1477885_389
1477885_389
المنوعات

المسحراتي.. ثقافة رمضانية حاضرة في العراق رغم كل الظروف

14 مايو 2020
14 مايو 2020

بغداد – جبار الربيعي

الطقوس الرمضانية التي يحرص العراقيون على الحفاظ عليها كثيرة ومتنوعة، ومن أهمها "المسحراتي" ورغم كل الظروف، ورغم أن التقنيات الحديثة في متناول الجميع ويمكن لها أن توقظ الناس في أي وقت من الهواتف النقالة الحديثة، ومن ساعات المنبه قديما علاوة على كثرة المساجد التي تصدح بأذانين للفجر، لأول لإقامة السحور والثاني لدخول وقت الفجر فيمتنع الناس على الأكل والشرب، وفضلا عن ذلك فإن معظم العائلات تبقى يقظة حتى موعد السحور، كل ذلك لم يجعل هناك حاجة إلى وجود "المسحراتي" بشكل مهم وضروري، إلا أن هذا الطقس الرمضاني لم يزل يمارس بقوة برغم حالة منع التجوال في الليل بسبب المخاوف من تفشي وباء "كورونا".

فما إن يقترب موعد السحور، حتى تقوم مجموعة من الشباب وحتى بعض كبار السن، بقرع الطبل بقوة والسير في الشوارع والأزقة وخصوصاً في المناطق الشعبية وهم يرددون بصوتٍ عالٍ "سحور .. سحور ... يرحمكم الله"، إذ يتعاطف معهم الصائمون ويقدمون لهم وجبات السحور، كذلك قناني المرطبات والمياه المعدنية. يقول "المسحراتي" علي محمود ذو الثانية والعشرين من العمر: "أنا احرص على إحياء الطقس الرمضاني الجميل المتمثل بـ(المسحراتي) من أجل الحفاظ على هذا الطقس من جانب، برغم قناعتي الكاملة بأن الحاجة لم تعد ملحة له مثلما كان يحصل في العقود الماضية، نتيجةً لوجود التقنيات الحديثة التي جعلت المرء يتحكم بموعد نهوضه من النوم، ومن جانب آخر، فإن ممارسة هذا الطقس هي نوع من أنواع الإيمان وإبراز أهمية شهر رمضان المبارك عند المسلمين، أضف إلى ذلك أن هذه الممارسة ستسهم بكل تأكيد بعدم اندثار هذا الطقس الرمضاني عند الأجيال الحديثة، فنحن عندما نقوم بالسير في الشوارع تخرج اغلب العائلات من منازلها ومعها أطفالها، وفي بعض الأحيان تحرص العائلات على السير معنا لمسافة معينة من أجل إرضاء أطفالهم في ممارسة هذا الطقس".

وعن المخاوف من التجمعات البشرية بسبب وجود وباء كورونا، أوضح محمود، " حقيقةً في الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك حصل نوع من التردد في ممارسة هذا الطقس بسبب المخاوف من تفشي وباء (كورونا)، كذلك كانت لدينا خشية من احتمال محاسبتنا من قبل القوات الأمنية التي ترفض التجمعات، لكن في الليلة الثالثة من الشهر الفضيل خرجنا على شكل مجاميع وقمنا بالقرع على طبولنا، وهنا لابد من الإشارة إلى أن بعض أصحاب المنازل لاسيما من المثقفين نصحونا بعدم السماح بحصول تجمعات تسير خلفنا بسبب المخاوف من وباء (كورونا)، وقد التزمنا بهذا الأمر، بحيث لم تحصل تجمعات كبيرة أو تماس بيننا وبين من يرغب في المسير معنا لمسافة معينة، والحمد لله الأمور الآن تسير بشكل طبيعي جداً ومن دون أية تعقيدات تذكر لا من قبلنا ولا من قبل المواطنين وأيضاً القوات الأمنية لا تقوم بمحاسبتنا، ونأمل أن ينتهي هذا الوباء في أسرع وقت ممكن حتى تعود الناس إلى ممارسة حياتها الطبيعية".

أما زميله أحمد محمد ذو الخامسة والعشرين عاما، فقد أشار إلى أن " هذا الطقس الرمضاني يمنحنا طاقة حيوية، لأننا نشعر بتأدية واجب ديني أو طقس رمضاني اعتاد عليه العراقيون منذ مئات السنين، ولم تستطع سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق، وكذلك الحرب الطائفية وتردي الوضع الأمني ومن ثم الحرب ضد (داعش) من إلغاء هذا الطقس الروحاني الجميل، لذلك وبرغم التحذيرات التي نسمعها ونطالعها في المحطات التلفزيونية وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، لكننا حريصون مرتين، الأول تمثل بالاستمرار بممارسة هذا الطقس، حتى لا يغيب عن أذهان العراقيين أو ينسى وربما يندثر في السنوات المقبلة، أما الحرص الثاني، فقد وضعنا حماية صحية أو وقاية لأنفسنا، بحيث لم نسمح للآخرين بالاختلاط معنا، كذلك هناك حالة من تباعد المسافات فيما بيننا، فضلاً عن ذلك نقوم باتباع طرق الوقاية الصحية عبر تعقيم وتنظيف كل الأشياء التي نلمسها ومنها الطبول وما شابه".