The spread of the coronavirus disease (COVID-19) in New York
The spread of the coronavirus disease (COVID-19) in New York
العرب والعالم

من اعتداءات 11 ديسمبر 2001 إلى كورونا...نيويورك تواجه مجددا اختبارا صعبا

26 أبريل 2020
26 أبريل 2020

نيويورك "أ.ف.ب": في 11 سبتمبر 2011 انهار برجا مركز التجارة العالمي في منهاتن في الاعتداءات الأكثر دموية في التاريخ والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة آلاف شخص وجعلت سكان نيويورك يشعرون بأنهم "فقدوا حصانتهم".

وبعد نحو عشرين عاما على هذا المشهد الكارثي، يبدو أن فيروس كورونا المستجد الذي يتفشى في العاصمة الاقتصادية الأميركية أكثر من أي مدينة أخرى في العالم مع تسجيل أكثر من 15 ألف وفاة مؤكدة أو مرجحة بالوباء، أشبه ب"معاناة جديدة" أو "سرطان بطيء" بحسب وصف سكان نيويورك الذين عاشوا المأساتين.

وأعلن حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو مؤخرا خلال أحد مؤتمراته الصحافية اليومية "كان يفترض أن يكون 11 أيلول أحلك يوم بالنسبة إلى جيل بأكمله". وأضاف "مع فيروس كورونا لم يحصل انفجار بل كان انفجارا صامتا نرى تداعياته في المجتمع بشكل عشوائي".

كثيرون من سكان نيويورك كما كومو، يتحدثون عن هذه الاعتداءات منذ تفشي الوباء الذي شل النشاط في هذه المدينة النابضة بالحياة.

وكانت ماغي دوبري المسعفة السابقة التي ارسلت إلى موقع مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر، تعتقد بأنها عاشت في حينها "أكبر كارثة في حياتها". أما اليوم فيثير الوباء فيها خوفا أكبر.

وصرحت لفرانس برس "لم أكن أشعر بالخوف فعليا عند وقوع اعتداءات نيويورك". وأضافت "كنت أعمل وكنت منفصلة عاطفيا عما يحصل لأتمكن من إتمام مهمتي. ولم أفكر +سوف أموت+ (...) كنا نعلم بأننا سنبقى على قيد الحياة. كنت أرى أشخاصا قرب الموقع ونتعانق".

وتابعت "مع فيروس كورونا لا يمكن الاقتراب من أحد ولا نعرف من سينجو أو ماذا سيحصل". من جهتها قالت سوزان بارنت التي قامت في 2001 بتغطية الاعتداءات لصالح قناة "أي بي سي"، "أشعر بخوف أكبر الآن". وأضافت بارنت التي باتت تعمل لحساب منظمة غير حكومية "العواقب عالمية وقد تكون فظيعة على الصحة وبقاء الإنسان".

وترى المرأتان اللتان تعيشان في أحياء جنوب مانهاتن غطتها سحابة من الدخان ومنع غير المقيمين فيها من دخولها لأسابيع بعد الاعتداءات، أوجه شبه بين المأساتين.

ويذكرها التصفيق مساء في الساعة 19,00 لشكر الطواقم الطبية، بالتصفيق للإشادة بالمسعفين الذين كانوا يتوجهون إلى موقع برجي مركز التجارة.

وفي المرات النادرة التي خرجت فيها إلى منهاتن المقفرة، شاهدت ماغي دوبري مؤخرا إحدى الشاحنات المبردة المستخدمة موقتا كمشرحة مع تكدس الجثث.

وقالت "عادت إلى ذاكرتي المشرحة التي اقيمت في مركز التجارة العالمي. وراودني الشعور ذاته بأن أمرا فظيعا قد حصل مع عدد كبير من الضحايا".

لكن بالطبع هناك فوارق كثيرة بين الكارثتين.

ويصف كن بابروكي المصور اليوم والذي كان مضيف طيران قبل عشرين عاما اعتداءات 2001 بالصدمة "القوية" بحيث تتسلسل الأحداث "بسرعة فائقة لا يمكن للعقل البشري استيعابها". أما الفيروس فهو أشبه ب"سرطان بطيء" و"محدلة نراها آتية من بعيد دون أن يكون في وسعنا تفاديها".

وهذا الرجل يتحدر من نبراسكا وكان أعجب ب"التضامن التام" بين سكان نيويورك بعد الاعتداءات. لكن هذه المرة كان التضامن أقل إذ شاهد أشخاصا يحاولون تجنب الطوابير أمام محلات السوبر ماركت وكميات كبيرة من القفازات البلاستيكية المتناثرة على الأرصفة.

وترى سوزان بارنت أن سكان نيويورك الذين مروا منذ 2001 بالأزمة المالية في 2008 وإعصار ساندي في 2012 "يتضامنون في الأوقات العصيبة".

وتقول هذه المرأة المقيمة في حي غرينويتش فيلاج منذ 1991 "ما يجذب الناس إلى نيويورك ويخيفهم أيضا هو أن عليهم أن يكونوا أقوياء" للنجاح في هذه المدينة. وتضيف "الذين لا يغادرون نيويورك هم اولئك المتمسكون بمدينتهم والمستعدون لمواجهة المعضلات".

وهذه الصلابة مصدر اعتزازهم كما تثبته العبارات التي ظهرت مع تفشي الفيروس، مثل "نيويورك قوية" و"نيويورك صامدة" على مواقع التواصل الاجتماعي. ويساهم كل من الحاكم كومو ورئيس بلدية المدينة بيل دي بلازيو في تنمية هذه المشاعر، لتأكيدهما بأن المدينة ستخرج أقوى من هذه المحنة.

وقال كومو مؤخرا إن مدينة نيويورك باتت بعد اعتداءات 2001 "أقوى". وتابع "نأخذ لحظة تأمل ونستخلص الدروس ونحسن المجتمع. وهذا ما علينا أن نفعله اليوم أيضا".

بقلم كاترين تييرونف