أفكار وآراء

على أمريكا والصين العمل معا لمكافحة كورونا

12 أبريل 2020
12 أبريل 2020

مايكل مكفول - واشنطن بوست - ترجمة:قاسم مكي -

زادت جائحة فيروس كورونا المستجِد من حدة توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين المتوترة أصلا. فحتى قبل ظهور فيروس كورونا كان العديد من الخبراء يصفون العلاقة بين البلدين بالحرب «الباردة الجديدة» أو «الحرب الباردة رقم 2».

لكن الآن أضاف الفيروس عاملَ «تعجيلٍ» جديد للمواجهة حيث يتهم الطرفان الآن كل منهما الآخر بإيجاد المرض ونشره.

ستظل الولايات المتحدة والصين بوصفهما أعظم قوتين في العالم متنافستين في مجالات عديدة لعقود قادمة. لكن في موازاة مع المواجهة بينهما يجب أن يدرك الزعيمان الصيني والأمريكي أيضا أنهما يتشاطران مصالحَ تتطلب التعاون. من بين هذه المصالح المشتركة الجائحة العالمية المحتدمة الآن.

لكن لسوء الحظ، استسلم زعيما كلا البلدين مؤخرا لأسوأ نزعات الاندفاع دون هدى وتبصر في العواقب. فالحكومة الصينية تدير حملة دعائية تشمل حتى طرد الصحفيين الأمريكيين من الصين بهدف إعادة كتابة (حكاية) منشأ الفيروس وتحميل الولايات المتحدة مسؤولية نشره.

ومن جانبها، اعتادت الإدارة الأمريكية على الإشارة إلى ما أسمته «الفيروس الصيني» عند الحديث عن كورونا. ووعد بعض المسؤولين الأمريكيين بالاقتصاص من الصين لدورها في نشر الفيروس عالميا.

لعبة تبادل الاتهامات هذه لا تخدم مصالح الولايات المتحدة أو الصين في الأجل الطويل. ويجب أن تتوقف.

في أثناء الحرب الباردة تعلمت الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد السوفيتي مواجهة بعضهما البعض في قضايا عديدة حول العالم وفي نفس الوقت التماس سبل للتعاون عندما تتداخل مصالحهما كما في حالات ضبط التسلح النووي والقضاء على الجدري والجهود المشتركة في أبحاث الفضاء.

على الزعيمين الأمريكي والصيني تعلم عادات شبيهة بذلك لإدارة التنافس والتعاون بينهما في القرن الحادي والعشرين.

لا يحتاج الاشتراك في مكافحة كوفيد-19 إلى تفكير. وسيكون العمل معا لمواجهة التراجع الاقتصادي العالمي القادم التحدي المشترك التالي لنا. إن محاولة حل أي من هاتين المشكلتين على انفراد ستجعل كلا البلدين في حال أسوأ من قبل.

يجب على كلا الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينج الشروع في ابتدار إجراءات بناء الثقة من أجل إعداد المسرح للمزيد من العمل الدبلوماسي المنتظم. على شي إبعاد ناطقه تجاو ليجان» مشعل الحرائق» بوزارة الشؤون الخارجية وإيجاد طريقة تحفظ ماء الوجه وتسمح بعودة الصحفيين الأمريكيين المطرودين. وعلى ترامب وفريقه الالتزام باستخدام المصطلحات العلمية عند وصف الفيروس العالمي. ففي عام 2003 استخدم الرئيس جورج دبليو بوش ببساطة كلمة «سارس» للإشارة إلى فيروس كورونا المستجد وقتها والذي كان أول ظهور له في الصين وهدد العالم.

بعد ذلك، على الرئيسين ترامب وشي تشكيل مجموعة عمل رفيعة المستوى للدخول في محادثات مباشرة وتسوية خلافاتهما والاتفاق على معايير جديدة «لضبط» الخطاب العام وأيضا، وهذا هو الشيء الأكثر أهمية، إعداد خطة مشتركة لمكافحة الفيروس، عدونا المشترك.

إن النظر إلى الجهود الدولية للصين والولايات المتحدة في التعامل مع فيروس كورونا وتأطيرها كلعبة مجموع صفري (يفوز فيها أحد الطرفين على حساب الطرف الآخر) يأتي بنتيجة عكسية. فالعون الصيني لأوروبا لا يقوض المصالح الأمريكية. وعلى المسؤولين الأمريكيين الثناء على المساعدات الإنسانية الصينية لإيطاليا ثم تقديم نفس هذه المساعدات لحليفتنا المهيضة الجناح. فإيطاليا بحاجة إلى العون من كل أحد.

وبالمثل على المسؤولين الصينيين استقبال وليس قطع الطريق أمام الأطباء الأمريكيين الذين يسعون لتعلم المزيد بشأن اندلاع الوباء في إقليم ووهان. فالسباق من أجل التوصل إلى لقاح مباراة يجب أن تفوز بها كل البلدان وليس بلدا واحدا فقط.

على القادة الأمريكيين والصينيين تولي القيادة في المجالات متعددة الأطراف بما في ذلك وخصوصا مجموعة العشرين التي لعبت دورا حيويا في إدارة الأزمة المالية العالمية عام 2008 ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في الأجل القصير علي الولايات المتحدة والصين بصفتهما القوتين العظميين في هذه المؤسسات المتعددة الأطراف قيادة الجهود الدولية لاقتسام البيانات المتعلقة بفيروس كورونا وتنسيق الأبحاث العالمية وتقديم (والحث على تقديم) تمويل أكبر لمنظمة الصحة العالمية وتخصيص الأولوية للعون الإنساني. في الأجل الطويل، على الولايات المتحدة والصين التدليل عمليا على دورهما القيادي في المنابر متعددة الأطراف بتبني قواعد ومعايير جديدة للوقاية من الجائحات والقضاء عليها في المستقبل بما في ذلك بروتوكولات جاهزية الفحص والمقاييس الدولية لمعدات الوقاية الشخصية وإزالة الأسواق الرطبة (أمكنة بيع الخضر والفواكه واللحوم الطازجة) الخطرة على الصحة العامة. وعندما تنحسر الجائحة الحالية سنحتاج إلى جرد عالمي وليس محليا فقط لأفضل الممارسات والدروس التي تعلمناها لمكافحة هذا الفيروس. لا يعني العمل مع بكين لهزيمة عدو مشترك أننا يجب علينا التنازل للصين في بعض المسائل والامتناع عن ردعها في مجالات أخرى أو التخلي عن قيمنا. لكن العمل لوحدنا ضد داء بلا جنسية لا يخدم المصالح الوطنية للولايات المتحدة ولا مصالح حلفائنا وشركائنا حول العالم. بعد أزمة الصواريخ الكوبية تعلم القادة السوفيت وخصوصا العلماء الأمريكيون والسوفيت أننا في المسألة النووية، حسب عبارة سيجفريد هيكر، «محكوم علينا بالتعاون.» يجب أن تُلَقِّن جائحةُ فيروس كورونا الزعماءَ الأمريكيين والصينيين، هذا إذا لم نذكر العلماء والأطباء ومسؤولي الرعاية الصحية في كلا البلدين، أن الناس أحيانا، بمن فيهم المتنافسون، «محكوم عليهم بالتعاون».