oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الرهان على الوعي والقدرة على مواجهة التحدي

18 أبريل 2020
18 أبريل 2020

ليس من شك أن الآثار المنعكسة جراء جائحة كورونا تكاد تغطي كافة مفاصل الحياة الإنسانية ابتداء من فقدان الأرواح البشرية والطاقات والموارد إلى الخسائر الاقتصادية، إلى الكثير من التحولات في المفاهيم والقيم، وربما تحتاج بعض الشعوب والدول إلى وقت ليس بالقصير لكي تنهض مجددًا جراء هذه (الصدمة) التي أصابت العالم أجمع وفي ظرف سريع ومفاجئ.

وفي السلطنة ثمة سعي حثيث من قبل اللجنة العليا والجهات المسؤولة للعبور من هذه الظروف الاستثنائية بأقل الخسائر بإذن الله، ولن يأتي ذلك بالطبع إلا بالتكاتف الجماعي بين الجميع، وحيث يلعب التضافر هنا دورا مركزيا في إمكانية الوصول إلى أفضل الحلول وبالتالي تقليل حجم الأزمة إلى تلاشي الأوضاع إلى الدرجة الصفرية مع وضع عامل الوقت والعمل المضني في الاعتبار.

بلا ريب فإن التحديات كبيرة، فالعالم كله بما في ذلك الدول التي تتمتع بالأنظمة القوية الإدارية والصحية وتقوم على الأسس العلمية، وجدت نفسها في مأزق جراء هذه الجائحة، لهذا فإن التحدي ليس سهلا بأي حال من الأحوال، غير أن العزائم والصبر والمثابرة مع التخطيط والتضامن وغيرها من المعاني الإيجابية، يبقى لكل ذلك دور محوري في تجاوز هذا الوضع الاستثنائي.

لقد أقرت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار كورونا، حزمة من التسهيلات لدعم القطاع الخاص والقوى العاملة به، في إطار حديثنا عن الجانب الاقتصادي والحفاظ على معاش الناس، وهذا جزء من المشهد الذي يعمل على إحداث توازن في المسألة الاقتصادية في ظل هذا الظرف الحرج، لا سيما أن الجانب الآخر من الصورة يحمل أيضا تحديات كبيرة كما في أسعار النفط التي لم تعد جلية حتى بعد الوصول إلى الاتفاق الأخير، فالسوق العالمية للطاقة لا تزال متذبذبة وغير واضحة ما يستدعي التعامل بحذر في الموقف المالي والإدارة الرشيدة للموارد بشكل عام.

عندما يكون الحديث عن الجانب الاقتصادي فنحن نعني أمورا كثيرة جدا ومتداخلة تبدأ بالرؤى الكبيرة في المدخول الوطني بشكل عام، وتنتهي بمعاش الأفراد والترتيبات المتعلقة بالحياة اليومية لكل فرد، وهذا في مجمله يقود إلى ضرورة بناء مناظيم جديدة للوعي بكل هذه الظروف وما نعبر به الآن من تحديات، تتطلب أن يتعايش الجميع بهذا الفكر الذي يقوم على الإدارة السليمة والاقتصاد المعرفي والنظر إلى مفاهيم جديدة في وعي الكثير من القضايا في هذا الإطار.

إننا أمام فترة تتغير فيها الكثير من التفاصيل من حولنا، وربما ثمة عالم جديد يتشكل وراء الأفق تعاد فيه تركيب الخرائط في السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون، وهذا يعني بشكل عام أن الاقتصاد سيظل جوهرا في هذا كله، والاقتصاد في نهاية الأمر هو نظريات تجد طريقها للتطبيق العملي من خلال البشر أنفسهم الذين وضعوا هذه التنظيرات. بما يعني أن مجمل الحل يظل في يد الإنسان وقبل ذلك عقله، وهذا ما يتم الرهان عليه في هذه الرحلة العسيرة بأمل الوصول إلى الحلول المثلى وتجاوز الأزمة.