1466483_388
1466483_388
العرب والعالم

أوروبا والولايات المتحدة في مواجهة قاسية مع كوفيد-19

28 مارس 2020
28 مارس 2020

روما "أ.ف.ب": تعيش أوروبا والولايات المتحدة أوقاتاً عصيبة في مواجهة جائحة كوفيد-19 التي خلفت وفق أحدث تعداد السبت نحو 28000 وفاة في جميع أنحاء العالم، في وقت بدأت ووهان التي انتشر منها الوباء تخرج تدريجياً من العزل التام. وفي غياب لقاح أو علاج مثبت للمرض، فُرض على أكثر من ثلاثة مليارات شخص البقاء في منازلهم طوعاً أو قسراً. أما في إيطاليا، فتوفي نحو ألف شخص خلال 24 ساعة، في تعداد يومي غير مسبوق لدى دولة واحدة منذ بداية الأزمة. وبعد إيطاليا التي أحصت 9134 وفاة، تأتي إسبانيا في عدد الوفيات مع تسجيل 5690 وفاة بينهم 832 في الساعات الأربع والعشرين الماضية. لكن تواصل تباطؤ عدوى كوفيد-19 في إيطاليا مع الأمل في أن تفضي إجراءات الحجر الصارمة التي اتخذت قبل أسبوعين إلى نتائج أخيرا، وإن لم يبلغ الوباء ذروته بعد. وبات عدد الوفيات في أوروبا يتجاوز 20 ألف شخص، بحسب حصيلة أعدتها فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية السبت الساعة 14,15 بتوقيت غرينتش. في الصين، اعيد فتح مدينة ووهان التي رصدت فيها اول إصابة بالفيروس، في إجراءات تدريجية السبت بعد عزلها لشهرين ونصف الشهر تقريبا، مع وصول أول قطار يقل مسافرين ظلوا بعيدين عنها كل تلك المدة. وقالت امرأة لم تر زوجها بسبب الإغلاق منذ عشرة أسابيع لوكالة فرانس برس إن ابنتها "اندفعت باتجاه والدها" عندما رأته. وأضافت "لم أتمكن من حبس دموعي". في المقابل، يبدو أن الأسوأ بانتظار القارات الأخرى. وسجلت الولايات المتحدة نحو 1600 وفاة بعد أن تجاوز عدد الإصابات لديها الجمعة عتبة المئة ألف شخص من بين 605 آلاف في العالم، متقدمة على إيطاليا والصين. ودفع هذا الوضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إصدار مرسوم يلزم مجموعة صناعة السيارات "جنرال موترز" بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي اساسية لمرضى كوفيد-19 مع ارتفاع أعداد الذين يتم إدخالهم إلى المستشفيات، وذلك فيما بدأت هذه الأجهزة تنفد بعد أسابيع من تفشي الوباء. وقالت ديانا توريس (33 عاما) الممرضة المتخصصة بإعادة التأهيل في مستشفى في نيويورك، إنهم "يقومون بترشيد استهلاك التجهيزات. هذا يُلزمنا بارتداء كيس نايلون فوق بزتنا لنستخدمها لفترة أطول". وصرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إن "النقص العالمي المزمن في معدات الوقاية الفردية" للفرق الصحية يشكل "التهديد الأكثر إلحاحا" لهم. وفي فرنسا، مددت الحكومة لأسبوعين إجراءات الحجر المنزلي اعتبارا من الثلاثاء وحتى 15 ابريل، بعد ارتفاع الوفيات إلى قرابة الألفين. وقام الجيش الفرنسي بنقل مريضين مصابين بالفيروس صباح السبت من ميتز إلى مدينة إيسن الألمانية بطوافة قتالية من نوع "ان اتش 90"، كما أعلنت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي . وقال طبيب في مستشفى ميتز إنّ عمليات نقل مرضى آخرين ستجرى في وقت لاحق حسب تطور الوضع. وفي بريطانيا حيث أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون الجمعة أنه مصاب بالفيروس مع أعراض طفيفة، تستعد السلطات لتدفق موجة هائلة من المرضى على المستشفيات. وتخطت حصيلة الوفيات جراء فيروس كورونا لديها عتبة الألف بعد تسجيل 260 وفاة جديدة في يوم واحد. وباتت الحصيلة الإجمالية 1019 وفاة و17089 إصابة مؤكدة. أما روسيا آخر قوة كبرى لم تتخذ حتى الآن أي إجراء للعزل العام، فقررت إغلاق المطاعم ومعظم المحال التجارية اعتبارا من السبت. وتأمل السلطات في أن يبقى السكان في بيوتهم لكن من دون أن يكونوا مجبرين على ذلك. من جهتها، بدأت إيرلندا السبت فرض عزل صحي عام حتى 12 ابريل. من أجل البقاء وأغلقت إيران الدولة الرابعة الأكثر تضررًا من حيث عدد الوفيات التي تجاوزت 2500 لديها، أماكن الزيارات الدينية الرئيسية وعلقت صلاة الجمعة في المساجد. وفي بلدان مسلمة أخرى، بدا أن من الصعب في معظم الأحيان منع المصلين من التوجه إلى المساجد. ففي باكستان وكذلك إندونيسيا كان عدد المشاركين في صلاة الجمعة كبيرا. وقال ألطاف خان "لا نؤمن بفيروس كورونا بل نؤمن بالله. أي أمر يحدث سيكون بمشيئة الله"، قبل أن ينضم إلى حشد من المؤمنين الآتين للمشاركة في صلاة الجمعة في اسلام أباد. وفي الدول الأكثر فقراً، ولا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تهدد القيود المفروضة على الحركة سبل عيش الناس الذين يكسبون قوتهم يوماً بيوم، لا تعد إجراءات العزل أمراً بديهياً. ومع تسجيل نحو 3300 إصابة وأكثر من تسعين وفاة في إفريقيا، حذر المسؤول الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ماتشيديسو ريبيكا مويتي من أن انتشار الفيروس في القارة سيتبع "تطورا دراماتيكيا". في لاغوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، والمدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في القارة، حيث اكتفت السلطات في الوقت الحالي بإغلاق المدارس والأماكن العامة والحانات وأسواق السلع غير الغذائية، وبتوجيه تعليمات بشأن البقاء في المنزل، تطرح مسألة عدم الاختلاط الاجتماعي إشكالية. وقال روتيمي أويديبو، بائع المنتجات الكيميائية الذي أغلق متجره بأمر من الشرطة "بحلول الاثنين أو الثلاثاء، في غضون أيام قليلة، سيغادر الجميع منازلهم ويفعلون ما يتعين عليهم القيام به من أجل البقاء". وفي أحد أحياء جوهانسبرغ الفقيرة، أطلقت شرطة جنوب إفريقيا الرصاص المطاطي السبت لتفريق عدة مئات من الأشخاص الذين تجمعوا أمام أحد المتاجر في انتهاك لتعليمات العزل. وفي كينشاسا حيث كان يفترض أن يبدأ السبت حجر صحي لأربعة ايام أرجىء تطبيق القرار بسبب "تكهنات حول أسعار المواد الأساسية" و"لمنع أعمال يمكن أن تضر بالأمن"، حسب السلطات الكونغولية. وفي البرازيل ألغى القضاء مرسوما للرئيس جاير بولسونارو يعفي الكنائس والمعابد الدينية ومراكز القمار من إجراءات العزل التي فرضت في بعض الولايات. وقال القاضي إن "الكنائس والمعابد الدينية ومراكز القمار يمكن أن تشجع على التجمع والتنقل". وحذرت جمعية الصليب الأحمر من الآثار النفسية للعزل من خلال زيادة مستويات الاكتئاب والقلق وغيرها من المشكلات النفسية. من جانبه تحدث طبيب القلب الإيطالي البالغ من العمر 65 عامًا والذي قضى ثمانية أيام "معزولًا عن العالم" في وحدة العناية المركزة بمستشفى في روما عن "الكوابيس الليلية" التي تراود المرضى. في مواجهة الكارثة الاقتصادية التي بدأت تشعر دول لعالم بوطأتها، تحاول الأسرة الدولية ضخ مبالغ هائلة في النظام المالي. وفضلا عن اعتماد الولايات المتحدة خطة إنعاش هائلة تتجاوز قيمتها الألفي مليار دولار لإنقاذ اقتصادها المهدد بالشلل، تعهدت دول مجموعة العشرين بضخ خمسة تريليونات لدعم الاقتصاد العالمي. أما أوروبا فأجلت إلى ما بعد اسبوعين اتخاذ "إجراءات قوية" ما أثار خيبة أمل وغضب إيطاليا واسبانيا، البلدين الأكثر تضررا في القارة العجوز. وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لثلاث صحف إيطالية السبت "لن نتجاوز هذه الأزمة من دون تضامن أوروبي قوي على مستويي الصحة والموازنة"، داعيا إلى اعتماد آلية القروض المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي، وهو أمر ترفضه ألمانيا تماما. ولا شك في أن قطاع السياحة بين الأكثر تضرراً مع تقطع السبل بعشرات الآلاف من المسافرين بسبب تعطل خطوط رحلات الطيران. وفي جزيرة بالي الإندونيسية، بدأت عملية لإعادة مئات منهم، لا سيما من الفرنسيين.