ث٣٣٣٣٣
ث٣٣٣٣٣
المنوعات

لا تسمحوا لفيروس أن يقطع ألسننا

18 أبريل 2020
18 أبريل 2020

مارجريت آتوود

ترجمة: أحمد شافعي

هل تعتقدون أنكم تتذكرون فيلما يعدو فيه فارس بحصانه نحو قلعة يرتفع الجسر المفضي إليها، فإذا بحصانه الأبيض يثب على الخندق وثبة هائلة في الهواء؟ أنا أيضًا أتصورها مثلكم، لكنني حينما بحثت عن هذه الصورة على الإنترنت، لم أجد غير بضع سيارات تطير فوق أنهار باتجاه جسور ترتفع بينما الشرطي السري الوردي الذي لم يلحق بالجسر يتخبط في الماء.

مع ذلك، كلنا هذا الفارس. يطاردنا فيروس كورونا المرعب. ونحن الآن في الهواء، نرجو أن ننجح في الوصول إلى الجانب الآخر، حيث تنتظرنا الحياة وقد عادت إلى ما نعتقد أنه الطبيعي. فماذا ينبغي أن نفعل ونحن هنا في الأعلى، بين (الآن) و(ما بعد؟

فكروا في كل الأشياء التي ترجون أن تجدونها لم تزل باقية في قلعة المستقبل حينما نعبر إليها. ثم افعلوا الآن ما في وسعكم لتضمنوا وجود هذه الأشياء في المستقبل.

من نافلة القول إننا نريد أن نجد فيها العاملين في مجال الصحة العامة. على الجميع إذن أن يدعموهم، لأننا، جميعا في ما يفترض، نريد نظام رعاية صحية في قلعة المستقبل. ولكن ما الذي يجعل حياتكم جديرة بأن تعاش وأنتم بصحة جيدة، بعيدا عن الأصدقاء والأهل؟ لكل منا قائمته. وإليكم بعضا من قائمتي.

مطاعم ومقاه مفضلة. غريب أننا نفترض أن هذه الأماكن سوف تبقى دائما موجودة، فنعرج إليها أو نمر بها وقتما يحلو لنا. لمساعدة هذه الأماكن على القفز، اطلبوا منها طلبات خارجية، واشتروا منها قسائم هدايا. وبوسعكم دائما أن تعرفوا ما تقدمه عبر الإنترنت.

متجر الكتب القريب. بعض هذه المتاجر يتيح التقاط المشتريات من الرصيف، وبعضها يتيح التوصيل إلى البيوت، وبعضها يسلم بالبريد. أبقوها في حالة عمل. في القسم نفسه، يمكن للناشرين والكتاب أن يمدوا أيديهم - لا سيما أولئك الذين ألغيت حفلات إطلاق كتبهم في الربيع. جميع أشكال الحلول المبتكرة تظهر: حفلات إطلاق كتب عبر تويتر، بودكاست، فعاليات افتراضية من جميع الأنواع. ومع أن الناس مغرمون بالكلام عن (مجتمع القراءة) و(مجتمع الكتابة)، فهذا ليس صحيحا تماما - هناك جماعات وكيانات كثيرة، وليست جميعها ودودة تجاه بعضها بعضا، ولكن بوسعك أن تجعل الصحيح قليلا، أكثر صحة. عندما كنت في الخامسة والعشرين كانت الأمور شديدة التباعد على أرض عالم النشر الكندي فكان من قبيل البديهيات أن يساعد الكتاب بعضهم بعضا ويساعدوا الناشرين. وذلك ما كنا نفعله في الغالب برغم أن بعضنا كانوا يكرهون بعضنا. (وهذا جزء من [المجتمع] أيضا. واسأل أي شخص من بلدة صغيرة. في مواجهة حالة طارئة تدعم أعداءك، لأنهم وإن يكونوا تافهين، فهم تافهوك أنت، أليس كذلك؟)

كنتم تثقون في الجرائد والمجلات. الديمقراطية تتعرض لخطر متزايد، لأنه ليس أنفع لأنظمة الحكم الاستبدادية من أزمة تنال بها من الحريات المدنية والحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان وترميها جميعا من الشباك. وجزء من هذا التخلص يشيع دائما كخطوة على الطريق إلى الإغلاق الشمولي للمعلومات والجدال. فالمحافظة على خطوط الاتصال مفتوحة ومستقلة مسألة حيوية. ادفعوا اشتراكات. ادعموا مواقع محاربة الأخبار الزائفة، وغيرها من المواقع -مثل نادي القلم الأمريكي- التي تناضل من أجل حرية التعبير المسؤولة. تبرعوا للمحطات الإذاعية ذات التمويل الشعبي. وفروا لها إعلانات مجانية بالحديث عنها عبر صفحاتكم على مواقع التواصل الاجتماعي. لا تسمحوا لفيروس أن يقطع ألسننا.

منظمات الفنون من جميع الأنواع. الفن طريقتنا في التعبير عن إنسانيتنا، بجميع أبعادها. من خلال الفن، نهبط إلى أعماق طبيعتنا الإنسانية، ونسمو إلى الذرى، ونعبر بكل ما بين الأعماق والذرى. المسرح والموسيقى والرقص والمهرجانات والمعارض - كلها اضطرت إلى إلغاء فعالياتها. تبرعات، قسائم هدايا، تذاكر للفعاليات الإلكترونية. فدون الجمهور لن يكون للفن وجود في النهاية. بوسعكم أن تكونوا هذا الجمهور.

كوكبكم. الكوكب الذي يمكنكم الحياة عليه. باختصار: اقتلوا المحيط، ينفد مخزونكم من الأوكسجين. كثيرون قالوا إن الانبعاثات العالمية تناقصت بالفعل خلال هذا الوباء، وكذلك التلوث العالمي. فهل نعيش بطريقة مختلفة حتى نجعل هذا واقعا في قلعة المستقبل؟ هل نستهلك الطاقة والغذاء بطرق أفضل؟ أم نرتد ببساطة إلى ما كنا عليه؟ اختاروا منظمة بيئية أو اثنتين أو أكثر وتبرعوا لها. الفرصة الآن سانحة لكم.

أخيرا، حافظوا على الإيمان. يمكنكم عبور هذا الخندق. نعم، هذه لحظة مروعة وتعيسة. الناس يموتون. يخسرون وظائفهم وإحساسهم بالسيطرة على حياتهم، ولو أنها كانت سيطرة مهزوزة. لكن لو أنكم لستم مرضى - وحتى لو أن لديكم أطفالا صغارا وتشعرون أن عقولكم تعرضت للاختطاف - فأنتم حقيقة في مكان طيب، بالمقارنة مع غيركم على الأقل.

بوسعكم أن تستمتعوا بهذا الوقت، ولو بإيقاع أقل اهتياجا من إيقاع الأمور حين كانت (طبيعية). كثيرون يتساءلون الآن عن هذا الإيقاع - يقولون (فيم كانت العجلة؟) - ويقررون أن يعيشوا عيشا مختلفا.

هذا أفضل الأوقات، وهذا أسوأ الأوقات. الحق أن خبرتك بهذا الوقت تخضع - جزئيا - لما تريده لها. لو أنك تقرأ هذه السطور، فأنت على قيد الحياة، أو هذا ما أفترضه. أما لو أنك لست حيا، فيا لها من مفاجأة لي.

* مارجريت آتوود كاتبة كندية لها أكثر من خمسين كتابا بين الرواية والقصة والشعر

** مجلة تايم في 16 أبريل 2020