oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

عن قضايا التربية والتعليم والمعرفة بعد كورونا

09 مايو 2020
09 مايو 2020

بعد إعلان اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع الآثار الناتجة عن فيروس كورونا (كوفيد-19) بإنهاء العام الدراسي وما تبعه من إجراءات فيما يتعلق بنقل الطلبة للصفوف العليا وعمليات احتساب نتائج طلبة الدبلوم إلى غيره من المسائل المتعلقة بالجوانب التعليمية، فإن هذه الجائحة والظروف التي يمر بها العالم ككل، تجعل النظر في فكر التعليم وقضاياه بعد كورونا ربما لن يصبح كقبله، في عدد من المعطيات، حيث أثبتت التجربة أن نظرتنا للكثير من المفاهيم والقيم والأفكار ربما هي أسيرة اللحظات المعينة أو الظروف التي اعتدناها، وفي الوقت الذي يختبر الإنسان أو المجتمع أو الدولة ظروفًا مختلفة، يكون له أن يفكر بنحو جديد وربما أكثر فاعلية في بعض الأحيان عما سبقه واعتاده.

وهنا يكون السؤال حول مستقبل التعليم سواء في السلطنة أو في العالم ككل، كما سيطرح ذلك في البدء العديد من الأسئلة الملحة حول الأهداف وراء العملية التعليمية في حد ذاتها، هل ستظل على ما هي عليه من قبل أم أنها سوف تتغير وتتكيف لتكون أكثر عملية والتصاقًا ليس بمقتضيات ما يعرف بسوق العمل فحسب، بل بمجمل قضية الإنسان في الدولة والمجتمع والأدوار الحقيقية المطلوبة؟ إذ أننا بشكل مباشر أمام رؤى لعالم جديد يتبلور وراء الأفق، ليس بالإمكان الجزم بطبيعته في الوقت الراهن بالشكل الجلي، وبعد انتهاء الأزمة بإذن الله سوف تتضح الصورة شيئًا فشيئًا، ليدخل الناس في تجارب مختلفة تفتح الذهن لما لم يجرب ربما من قبل.

سيكون على العلماء والمفكرين والعاملين في مجمل الحقول التربوية والتعليمية والمعارف الفكرية بشكل عام طرح أسئلة جديدة، عن الوظائف والأهداف والمتطلبات، وهل التعليم القديم أو الراهن قادر على حمل التوقعات إلى الأفضل، وهذا السؤال الآن ليس اعتباطيًا بل هو مدار العديد من الجهات والمؤسسات في الكثير من الدول التي بدأت تعيد الترتيب في الفكر والمعرفة المكتسبة إنسانيًا عبر فترات طويلة من خلال تجليات هذه الجائحة وآثارها على اللحظة الراهنة وما سنراه في المستقبل القريب.

إن موضوعات كالتربية والتعليم والإدراك المجتمعي وفاعلية الإنسان في مجمل القضايا الحيوية، هي أمور ذات صلة كبيرة بالتصور العام والشامل لفكر الدولة والمجتمع ومقاصد وغايات البشر في المجتمعات على مر العصور، وأنه من خلال الوصف الدقيق للأهداف المنشودة وكيفية بناء أو تحقيق النتائج، يمكن لنا أن نؤسس للتصورات المرتقبة أو نحققها بالأحرى.

كل ذلك يعني أننا أمام معركة باتجاه أنفسنا وتصوراتنا وكل ما حولنا من نتائج متراكمة، بحيث يكون لنا أن نبني أنموذجا من الفكر الإنساني الجديد القادر على التكيف مع مجمل الفرضيات والظروف، بحيث نتخذ طرقًا غير تقليدية في الرؤية، كيف لنا أن نوظف الإمكانيات والقدرات المتاحة أمامنا مهما بدت ضئيلة أو غير ذات قيمة وكيف نعيد التفكير في مفهوم الموهبة والإبداع والقدرة على الفاعلية، وكيفية بناء نسق معرفي يكون له الاشتغال على جوهر المعنى الإنساني بعيدًا عن ثقافة مؤقتة قد تكون شكلية وغير عميقة الجذور في التوصيل ما بين القيم الراسخة والكبيرة وروح العصر الذي نعيشه.