Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
أعمدة

نوافذ: التكيف ..

28 أبريل 2020
28 أبريل 2020

أحمد بن سالم الفلاحي

[email protected]

من ضمن السيناريوهات المطروحة اليوم في شأن مقاومة جائحة العصر (كرونا – كوفيد19) هو قدرة الإنسان على التكيف مع هذا المرض، والتعايش معه، وإنزاله من مفهومه العالي "الحالي" المصنف عالميا بـ "الجائحة" والمدرج ضمن الأوبئة التي تفتك بالحياة البشرية، فتكا يتجاوز كل التقديرات، ويتحدى كل الإمكانيات، ويخلق واقعا مغايرا بكل ما تعنيه الكلمة، سواء من حيث المواجهة، أو من حيث متطلباته كمرض يحتاج إلى أدوية ولقاحات غير موجودة، بالإضافة إلى ما يتركه على واقع الناس من حالة من الإرباك والخوف، ومتاهة المصير؛ في نهاية الأمر، إلى النظر إليه والتعامل معه على أنه مرض، كحال أي مرض يصيب الإنسان وعلاجه محدد بوصفة طبية معتمدة.

ولكن هذا التكيف الذي ينادى به كثيرا هذه الأيام؛ مع تموضع الحالة لأكثر من خمسة أشهر حتى كتابة هذا المقال، هل المسألة موقوفة على علاج بعينه – وهو لم يعتمد حتى الآن؛ فلا تزال المختبرات العالمية تعمل فيه ليل نهار - بحيث يركن به للاطمئنان لعلاجه، والقضاء على تأثيره مرحليا؟ أم أن ذلك يتوقف على تراجع حالات الإصابات والوفيات في كل دولة على حدة؟ وهل ذلك متوقف أيضا على كل دولة على حدة، بحيث هي من يقرر هذا التكيف، وفقا لمعطيات الواقع الذي تعيشه من تأثيرات هذا المرض على السكان؟ أم أن الأمر يتطلب إجماعا دوليا، وإعلانا تعتمده منظمة الصحة العالمية، لتقول للعالم كله: لقد تجاوزنا مرحلة الخطر، وعلينا أن نعود إلى مربعنا الأول قبل الجائحة؟

وهل ما نراه من إجراءات أحادية تقوم به بعض الدول اليوم؛ عبر ما تنقله الوسائل الإعلامية؛ هو مؤشر لهذا التكيف، وأن هذه الدول؛ على وجه الخصوص اتخذت قراراتها الانفرادية بناء على قناعاتها وفق ما تعيشه في واقعها، أم أن هذه مجازفة خاصة لتجربة (الخطأ والصواب) تلبية لنداءات الجمهور العريض من السكان الذي ضاقت بهم الجدران الأربعة؟

فهذه الصورة في شموليتها هي مجمل السياقات المطروحة أمام أصحاب القرار في كل دولة على حدة، ويبقى من الصعوبة بمكان أن يكون هناك إجماع دولي على اتخاذ قرار موحد يأخذ به الجميع، ويبقى هناك مقياس مهم جدا لهذا الأمر، وهو موقف دولة السويد، وهي التي لم تحرك ساكنا حتى هذه اللحظة، وكأنها نظر فيها أصحاب القرار، منذ بداية الجائحة على قدرتها في التكيف معها، ومعاملة (كورونا – كوفيد19) معاملة الأمراض الزائرة، تعيش فترتها، ثم ترحل، وتظل مكافحتها وفق مكافحة حالات الأمراض المعتادة التي تهجم على البشر، فتأخذ معها من اقترب أجله، وتبقى الآخرون يتمتعون بما تبقى من عمر.

الصادم في هذا الأمر، وغير المستوعب؛ منطقيا؛ حتى هذه اللحظة، هو الأرقام الخيالية لحالات الوفاة التي تعلنها بعض الدول، مع التسليم لمنطقية مليونية عدد السكان في كل منها، والسؤال: هل فعلا هذه الأرقام صحيحة؛ أم أن الهدف منها التوظيف السياسي وإيجاد حالة من عدم الاستقرار على مستوى العالم، ليكون ذلك ذريعة لتنفيذ أجندات سياسية واقتصادية، وفق استراتيجيات معدة مسبقا؟

ولماذا التركيز في إعلانات هذه الوفيات على فئة كبار السن فقط؟

المسألة محيرة، وتطرح أسئلة كثيرة لفهم غير مستوعب على نطاق واسع، لأن هناك؛ في المقابل؛ دولا مليونية في عدد سكانها، ولكن ما يعلن عنها من وفيات تظل في حكم المقبول، وبالقياس في حالتنا العمانية، فما أعلن من وفيات حتى الآن يظل مقبولا على درجة كبيرة، والحمد لله، قياسا بالفترة الزمنية التي غزت فيها الجائحة هذا البلد العزيز، مع أن العلاج المستخدم، وبتصريحات المعنيين، هو من العلاجات المتاحة، وليس من العلاجات المبتكرة لهذا الوباء فقط، وستبقى الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن كثير من الأسئلة الحائرة في الأذهان.