abdulalrzaq
abdulalrzaq
أعمدة

هوامش...ومتون: لا تصافح!!

18 مارس 2020
18 مارس 2020

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

قبل توجهي للنادي الثقافي ملبّيا دعوة لحضور حفل تدشين الجزء الثاني من كتاب «عمان من السماء» للكاتب أحمد بن سويدان البلوشي، الذي أقيم مساء الأحد الماضي، كنت محرجا بشأن مصافحة الأشخاص الذين سألتقي بهم في المناسبة، وبعضهم لم أره منذ زمن بعيد، لكنّ عبارة وضعها منظّمو الفعالية بباب النادي الثقافي على حامل خشبيّ، تقول «الرجاء عدم المصافحة» كواحد من الإجراءات الصحّيّة المطلوب اتّباعها للحدّ من انتشار فايروس «كورونا» حسمت الأمر، وقضت على شعوري بالحرج، وجعلتني أدخل القاعة بلا تردّد، وألقي تحية واضعا يدي اليمنى على صدري، بدلا من المصافحة، «مكتفيا بالسلام الشفوي»، كما يفعل سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة الذي وجّه كما جاء في حساب «الكلمة الطيبة» بضرورة ترك بعض الأمور التي قد تتسبّب بالعدوى كالمصافحة التي تعد إلى وقت قريب قبل تفشي فايروس «كورونا» علامة من علامة المودّة، لكنها صارت تحمل شرّا وبيلا، لكونها توفّر جسرا لانتقال العدوى، من المصاب إلى السليم، وهو ما التزم به سماحته، وهناك من لجأ إلى التحية الهندية المعروفة بـ«ناماستي» التي تتضمن ضم اليدين بحيث تكون الأصابع للأعلى مع جعل الإبهامين يلامسان الصدر مصحوبة بانحناءة خفيفة، كما فعل الأمير تشارلز، وهو يحضر حفل توزيع جوائز لندن بمؤتمر الكومنولث متجنّبا مصافحة من يودّ إلقاء التحية عليه، ليوجّه رسالة مجتمعية القصد منها عدم تلامس الأكف، وكذلك الرئيس الفرنسي مكرون أثناء استقباله في قصر الإليزيه ملك وملكة إسبانيا التي تلقت قبلة هوائية من امرأة فرنسا الأولى، وهو ما جعل النجمة الهندية بيريانكا تشوبرا تحث متابعيها عبر حسابها بتويتر على الاكتفاء بالتحية الهندية التقليدية في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها العالم بعد تفشي الفيروس القاتل، وهو ما نصح به ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند.

ويوما بعد آخر، صارت تنتشر ثقافة تجنب المصافحة، خصوصا بعد أن بدأ الكلام عن فيروس «كورونا» يأخذ منحنيا خطيرا، وواضح أن هذا الفيروس جلب معه الكثير من العادات التي سيتركها حين يغادر عالمنا غير مأسوف عليه! ومنها التخفف من المصافحات، والتقبيل، وتبادل الأحضان، وما إلى ذلك من إشارات إظهار المودّة، التي لا مبرّر لها، وتصل أحيانا لدرجة المبالغة!!

اليوم تمّ إعفاء الكثيرين من هذه العادة التي أصبحت واجبا، وليس فعلا عفويّا كما يفترض!

وإذا كان الشاعر أمل دنقل قال في قصيدته الشهيرة «لا تصالح»، والتي يختتمها بهذا المقطع:

«لا تصالح

إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة

النجوم لميقاتها

والطيور لأصواتها

والرمال لذراتها

والقتيل لطفلته الناظرة»

ويمكن أن يعود كلّ شيء إلى سابق عهده لو تقيّدنا بالإرشادات، وكافة مظاهر الاقتراب من بعضنا البعض لدرجة يسهل معها نقل الفيروس، كفانا الله شرّه!! وأبرزها المصافحات، فبدلا من قول الشاعر «لا تصالح» نقول «لا تصافح»

«إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة».