صحافة

الفرنسية:«عولمة»... الفيروسات و الأوبئة

14 مارس 2020
14 مارس 2020

وباء كورونا ينتشر في كل أنحاء العالم. حتّى أنَّ رئيس وزراء كندا جوستان ترودو، وُضِعَ في حجر صحي لأن زوجته خضعت لفحص مخبري تبين من خلاله أنها مصابة بفيروس كورونا. في فرنسا ولأجل مكافحة فعَّالة أكثر لانتشار وباء كورونا، قرر الرئيس الفرنسي إقفال دور الحضانة والمدارس والجامعات في كل أنحاء فرنسا، كما أعلن مساء الخميس الماضي عن سلسلة من التدابير الخاصة بالصحة والعمل والتنقل والاجتماعات.

حول هذا الموضوع كتبت جريدة لو باريزيان الفرنسية أنَّ الرئيس الفرنسي قرر اعتماد صيغة مخففة نسبة للصيغ التي اعتمدتها الصين وإيطاليا. منع الرئيس الفرنسي كل التجمعات وطلب من مواطنيه عدم التنقل إلَّا عند الضرورة، معلنا أن وسائل النقل العام المشترك ستبقى تعمل كالمعتاد. بالنسبة للتجمعات، كتبت جريدة لو باريزيان أنَّ الرئيس الفرنسي طلب من حكومته الإعلان عن عدد من التدابير الوقائية في وقت قريب. هذا يعني أن الحكومة الفرنسية قد تعلن قريباً تدابير جديدة من شأنها إقفال المتاحف والمقاهي والملاهي والمطاعم، وإلغاء الحفلات الموسيقية والمباريات الرياضية والمعارض. كما أنَّ التدابير المشددة الموضوعة تحت الدرس بأسرع وقت، قد ينجم عنها منع التجمعات الخاصة بالشعائر والاحتفالات الدينية على أنواعها والتجمعات الخاصة بمناسبة الأعراس والمآتم. يأتي ذلك في وقت يعلن فيه أطباء عديدون أن الوباء أصبح أخطر مما كان متوقعا وأنَّ فرنسا قد تضطر لاتباع مثل إيطاليا.

في السياق ذاته كتبت جريدة لوموند الفرنسية أنَّ المفوضية الأوروبية قررت الطلب من كافة دول الاتحاد الأوروبي تكثيف عمليات تبادل المعلومات والبيانات الصحية و المخبرية، الخاصة بوباء كورونا، بين كافة أجهزتها الرسمية الصحية والاجتماعية و الأمنية، كما قررت تخصيص حوالي ربع بليون يورو كمساعدات مالية إلى الدول الأعضاء، من أجل المساهمة معها في مكافحة انتشار الوباء.

بعد صدور هذا القرار كتبت يومية لو فيجارو الفرنسية أنَّ المطلوب حالياً هو قرار مركزي أوروبي صارم تطبقه كافة دول الاتحاد. لكن القرار المركزي هذا بحاجة إلى قرار يتَّخذه قادة أوروبا ويمنحون بواسطته مؤسسات الاتحاد سلطات أوسع في مجال تقرير السياسة الصحية للدول الأعضاء التي من واجبها الآن أن تجعل الاتحاد يتصرف كي تتم مكافحة الوباء بشكل أفضل، بواسطة منحه كل الإمكانيات من أجل وضع سياسة تعاون و تضامن صحي بين كل دول الاتحاد الأوروبي. على بروكسل بالمقابل أن تعطي أولوية تامة لعمليات إرسال عاملين في المجال الطبي وممرضين وممرضات وأجهزة ومعدات، إلى المناطق الأوروبية التي يتكثَّف فيها انتشار الوباء. بعد ذلك، لقد حان الوقت كي تتشكَّل قواعد ومراكز أوروبية مشتركة مستقلة متخصصة بالبحوث العلمية الطبية و العناية الصحية ومكافحة الأمراض والأوبئة. من الضروري والمُلِحّ والمهم جدا في هذه الظروف الطارئة والخطيرة أن يُعاد النظر في المسائل المتعلقة بمركزية إنتاج الأدوية و اللقاحات واللوازم الطبية على الصعيد الأوروبي.

لقد أصابت العولمة الصناعة والتجارة والمال والفيروسات والأوبئة، وباتت الصحة تحديا سياديا بالنسبة لأوروبا والعديد من دول العالم. يومية لوبينيون الفرنسية ذكرت أن الرؤساء الفرنسيين السابقين واجهوا في عهودهم مشاكل وأزمات دولية عويصة. أزمة مالية عالمية واجهها عهد الرئيس نيكولا ساركوزي. هجمات إرهابية واجهها عهد الرئيس فرنسوا هولاند. وها هو الرئيس ايمانويل ماكرون يواجه انتشار وباء كورونا.

إنَّ التدابير التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي كان لا بد منها، وقد عبَّر عنها بأسلوب مدروس جدا، وبعبارات مختارة بعناية فائقة كي يستنهض الهمم ويدعو للتضامن الاجتماعي ويُبعِد شبح الهلع عن مواطنيه، مؤكدا لهم أن صحتهم هي أغلى شيء وأنَّ الحكومة الفرنسية ستقوم بما يلزم لمكافحة الوباء مهما كلف ذلك.