1457636
1457636
المنوعات

المشرع العماني أعطى وزارة الصحة الحــق في عـزل المصابين والمخالطين وتعليق الدراسة للحد من العدوى

11 مارس 2020
11 مارس 2020

«كوفيد 19» وباء عالمي يهدد حياة السكان -

كتب - خالد بن راشد العدوي -

دعا الدكتور راشد بن عبيد الكعبي مساعد المدعي العام إلى أهمية الالتزام بكافة التعليمات والتوجيهات والقرارات الصادرة من الجهات الرسمية المسؤولة عن متابعة تطورات فيروس كورونا، والابتعاد كل البعد عن الشائعات التي لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن، والتي قد تعرض صاحبها أو ناقلها إلى المساءلة الجنائية، وأن نضع كل ثقتنا بالله سبحانه وتعالى أولا وبأبناء عمان المخلصين الذين لن يتأخروا لحظة واحدة عن اتخاذ أي قرار يصب في مصلحة الوطن والمواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة، وأن يحفظ الله عمان وأهلها والمقيمين على أرضها من كل سوء ومكروه، مؤكدًا أن الصحة مسؤولية مشتركة ما بين الحكومة والأفراد.

وأكد الكعبي في تصريح لـ«عمان» أن المشرع العماني لم يغفل مهنة الصيدلة والمؤسسات الصيدلية والتطورات التي شهدتها في مسيرة النهضة المباركة، حيث مرت بمحطات تشريعية منذ قيام النهضة الحديثة تواكب التطورات التي تشهدها السلطنة في المجال الصحي، ففي عام 1973 صدر القانون رقم 10/‏‏73، الذي ينظم مهنة الصيدلة وتخزين الأدوية، ثم صدر القانون رقم 41/‏‏96 بشأن تنظيم مزاولة مهنة الصيدلة والمؤسسات الصيدلانية الذي ألغى القانون رقم 10/‏‏73 وحل محله ثم صدر القانون رقم 35/‏‏2015م بشأن تنظيم مزاولة مهنة الصيدلة والمؤسسات الصيدلانية.

 

وتطرق إلى الأمراض المعدية ومدى خطورتها على المجتمعات البشرية، مؤكدًا أنها محل اهتمام الحكومة منذ اللبنة الأولى في مسيرة النهضة فنظرتها الثاقبة واستشرافها للمستقبل جعلها تسن التشريعات التي تحمي من خلالها مواطنيها والمقيمين على أراضها من شر الأمراض المعدية، حيث صدر القانون رقم 8/‏‏73 بشأن الأمراض المعدية، ثم سرعان ما حل محله القانون رقم 73/‏‏92 بشأن مكافحة الأمراض المعدية وهو الذي ما زال ساريًا حتى اللحظة.

قانون مكافحة الأمراض المعدية

وأوضح مساعد المدعي العام أن قانون مكافحة الأمراض المعدية رقم 73/‏‏92، ربما يكون من القوانين التي لم تكن محل اهتمام العامة الأمر الذي ربما زاد من علامات الاستفهام حول الإجراءات التي تتخذها الحكومة ممثلة في وزارة الصحة للمكافحة والحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، من حيث صلاحياتها في اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بأماكن علاج المصابين وعزلهم وعزل المخالطين وتعليق الدراسة وغيرها من القرارات التي تتخذها الوزارة المعنية والتي ترى أنها الأنجع في مكافحة ذلك المرض المعدي.

مشيرًا إلى أن قانون مكافحة الأمراض المعدية احتوى على عشرين مادة وأرفق به جدول يحدد الأمراض المعدية مقسمة إلى ثلاثة أقسام يحتوي كل قسم على عدد من الأمراض، وقد ورد مرض فيروس كورونا في القسم الأول، ومن أهم الأحكام التي وردت بقانون مكافحة الأمراض المعدية أنه حدد المسؤول عن الإبلاغ في حال إصابة شخص بمرض معدي أو الاشتباه بإصابته، حيث ألزم الطبيب الذي قام بالكشف على المريض أو مسؤول المؤسسة الصحية التي ظهرت بها الإصابة أو مسؤول المختبر الذي فحص العينة التي ظهرت بها الإصابة أو رب أسرة المريض أو من يعوله أو رب العمل أو المدير المسؤول إذا ظهرت الإصابة في إحدى المؤسسات الصناعية أو التجارية، كما أن القانون حدد المدة الزمنية التي يجب على الأشخاص الملزمين بالإبلاغ عن المرض المعدي أن يبلغوا فيها وهي أربع وعشرين ساعة بالنسبة للأمراض الواردة بالقسم الأول من الجدول وأسبوع بالنسبة للأمراض الواردة بالقسم الثاني، وعشرين يوما للأمراض الواردة بالقسم الثالث، وأن يكون الإبلاغ في أقرب مؤسسة صحية، وأعطى وزارة الصحة الحق في عزل المصابين أو المشتبه بإصابتهم أو المخالطين لأحد المصابين بأحد الأمراض المعدية في الأماكن التي تحددها الوزارة وألزمتهم بالخضوع للفحص الطبي الذي تحدده الوزارة، وأعطى القانون وزارة الصحة الحق في أخذ العينات اللازمة من المصابين أو المخالطين لتحليلها والكشف عن أي أمراض معدية محتملة، هذا وقد خول المشرع أطباء وزارة الصحة ومندوبيها إجراء التطعيم للأشخاص القاطنين مع شخص مصاب أو مخالطين له، وفي الحالات التي يرى وزير الصحة أن الضرورة تقتضي إجراء تطعيم إجباري لمجابهة مرض معد فله أن يصدر قرارًا بذلك يحدد فيه فئة معينة بالتطعيم أو جميع السكان من مواطنين ومقيمين، ونظرًا لما تتسم به بعض الأمراض المعدية من خطورة وسرعة انتشار وتهديد لحياة السكان أعطى المشرع مندوبي وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المختصة دخول المساكن للبحث عن المرضى بالأمراض المعدية أو لإجراء التطهير أو التطعيم اللازم أو حتى الكشف عن المخالطين، ورتب المشرع على مخالفة أحكام هذا القانون جريمة جنائية تصنف من قبيل الجنح.

محنة إنسانية

وأوضح مساعد المدعي العام أن العالم يمر اليوم بمحنة إنسانية تسللت إلى ركيزة التنمية الرئيسية للدول وأساس بقائها واستدامتها ألا وهو الإنسان، فمنذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ظهور فيروس كورونا المستجد عملت كل دول العالم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية على تسخير كل طاقاتها وإمكانياتها من أجل الحد من انتشار هذا الوباء وتقصي المصابين والمخالطين وتقديم الرعاية اللازمة لهم.

وقال: «لا شك أن مسؤولية الدول كبيرة في توفير الرعاية الصحية لمواطنيها فهي حق من حقوق الأفراد تكفلت بحمايته الدساتير، إلا أن مسؤولية الدول يقابلها مسؤولية الأفراد في الجانب الآخر فكل حق يقابله واجب، ومن واجب الأفراد الالتزام بشروط تلقي الرعاية الصحية واتباع التعليمات التي تفرضها المؤسسات الصحية المختصة بالدول حتى تتحقق المعادلة التي يكون نتاجها أفرادًا أصحاء قادرين على تحقيق التنمية المستدامة لبلدانهم».

تنظم القطاع الصحي

وأكد أن حكومة السلطنة عملت منذ قيام النهضة المباركة على بناء الإنسان القادر على تحقيق تطلعاتها موقنة بأن الطاقات البشرية هي وقود النهضة وأساس قيامها واستدامتها وأنه لا بد من تسليحهم بالعلم والمعرفة وتقديم الخدمات التي تجعلهم يتمتعون بحياة كريمة تضمن لهم تحقيق الرخاء والاستقرار، وانطلاقًا من تلك المبادئ السامية عملت الحكومة على تقديم الخدمات الصحية المجانية للمواطنين في شتى ربوع الوطن، كما عملت منذ وقت مبكر على سن التشريعات التي تنظم القطاع الصحي كقانون (مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان رقم 9/‏‏73)، ونتيجة لتطور القطاع الصحي وتطور الخدمات الطبية التي تقدمها الحكومة كان لزامًا أن يواكبه تشريع متطور يلبي تطلعات المواطن ويحقق احتياجاته من الخدمات الصحية، فصدر القانون (رقم 22/‏‏96 بشأن مزاولة الطب البشري وطب الإسنان) الذي ألغى القانون رقم 9/‏‏73، واستمرت التطورات المتلاحقة في القطاع الصحي وتزايدت وتنوعت الخدمات الصحية التي تقدمها المؤسسات الصحية الحكومية مما حدا بالمشرع إلى أن يصدر قانونًا جديدًا يواكب تلك الخدمات المتسارعة فأصدر القانون رقم 75/‏‏2019 بشأن تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة، الذي حل محل القانون رقم 22/‏‏96.