42745634_303
42745634_303
العرب والعالم

خلف معركة الوباء في ألمانيا معركة أخرى لخلافة ميركل

17 أبريل 2020
17 أبريل 2020

برلين- (أ ف ب) - يدير ماركوس زودر وأرمين لاشيت أكثر منطقتين تضرراً من وباء كوفيد-19 في ألمانيا، لكن يتبع كل منهما استراتيجية مختلفة لإدارة أزمة قد تغير الموازين في معركة خلافة المستشارة أنغيلا ميركل في عام 2021. يتلاقى الرجلان في عدة سمات، أولها التقارب في السن إذ يبلغ زودر 53 عاماً ولاشيت 59 عاماً، فضلاً عن أن كليهما محافظان، ويرأسان أكبر منطقتين في ألمانيا لجهة المساحة وعدد السكان وأكثرها تضرراً من الوباء، إذ يحكم سودير مقاطعة بافاريا ولاشيت مقاطعة ولاية شمال رينانيا فيستفاليا. وسجلت أولى الإصابات في ألمانيا بفيروس كورونا المستجد في فبراير في هاتين المقاطعتين. وسجلت في بافاريا أكثر من 36 ألف إصابة ونحو 1100 وفاة، أما شمال رينانيا فيستفاليا فقد سجلت 27 ألف إصابة وأكثر من 700 وفاة. وفي ظل هذا الوضع الذي رغم سوئه لا يزال أقل مأساوية مما حلّ على الجيران الأوروبيين مع تراجع معدل انتقال العدوى الجمعة في ألمانيا إلى أقل من شخص للمرة الأولى، يجد الحاكمان المحافظان نفسيهما في خط المواجهة الأول ويديران إلى جانب المستشارة نظراً لطبيعة النظام السياسي الاتحادي، التصدي للأزمة الوبائية. رغم نقاط التلاقي، اعتمد الحاكمان على مدى الأسابيع الماضية مقاربات مختلفة في معالجة الأزمة. وأيّد زودر رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب الحليف لحزب المستشارة الاتحاد الديموقراطي المسيحي خطاً متشدداً جداً مع تدابير عزل مشابهة لتلك التي اعتمدت في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. ويواصل زودر الدعوة إلى الإبقاء على القواعد الحازمة بمواجهة الفيروس رغم أن ألمانيا سيطرت حتى الآن على انتشار الوباء بشكل أفضل من جيرانها في هذه المرحلة. وكان أول من فرض إغلاق المدارس في مقاطعته، بدون مناقشة فعلية لهذا التدبير. ولن تفتح المدارس في بافاريا حتى 11 مايو، أي بعد أسبوع من استئناف التدريس في بقية المدارس الألمانية. ويتمتع زودر الذي بات يلقب بـ"قيصر كورونا" أو "إمبراطور كورونا" والمنتقد لسياسة ميركل حول الهجرة سابقاً، بنسبة تأييد مرتفعة جداً في بافاريا (94% وفق آخر استطلاعات الرأي)، نادراً ما تسجل في الأنظمة الديموقراطية. على المستوى الاتحادي، تساوي شعبية زودر شعبية ميركل التي يحيي الألمان أيضاً إدارتها للأزمة. وحصل الجمعة في استطلاع لمركز "فوكوس" على 163 من مؤشر من 300 نقطة، أعلى معدل تناله شخصية سياسية ألمانيا منذ بدء هذا الإحصاء في يناير 2019. هل يكفي ذلك لتغذية طموحات زودر على المستوى الوطني؟ يدافع الرجل عن نفسه مؤكداً أنه لا يفكر "صباحاً وظهراً ومساء" إلا بالتصدي للوباء. لكن هذا السياسي النافذ والطموح لم يسهَ عن تقدمه في استطلاعات الرأي. ويقول الأستاذ في جامعة برلين الحرة غيرو نويغيرباور لوكالة فرانس برس إن "صورة القائد التي يسعى سودير إلى إظهارها يمكن أن تكون جذابة لجزء من القاعدة الانتخابية المحافظة في ألمانيا". اختار لاشيت القادم من اليمين المعتدل والمرشح لرئاسة الاتحاد المسيحي الديموقراطي سبيلاً آخر لعلاج أزمة الوباء. ويؤيد هذا السياسي رفع القيود التي مدد فرضها حتى الرابع منمايو، إذ يكرر مراراً "إغلاق كل شيء ليس العلاج الشافي". لا يتوانى هذا القائد المحلي والمرشح لرئاسة الحزب الديموقراطي المسيحي التي أرجئت من ابريل حتىديسمبر، عن إلقاء الضوء على الآثار الضارة للقيود الاجتماعية من "العنف المنزلي" و"البطالة الجماعية" وصولاً إلى "حالات الاكتئاب والانتحار". يسعى لاشيت إلى إنعاش الاقتصادي الألماني الذي دخل في ركود في آذار/مارس عبر تكثيف إجراء الفحوص وتوزيع الأقنعة وتعقب المصابين. وتوصل نتيجةً لذلك إلى أن وكلاء بيع السيارات يمكن لهم دون تأخير استقبال الزبائن من جديد من أجل إطلاق هذا القطاع التصديري الأساسي في النموذج الاقتصادي الألماني. وبات لاشيت "وجه الخروج من الأزمة" في البلاد، كما اعتبر أحد المقربين منه لصحيفة "سوددوتشيه زيتونغ". بيد أن خصمه الأبرز زودر يتخطاه في استطلاعات الرأي. وانتشرت صورة للاشيت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره مرتدياً قناعاً واقياً لكن بشكل خاطئ. لكن هذا السياسي المتحالف مع وزير الصحة الطموح ينس سبان في السباق لرئاسة الاتحاد المسيحي الديموقراطي، يجسد "استمرارية" حقبة ميركل وفق نويغيباور. يتقدم زودر ولاشيت كلاهما في هذه الأثناء على المرشحين اليمينين الآخرين للمستشارية، نوربرت روتغن والخصم القديم لميركل فريدريش ميرتس اللذين لا يشغلان مناصب قيادية وبالتالي غير حاضرين في الإعلام كثيراً.