5
5
العرب والعالم

اتساع رقعة تدابير العزل عالميا وإسبانيا تسجل قياسيا جديدا في عدد الضحايا

31 مارس 2020
31 مارس 2020

إيطاليا تنكس الأعلام حداداً على أكثر من 11 الف شخص قضوا من جراء الفيروس -

مدريد-(أ ف ب) - اتسعت رقعة إجراءات العزل في كافة أنحاء العالم لتبقي نحو نصف سكان الأرض معزولين في منازلهم بهدف احتواء فيروس كورونا المستجد، في وقت سجلت إسبانيا أعلى عدد وفيات يومي بالفيروس امس فيما أعلنت تعبئة عامة في الولايات المتحدة لمواجهة الوباء. أودى الفيروس بحياة قرابة 38 ألف شخص في العالم وسط أزمة صحية تعيد توزيع مراكز القوى وتضرب الاقتصاد العالمي وتؤثر على الحياة اليومية لقرابة 3,6 مليار شخص. وسجلت إسبانيا الثانية بعد إيطاليا من حيث عدد الوفيات في العالم، رقما قياسيا جديدا في عدد الضحايا مع 849 وفاة خلال 24 ساعة امس، ما يبدد الآمال من احتمال أن تكون تجاوزت ذروة الأزمة التي تشل البلاد منذ أسابيع. وفي إيطاليا الرازحة تحت وطأة الفيروس، تم تنكيس الأعلام خلال دقيقة صمت حداداً على أكثر من 11,500 شخص قضوا من جراء الفيروس، فيما لا تزال الفرق الصحية تعمل في ظروف مروعة. ورغم ظهور مؤشرات على تباطؤ انتشار الفيروس في إيطاليا، لا يزال المئات يموتون يوميا ما دفع بالسلطات إلى تمديد إجراءات الاغلاق المشددة المفروضة في كافة أنحاء البلاد، رغم التداعيات الاقتصادية المدمرة لذلك. حالات وفاة بالامارات والسعودية أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بدولة الإمارات العربية المتحدة امس عن تسجيل 53 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ليبلغ عدد الحالات التي تم تشخيصها بالمرض 664 حالة. وأوضحت الوزارة أنه تم التعرف على حالات الإصابة من خلال فحص المخالطين لإصابات أعلن عنها مسبقاً ولم يلتزموا بالإجراءات الوقائية بالإضافة إلى حالات مرتبطة بالسفر إلى الخارج. وقد ارتفع إجمالي عدد الوفيات في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 6 حيث تم تسجيل حالة وفاة لمصاب من الجنسية الآسيوية يبلغ من العمر 67 عاما تزامنت إصابته بالفيروس مع معاناته من عدد من الأمراض المزمنة ذات العلاقة بالقلب وضغط الدم والسكري. من جانبها اعلنت السعودية امس ارتفاع الوفيات المرتبطة بفيروس (كورونا المستجد - كوفيد 19) الى 10 حالات وتسجيل 110 اصابة مؤكدة جديدة بالفيروس فيما زاد اجمالي الاصابات الى 1563 حالة. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي انه جرى تسجيل حالتي وفاة جديدتين لمقيمين في (المدينة المنورة) لترتفع حصيلة الوفيات المرتبطة بالفيروس الى 10 اشخاص، كما تم تسجيل 110 اصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع اجمالي الحالات في المملكة الى 1563 حالة. وفي المقابل أعلن المتحدث عن تعافي 50 حالة بالمملكة ليصل عدد المتعافين الى 165 حالة. انقاذ حياة 59 الف شخص قال باحثون بريطانيون إن الإغلاق وإجراءات أخرى لاحتواء كوفيد-19 أنقذت حياة 59 ألف شخص في 11 دولة أوروبية، من بينهم 2500 في فرنسا. وأفادت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة إمبريال كوليدج في لندن أن "مع تطبيق التدابير الحالية حتى نهاية مارس على الأقل، فإننا نقدر أن هذه الإجراءات ستمنع وفاة 59000 شخص في 11 دولة حتى 31 مارس". وتشتهر امبريال كوليدج لندن في المجال الطبي. قام هؤلاء الاختصاصيون الجامعيون في علم الأوبئة والرياضيات بنمذجة ديناميكيات الوباء في أوروبا وقدّروا مدى كبح العدوى بفيروس سارس-كوف 2 بفضل التدابير المختلفة المتخذة في البلدان المشمولة بالدراسة في تواريخ مختلفة. والتدابير المأخوذة في الاعتبار هي الحجر الصحي للمرضى وإغلاق المدارس والجامعات وحظر التجمعات وتدابير منع الاختلاط الاجتماعي والإغلاق العام. وقال الباحثون إن النماذج التي وضعوها هي نماذج نظرية على وجه الخصوص على افتراض أن المقياس نفسه له تأثير مماثل في الدول التي درسوها. وسُجل أكبر تأثير للإجراءات في إيطاليا، الدولة الأولى التي وضعت تدابير صارمة وحيث كان الوباء أكثر انتشاراً. إذ تقدر الدراسة أن الإجراءات أنقذت 38000 شخص. تأتي بعدها إسبانيا حيث قدر الباحثون أن الإجراءات أنقذت 16000 شخص ثم فرنسا (2500) وبلجيكا (560) وألمانيا (550) والمملكة المتحدة (370) وسويسرا (340) والنمسا (140) والسويد (82) والدنمارك (69) والنروج (10). وأشار الباحثون إلى أنه "سيتم تجنب المزيد من الوفيات إذا تأكدنا من أن التدابير ستبقى في مكانها حتى ينخفض انتقال (المرض) إلى مستويات متدنية". وفي هذه البلدان الأحد عشر في أوروبا الغربية أصيب وفق الدراسة ما بين 7 و43 مليون شخص بالفيروس بينهم نحو 5,9 مليون إيطالي و600 ألف ألماني فقط حيث مستوى العدوى أخف. وفسر الباحثون الفرق بين عدد الحالات المسجلة رسميًا في هذه البلدان وتقديراتهم "من حيث المبدأ" بأنه في كثير من الحالات لا يُكشف عن العدوى لأنها تظهر "مع أعراض خفيفة أو بدون أعراض" وبأن " قدرات الفحص محدودة" ولا يتم الكشف عن جميع الحالات المشتبه بها. امريكا تستعد لأسوا ايامها على الجهة المقابلة من المحيط الأطلسي كانت الولايات المتحدة تستعد لأسوأ أيامها بعد أن تجاوزت حصيلة الوفيات 3000 وفاة من 163 ألف إصابة، في أعلى عدد من الإصابات يتم تسجيله في بلد واحد. وأثارت مشاهد لم يكن أحد يتصورها في زمن السلم -- كإقامة مستشفى ميداني في حديقة سنترال بارك -- خوف أهالي نيويورك القابعين في منازلهم في مدينة يخيم عليها هدوء مخيف. ووصلت سفينة طبية عسكرية أميركية على متنها 1000 سرير إلى مانهاتن لتخفيف الضغط عن النظام الصحي المنهك. وتشهد مراكز توزيع المواد الغذائية في المدينة قدوم عدد متزايد من الأشخاص الراغبين في الحصول على مساعدات بعد أن خسروا مداخليهم مع إغلاق العاصمة المالية العالمية. وقالت لينا ألبا (40 عاما) التي تعيل خمسة أطفال في مركز توزيع مواد غذائية تديريه منظمة سيتي هارفست الخيرية ومقرها نيويورك "إنها المرة الأولى لي". وكانت تعمل في خدمة التنظيف في فندق بمانهاتن قبل أن يغلق أبوابه قبل أسبوعين. وقالت "نحتاج للمساعدة الآن. الوضع جنوني. لا نعلم ما الذي سيحصل بعد بضعة أسابيع". في ولاية ماريلاند برزت مخاوف جديدة بعد أن أظهرت الفحوص أن 67 شخصا يقيمون في دار للعجزة مصابون بفيروس كورونا، فيما توفي عجوز في التسعين من العمر نهاية الأسبوع الماضي. وانضمت ماريلاند إلى فرجينيا وواشنطن دي.سي في إصدار أوامر للسكان بالتزام منازلهم، لتشمل إجراءات العزل نحو 75 بالمائة من الأميركيين. وسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتطمين المواطنين، مشيرا الى أن السلطات تكثّف توزيع المعدات الضرورية على غرار أجهزة التنفس ووسائل الوقاية الشخصية. لكنه حذر كذلك من "الأوقات الصعبة المقبلة خلال الأيام الثلاثين القادمة". وأقرّ باحتمال صدور أمر لجميع سكان البلاد بالبقاء في منازلهم. وقال ترامب "نخاطر بكل شيء نوعا ما"، مشبها جهود احتواء كورونا المستجد بـ"الحرب". يقترب عدد الوفيات المؤكدة بكوفيد-19 في العالم من 38 ألف وفاة، بحسب تعداد لجامعة جونز هوبكنز. وتعمل أنظمة الرعاية الصحية بكامل طاقتها فيما يضطر أفراد الطواقم الطبية لاتخاذ قرارات صعبة بشأن توزيع وسائل الوقاية المحدودة وأجهزة التنفس المنقذة للأرواح. وكتبت الممرضة الفرنسية إليز كوردييه منشورا على فيسبوك يكشف عن مدى الخوف والمعاناة اللذين تواجههما الطواقم الطبية التي تجد نفسها في الصفوف الأمامية للمعركة ضد كوفيد-19. وقالت كوردييه "بكيت لدى استيقاظي هذا الصباح. بكيت وأنا أتناول وجبة الفطور. ذرفت الدموع وأنا أستعد" ليوم عمل جديد. لكنها أضافت "في حجرة تبديل الملابس في المستشفى، مسحت دموعي والتقطت أنفاسي بين شهيق وزفير. يبكي الناس على أسرّة المستشفيات كذلك، ومن واجبي أن أمسح دموعهم". ولا يزال قادة العالم الذين أصيب عدد منهم بالمرض أو أجبروا على الخضوع للحجر الصحي، يبحثون عن وسائل للتعامل مع أزمة تتسبب بهزّات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. ويتوقع أن يعقد وزراء مال ومدراء بنوك مركزية من مجموعة العشرين، جولة ثانية من المحادثات عبر الانترنت امس لوضع خطة للتصدي للأزمة. وتسبب الفيروس في تدهور الأسواق المالية العالمية في الأسابيع الأخيرة، فيما أدت تعهدات بتريليونات الدولارات لتحفيز الاقتصاد إلى نوع من الاستقرار. ورغم الضغط الذي تعاني منه منظومة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، أعلن ترامب أنه سيأمر بإرسال المزيد من المعدات الطبية إلى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا. 44 الف اصابة في ايران في تلك الأثناء سلمت دول أوروبية معدات طبية إلى إيران التي ترزح تحت الفيروس، وذلك في اطار آلية انستكس للمقايضة التجارية التي تسمح بالالتفاف على العقوبات الأميركية واستخدمت للمرة الأولى منذ إنشائها في يناير 2019. وتخطى عدد الإصابات بالفيروس في إيران 44 ألف حالة إصابة فيما تعقّد العقوبات الأميركية جهود احتواء تفشيه. عدم قدرة افريقيا على المواجهة أفاقت لاغوس، العاصمة الاقتصادية الصاخبة لنيجيريا، صباح امس على شوارع مقفرة وهدوء غير اعتيادي، والسبب الاغلاق التام في سياق جهود القارة الافريقية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. في الاحياء التي قصدتها وكالة فرانس برس، كانت كل المتاجر مغلقة والاسواق فارغة والشوارع خالية الا من بعض السيارات التي كانت تتوقف عند حواجز اقامتها قوات الامن التي انتشرت على كل التقاطعات الرئيسية. وامر الرئيس محمد بخاري حظر "اي حركة" اعتبارا من مساء امس الاول ولمدة لا تقل عن 14 يوما في ولايتي لاغوس وابوجا حيث سجلت رسميا غالبية الاصابات بكورونا المستجد والتي بلغ عددها حتى الان 135 اضافة الى حالتي وفاة. وهذا الرهان الكبير لا يخلو من اخطار في البلد الاكثر اكتظاظا في افريقيا. لكن المفارقة ان الاجراء نفذ منذ الساعات الاولى بحذافيره في قسم كبير من المدينة المترامية في جنوب البلاد والتي يسكنها عشرون مليون نسمة. وعلق موتيو اديسا، سائق حافلة صغيرة "كأنك تضع الناس في السجن. اجهل كيف سيتمكن الناس من الصمود اسبوعين من دون عمل لكسب رزقهم". في اي حال، انه السؤال الذي يطرحه الجميع: كيف يمكن تطبيق هذه التدابير المتشددة، وخصوصا في مدن صفيح مكتظة يعيش القسم الاكبر من سكانها تحت خط الفقر من دون اي مدخرات؟. وقال المهندس الستيني اوغون نوبي فيكتور "نعلم جيدا انه يجب الاحجام عن التنقل للحد من عدد الاصابات. لكن المواطنين لا مال لهم، سيلازمون منازلهم من دون مأكل" واعلنت ولاية لاغوس اقامة اسواق مجاورة للاحياء الشعبية وتوزيع مواد غذائية على مئتي الف عائلة تعاني فقرا مدقعا، لكنه غيض من فيض عشرين مليون نسمة. القيود تختلف بين بلد وآخر في القارة الافريقية حيث احصيت رسميا 5300 اصابة بالفيروس و170 وفاة وفق تعداد لفرانس برس. وانضمت تنزانيا الثلاثاء الى قائمة الدول المتضررة معلنة اول وفاة على اراضيها. والاغلاق التام الذي فرضته نيجيريا على سكانها، يماثل ما حصل في جنوب افريقيا وتونس ورواندا. سرى في اوغندا ايضا اجراء مماثل مع اعلان الرئيس يويري موسيفيني الاثنين وقفا فوريا لاي تنقل للسيارات وحظر تجول ليليا. في المقابل، لجأت دول اخرى مثل كينيا والسنغال وساحل العاج الى تدابير اقل تشددا. وفي الكونغو برازافيل (خمسة ملايين نسمة) التي تستعد بدورها للاغلاق حيث هرع سكان العاصمة الى كبرى المتاجر والافران للتمون، وايضا الى محطات القطارات للمغادرة الى قراهم. والنتيجة ان ثمن بطاقة للتوجه الى غامبوما التي تبعد 325 كلم شمال برازافيل ارتفع من ستة الاف فرنك كونغولي (تسعة يورو) الى خمسة عشر الف فرنك (22,5 يورو)، وفق ما افاد احد مراسلي فرانس برس. ولا يمر تطبيق هذه الاجراءات من دون عنف تلجأ اليه الشرطة، كما في جنوب افريقيا حيث نددت وزيرة الدفاع نوسيفي مابيسا الاثنين ب"تجاوزات" ارتكبها جنود بحق مدنيين واظهرتها اشرطة مصورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي. وانتشر نحو ثلاثة الاف عسكري لفرض احترام الاغلاق التام في هذا البلد الذي سجل اكبر عدد معلن من الاصابات بكورونا في القارة السوداء. واعلن رئيس جنوب افريقيا سيريل رامافوزا الاثنين نشر عشرة الاف شخص في البلاد كلفوا رصد الاشخاص الذين تظهر عليهم اعراض الوباء. واوضح ان هؤلاء "سيتم ارسالهم الى عيادات" لاخضاعهم للفحص المطلوب. يبقى ان وتيرة تفشي الوباء في افريقيا تظل بطيئة مقارنة ببقية انحاء العالم. وحتى الاثنين، كانت ست دول لا تزال في منأى منه من اصل 54، وهي جنوب السودان وبوروندي وساو تومي وبرنتسيب وملاوي وليسوتو وجزر القمر. غير ان الخبراء حذروا مرارا من عدم قدرة افريقيا على مواجهة الوباء، وخصوصا في ظل نزاعات عدة وانظمة صحية محدودة القدرات ومستشفيات تفتقر الى التجهيزات اللازمة ومدن صفيح مكتظة.