Screen Shot 2020-04-18 at 5.41.22 PM
Screen Shot 2020-04-18 at 5.41.22 PM
أعمدة

و..رحلت الكبيرة

18 أبريل 2020
18 أبريل 2020

يسرية آل جميل

مدخل: المكسور.. لا يُضيء أبداً..

••••••••••• -إلى خالتي الحبيبة «كريمة» أكتبُ إليك هذه الرسالة وأنا أعلم أنك انتقلتِ..

يا رحمةُ الله...إلى رحمةِ الله وأنك الآن في برزخٍ ونعيمٍ مُقيم إلى يوم يُبعثون وأنكِ قد أنهيت دوركِ في هذه الحياة وقد حملتِ الرسالة وأدّيتِ الأمانة كأعظم أم في هذا الوجود على أكمل وجه اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد...

-لكن الذي لم أكن أعلمه أني أفتقدك كثيراً فرااااااغ بحجم الكون واتساعه تركته خلفك لم تمضِ سوى أيامٍ على رحيلك ومازال الخبر أكبر من قُدرتي على التصديق وفوق طاقتي على التحمّل فقدتك يا أغلى البشر..والبشرية فقدتُ طيبتك وحنانك وسأفتقدُ قلباً كبيراً كان راحتي..وملجأي من بعد عناء.

تسأل عني..تتفقد أخباري كل صباح كانت رسالتك هي الأولى (صباح الخير يا أم نوف) غبتِ..وغاب معك كل الخير ومن يومها لم يعد صباحي بخير أبداً..

-عندما كانوا يرددون ( الخالة.. أمٌ ثانية) ما كنت أدرك حرفياً معنى ذلك فأمي هي أمي حتى آخر العُمر لكنك يا فقيدتي كنتِ أماً لي ولصغيرتي ولأمّي حتى في أبسط تفاصيل معاني الأمومة..

كُنتُ دائماً على قيد حُبك وحُب من يُحبك وحُب كل شيءٍ يُحبه قلبك..

-أذكرُ أنّي كُنتُ أدرسُ في القاهرة ووقتها كنت أسكن وحدي لأتفرغ لدراستي وبحثي كنت أقضي يومي الكامل معها ثم أعودُ إلى مسكني كانت معي أينما أذهب كانت معي بروحها وبسؤالها المستمر أعود إلى فندقي وهي معي على الهاتف لا تتركني حتى أضع رأسي فوق وسادتي تتأكد أني بخير..وأنام..

- توقظني لصلاة الفجر تلحفّني بدعواتها الهادئة تعوذّني من كل شر (الله يرضى عليك) و(يحرسك..ويحميك) يا «هدى» لم تكن تُناديني باسمي كانت تقول لي «شكلك راكب عليه اسم هدى» وكنت أناديها «زُبيدة» لشبهها الكبيرة بفاتنة الشاشة المصرية (زبيدة ثروت)...

-و..رحلت الكبيرة عميدة عائلتنا المترامية الأطراف في القاهرة حيث أخوالي وخالاتي وأبناءهم جميعاً رحل القلب الذي كان يحب الجميع ويصل الرحم بين الجميع رحلت التي كانت تُغرينا بالسفر إلى أم الدنيا رحلت أم الدنيا إلى دُنيا أجمل بكثير رحلت التي كانت تجمعنا على الخير رحلت التي كانت تشعر بالجميع وتتفقد الصغير والكبير حتى وهي فوق فراش مرضها الأخير لم تنسَ أحداً على الإطلاق..

- رحلت التي كانت تسأل عني وعن حالي وأحوالي رحلت التي كانت تتمنى لي السعادة التي كانت تفرح لفرحتي ويضيق صدرها كمداً إذا شعرت أني في ضيق كُنتِ يا (أم مجدي) كالنجمة..تُضيئين كل من حولك لماذا رحلتِ بهذه السُرعة ما زلتُ أحتاج إليك ما كُنتُ أتوقع يوماً أني سأكتب فيك مرثيةً أخيرة أني سأتصل بك.. ولا تُجيبين وأرسل لك.. ولا تقرأين كُنتُ أريدك للعمرِ كله لآخر الدهر لكنها الحياة يا خالتي...

-سأفتقدك جداً ما زلت رافضةً تصديق النبأ كُلنا نعيش في صدمة رحيلك أنا لا أتخيل أن يمر يومي دون أن يكون لك وجودٌ فيه دون أن أجلس في صالة البيت وأستمع لحديثك مع أمي أشعرُ أن الدنيا طعمُها اختلف لونها اتشحَ بالسواد حتى رمضان القادم بعد أيام لا أدري كيف ستمر عليّ لياليه ولم يصلني فانوسه منك بعد..

- كُنا ننتظر أن تمر أزمة كورونا بسلام وتأتي أشهر الصيف على خير نقطع تذاكر السفر نطيرُ إليكِ..نرتمي في دفئك نسهر في (البلكونة) حتى الصباح ننادي (عم عيد) لشراء الفول وحبات (الطعمية) الحارة من عمّ حمزة الذي في آخر الحارة نفطر سوياً بال «العيش» المصري ونتذوق حبّات «الليمون المعصفّر» التي كُنتي تُعديّها بنفسك لنا حتى نجيء لكنكِ استعجلتِ الرحيل على غير عادتك هذه المرة يا (كريمة)..

-من يا فقيدة قلبي سيُجبر خاطري من بعدك تعرف ماذا نحب و ماذا أريد في كل مرة أزوركِ فيها تُخبئين لي حبّات «العنب» الذي أحب تطلبين لنا «البيتزا» بالفطير الذي نُحب حلويات «العبد» التي نعشق حتى «البُقصمات» الذي نغمسه في الشاي لم تحرمينا من شيءٍ أبداً لم تتركي شيئاً إلا وحققته لنا..

سنظل نذكرك..ولن ننساك فالآباء لا يرحلون والعظماء تخلدهم ذكراهم حتى تقوم الساعة سيذكرك مسجدك سجادتك.. مسبحتك عصاكِ التي لم تعصِك طوال حياتك سيذكرك حي «شُبرا» العتيق وأبناء مصر «المحروسة» سيذكرك كل من كان باب قلبك و شقتك مفتوحاً لهم جميعاً نامي قريرة العين و انعمي بأمانٍ إلى يوم يُبعثون في أمان الله..

•إليه حيثماااا كااااان ••••••• حتى إذا الفرصة موجودة..الرغبةُ انتهت.