججة، وهذا الاعتماد الحديث المتمثل في البرامج، والتوجيهات، والتعليمات، مبعثه تعقد الحياة عبر مسيرتها التطورية، وتشابكاتها، وتداخلاتها، حيث تعمقت المجتمعات، وانتقلت من تصنيف "المجتمعات الآلية" الصغيرة، كمجتمعات القرى والأرياف، إلى المجتمعات "العضوية" الضخمة، كمجتمعات المدن، وما أدراك ما مجتمعات المدن، حيث يقتضي الحال لقبول البرامج الحديثة والتوجيهات الكثير من القيم الضابطة لتنفيذها، وإلا ساد الـ "المعيارية الاجتماعية" الكثير من الارتباك، وربما الفوضى، وهذا الأمر؛ إن حدث؛ لا يمكن قبوله إطلاقا في الظل العمل على الاستقرار والنمو.

في جائحة العصر (كرونا – كوفيد19) – والقراءة هنا لواقعنا المحلي – أعتمد كثيرا؛ في البداية؛ على الـ "المعيارية الاجتماعية" في هويتها المواطنية، لتقبل النصائح والتوجيهات، من خلال التوعية المكثفة للتقليل من آثار الجائحة الخطيرة، ومع ذلك حدثت خروقات كثيرة، أثرت كثيرا على جل هذه النصائح والتوجيهات، وبالتالي استطاع المرض "الفيروس" التحرر "نسبيا" من القبضة الحديدية في المدن الكبرى، والتوغل في العمق العماني حيث القرى والأرياف، ولكن مع ذلك نحمد الله تعالى أن هناك ثقلا اجتماعيا غير منكور تمثله الـ "المعيارية الاجتماعية" في هويتها المواطنية، استطاع إلى حد كبير التنبه للخطر القادم، وبالتالي عمل على التحجيم من مستوى الانتشار، والدليل أن الأرقام "المئوية" تمثلها القوى العاملة الوافدة، لظروفها المعيشية في المسكن، وقلة الوعي، على وجه الخصوص، ولأن الأمر كذلك يستدعي الحال تفعيل السلطة الضبطية لكثير من الممارسات الاجتماعية داخل هذه الـ "المعيارية الاجتماعية" للوصول على الأقل عند نقطة "استنشاق" تتيح لصانع القرار اتخاذ القرار المناسب للكثير من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التي تلامس حاجيات الناس اليومية.