1473332
1473332
روضة الصائم

تأسيا برسول الله - الخليلي: أخلاق المسلم انعكست عــلى الآخرين فأبصروا نور الهداية

26 أبريل 2020
26 أبريل 2020

أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي -

عزا سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة المفارقات الأخلاقية التي تنخر المجتمعات إلى الجهل العمي بالدين الحنيف والتأثر بالغزو الفكري والغزو الخلقي. وأوضح أن المسلم عندما تأسى بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وطبقها واقعا ملموسا انعكست على الآخرين فأبصروا نور الهداية.

وأكد سماحته على أن الشقاق وسوء الظن فيما بين الأمة أعظم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذه الآونة ودعا إلى نبذها، ، مشيرا إلى أن السلف الصالح كانوا عند الشدائد يتواصون بتقوى الله تعالى.

وصحح سماحته العبارة التي تقول (الناس مسلّطون على أموالهم) بأن تكون (الناس مستخلفون في أموالهم)، منبها بأن على الإنسان أن يتصرف في ماله بحسب أوامر رب المال سبحانه وتعالى. ودعا سماحته الجهات المعنية للعمل على التوعية السليمة للناس تجاه الاستهلاك ، التوعية التي تقود إلى التفاعل مع مصالحهم التي يجب عليهم أن يحرصوا عليها. وفي جانب العمل الذي يجب على الفرق الخيرية القيام به وجه سماحته إلى مراعاة الأولويات في احتياجات المجتمع الحقيقية.. والى ما جاء في الحلقة الأخيرة من اللقاء....

❁ إذا كانت الأخلاق هي الركيزة في تقييم شخصية الإنسان فكيف نترجمها في نظام حياتنا؟

على الإنسان أن يكون حسن التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ترجمت جانب أخلاقه السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم، فقالت لسائلها ألا تقرأ القرآن كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، فالقرآن هو خلق النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأخلاق العالية التي كانت يتصف بها عليه أفضل الصلاة والسلام انعكست على صحابته فلذلك كان لهم تأثير كبير لأنهم كانوا أسمى الناس أخلاقا وانطلقوا بأخلاقهم إلى مختلف بقاع العالم يحملون مشاعل هداية الناس إلى الحق وقد بصروا الناس بأخلاقهم أكثر مما كانوا يبصرونهم بدعوتهم ولذلك تساوق الناس إلى اتباع هذا الدين مؤمنين به لأنهم كانوا يدعون إلى الفطرة وكانت أخلاقهم تمثل هذه الفطرة الزكية التي فطر الله تعالى عليها.

❁ برأي سماحتكم ما سبب تلك المفارقة الأخلاقية الخطيرة التي بدأت تنخر المجتمعات، هل يرجع للفهم القاصر للدين أم أن هناك سببا آخر؟

على كل حال هناك أسباب متعددة من بينها الجهل العمي بالدين الحنيف ومن بينها تأثر الناس بالغزو الأجنبي الغزو الفكري والغزو الخلقي هذا التأثر جعل كثيرا من الناس ينبهرون بالآخرين ويغترون بهم ويتأثرون بهم مع أن المسلم في حقيقة الأمر إنما يحمل رسالة الله فعليه أن يكون مؤثرا لا متأثرا وقائدا لا مقودا وأن يكون إماما لا تابعا وهذا ما سجله أحد الشعراء والفلاسفة المفكرين وهو الشاعر الإسلامي محمد إقبال عندما قال: «إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ، ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار ، بل خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدنية ، ويفرض على البشرية اتجاهه ، ويملي عليها إرادته، لأنه صاحب الرسالة وصاحب الحق اليقين. ولأنه المسؤول عن هذا العالم وسيره واتجاهه، فليس مقامه مقام التقليد والاتباع إن مقامه مقام الإمامة و القيادة، مقام الإرشاد والتوجيه، ومقام الآمر الناهي، وإذا تنكر له الزمام، وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة، لم يكن له أن يستسلم ويخضع ويضع أوزاره ويسالم الدهر، بل عليه أن يثور عليه وينازله، ويظل في صراع معه وعراك، حتى يقضي الله في أمره، إن الخضوع والاستكانة للأحوال القاسرة والأوضاع القاهرة، والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والأقزام، أما المؤمن القوي فهو نفسه قضاء الله الغالب وقدره الذي لا يرد».

❁كيف توضحون لنا هذه العبارة أو هذه القاعدة حتى يفهمها الناس (الناس مسلّطون على أموالهم) ؟

الناس أحرى أن يقال مستخلفون في أموالهم لأن الله تعالى لم يقل بأنه سلط الناس في الأموال، قال: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وقال: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) فالإنسان خليفة، ومعنى كونه خليفه انه وكيل ونائب في قضايا المال اذ المال في الحقيقة هو مال الله تعالى ولذلك قال: (وآتوهم من مال الله) وإنما الله تعالى استخلف الإنسان و أأتمنه في هذا المال فهو عليه أن يتصرف في ماله بحسب أوامر من استخلفه بحسب أوامر رب المال سبحانه وتعالى فلذلك يجب أن تعدل هذه المقولة إذ المقولة الصحيحة بأن الناس مستخلفون في أموالهم. ولأجل هذا كان الإنسان مسؤولا عن اكتسابه وكان مسؤولا عن إنفاقه فالنبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزل قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم).

❁ إلزام المسلمين على تجنب الكماليات والنزعة الاستهلاكية هل هو ممكن، أم نكتفي بأن نقدم لهم النصائح فقط من النظرة الشرعية؟

أولى ما يكون أن يكون هذا الأمر من قبلهم باقتناع لا بإكراه فلا بد من التوعية السليمة هذه التوعية هي التي تقود إلى التفاعل مع مصالحهم التي يجب عليهم أن يحرصوا عليها أما إن كان ذلك بطريق الإكراه فالنفس دائما راغبة فيما هي ممنوعة عنه.

تسامح لا تساهل

❁ أحدهم قال: (دين الإسلام أيسر من كثيرٍ مما تقوله كتب الفقهاء لكن يظن الكثير أن الإمامة في الدين طريقها التشدد في الأحكام) ، ما رأي سماحتكم في هذا القول؟

الفقهاء الذين هم فقهاء حقا لا يتشددون تشددا خارجا عن حدود الاعتدال، نعم لا يمكن أن يتساهل، وإنما التسامح لا التساهل، وعلى أي حال من كبار فقهاء عمان الإمام أبو سعيد رحمه الله تعالى وهو كان من كلامه (ليس العالم من حمل الناس على ورعه إنما العالم من أفتى الناس بما يسعهم في دينهم) فهو له أن يتورع كما شاء بحيث يحتاط لنفسه كيفما شاء أن يحتاط لنفسه، لكن لا يحمل الناس على ذلك وإنما يفتي الناس بحسب ما يسعهم في دين الله تعالى.

التصالح مع الله

❁ ما رأي سماحتكم في هذا القول: «المسلمون يتحملون الجزء الأكبر مما يحدث في عالمنا الإسلامي وعلينا مصالحة أنفسنا أولاً»؟

أولا علينا أن نتصالح مع الله وبحسب ما يكون الإنسان عليه من تقوى الله تعالى واستقامة في الظاهر وفي الباطن تزكو أعمالك وتكون حقا موصولا بالله سبحانه وتعالى وتكون حقيقا بنصر الله والله تعالى يعزه وهذا الذي كان عليه السلف الصالح فلذلك كانوا عند الشدائد يتواصون بتقوى الله تعالى وأصل ذلك في القرآن كتاب الله تعالى فإن الله تعالى يقول: (واتقوا الله واعلموا إن الله مع المتقين) ويقول الله تعالى: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون). ومن أمثلة ما كان عليه السلف الصالح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جند الأجناد لمواجهة الإمبراطورية الفارسية وكان على رأس الجند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه زود الجند بنصيحة فكان من نصيحته لهم أن وجه الخطاب إلى قائد الجند قائلا: (أوصيك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى العدة في الحرب، وأوصيك ومن معك بأن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينتصر المسلمون على عدوهم بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، فليس عددنا كعددهم، ولا عُدَّتنا كعُدَّتِهم، وإلَّا ننتصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، فإذا استوينا معهم في المعصية كانت لهم الغلبة علينا بالقوة، واعلموا أن في سيركم عليكم من الله حفظةً يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم ولا تكونوا في معصية الله و أنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شرٌ منا، ولن يُسلَّط علينا، فرُبَّ قومٍ سُلِّطَ عليهم شرٌ منهم كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمعاصي الله كفار المجوس فجاسوا خلال الديار، وكان وعداً مفعولاً، اسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم، أسأل الله ذلك لنا ولكم.

الشقاق

❁ من وجهة نظركم، ما هي أبرز التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في الوقت الحالي؟

أعظم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي هذا الشقاق بين هذه الأمة وسوء الظن فيما بين الأمة نفسها وحسن الظن بعدوهم، فالاستسلام للعدو والسدة على أنفسهم هذا الذي شتت شمل هذه الأمة كل مشتت ونحن نرى أن الله سبحانه وتعالى في وصف الذين وعد بأن ينصر بهم الدين يقول: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) يعني هم في مواجهة الكفرة يكونون أعزة، أذلة فيما بينهم يذل بعضهم لبعض.

يقدم الأولى فالأولى

❁ ما الذي ينبغي للعمل الخيري أن يراعيه في احتياجات المجتمع الحقيقية؟

يقدم الأولى فالأولى، لا بد من مراعاة الأولويات، وفقه الأولويات فقه واسع فالإنسان عليه أن يراعي الأولى فالأولى، قد تكون منطقة فيها مساجد كافية فالقيام ببناء مسجد مع حاجة الفقراء والمساكين إلى سد ما يعوزهم لا يكون ذلك من البر مع وجود المساجد، وهكذا فلا بد من مراعاة الأولويات سواء بالنسبة إلى مصالح العباد أو بالنسبة إلى مصالح الدعوة الإسلامية.