1455777
1455777
مرايا

النساء هم الأكثر عرضة لها - متلازمة القلب المنكسر وأثرها على صحة الفرد

11 مارس 2020
11 مارس 2020

لقد مرت على أبناء عمان أيام محزنة، وذلك بفقد سلطانها الراحل والعظيم -السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- حيث ترك هذا الفقد على الأمة العمانية أثرها الواضح، وطبع الحزن الشديد على القلوب، وكساها الشوق والألم إلى قائدها الذي كان له الدور الحقيقي في بناء عمان الحديثة، وما تركه السلطان العظيم خلفه من محبة عارمة من أبناء هذا الوطن العزيز، أدَى لمثل هذا الفراغ العاطفي الذي أثَر بشكل لافت على أبناء عمان، نتيجة لهذا الحب الكبير لمثل هذا القائد الذي سيبقى مخلَدا تاريخه جيلا بعد جيل.

وهنا استطرد كيف أنَه عندما يمر شخص ما بنكسة عاطفية كفقدان أحد أفراد أسرته، أو عزيز عليه كما شعرنا جميعا الأيام الفائتة، والتي يمكن أن تؤدي وبشكل مؤثر على صحة الشخص النفسية والجسدية على حد سواء. وهذا حقيقة يقودنا إلى أنَ هناك علاقة راسخة بين الاكتئاب والصحة النفسية وأمراض القلب.

كذلك الحال في بعض الأحيان، نسمع بعض الأشخاص يذكرون أن قلبهم انكسر منذ ذلك اللقاء. وهنا نذكر أن قلب أي إنسان قد يتأثر بمتلازمة تبدو للكثيرين بأنَها غامضة، ولكن يبدو جليَا أنَ متلازمة القلب المنكسر أو الانكسار القلبي هي حقاً حقيقية!

وتسمى متلازمة القلب المنكسر أيضًا اعتلال عضلة القلب (كارديوميوباثي)، الناجم عن الإجهاد. مما يعني أن التوتر يفضي إلى خلل وظيفي أو فشل في عضلة القلب. ومن أعراض هذه المتلازمة ألم شديد ومفاجئ بالصدر، مصحوبا بضيق نفس بالإضافة إلى أعراض أخرى تتمثل في دقات غير منتظمة للقلب، وإغماء أو هبوط بضغط الدم، ناهيك عن أعراض قد تنتهي بهبوط مفاجئ أو فشل بعضلة القلب.

لسوء الحظ النساء (خاصة من آسيا والقوقاز بعد انقطاع الطمث) أكثر عرضة من الرجال لتجربة ألم الصدر الحاد والمفاجئ (رد فعل لموجة تدفق هرمونات التوتُر) التي يمكن أن تسببها تلكم الأحداث

المجهدة عاطفيا. وأيضا يمكن أن تكون نتيجة لوفاة أحد أفراد أسرته أو عزيز عليه كما ذكرنا آنفا. وللأسف كما أنها في بعض الأحيان قد تحدث حتى بعد صدمة سارَة جداً!

ما أود الإشارة إليه هنا هو أنَ مثل هذه الحالة لا تزال غير مفهومة تمامًا، وكذلك بالنسبة لآلية نشوء هذا النوع المحدد من متلازمة قصور القلب الحاد، ومع ذلك فإن معظم الدراسات الطبية تؤكد أنَ هذه المتلازمة غير مرتبطة بانسداد شرايين القلب، وعادة ما يتعافى المريض منها بسرعة. وهذا يقودني إلى الإشارة إلى أنَ الأدلة الطبية بيَنت أنَ هناك تفاعلا مشتركا وقويا بين القلب والدماغ.

وبالفعل أظهرت دراسات طبية مختلفة أنه في غضون ساعات قليلة من الصدمة العاطفية أو الجسدية الشديدة، تسبب هرمونات التوتُر وبشكل مؤقَت (قصيرة الأجل وغير دائمة) تأثيرا صادما على غرف أو بطين القلب الأيسر، وهو تجويف القلب الرئيسي الَذي يضخ منه الدم لبقية الجسم.

ومع ذلك فالخبر السار حول متلازمة القلب المنكسر، أنها عادة ما يمكن عكسها فيعود بطين القلب إلى طبيعته في غضون أربعة عشر يوما، ويتعافى معظم المرضى بدون أي ضرر طويل الأمد للقلب. ومع ذلك تظهر الكثير من الحالات أعراضًا مماثلة كما لو كانت نوبة قلبية، الأهم من ذلك أنَه وبشكل سريري يستطيع الطبيب المعالج ومن خلال إجراء الفحوصات الطبية التشخيصية يمكنه ولحسن الحظ جعل هذه المتلازمة قابلة للتمييز عن تلكم التي تحدث في نوبة قلبية (ناتجة على سبيل المثال نتيجة انسداد أحد الشرايين التاجية المغذية للقلب)، حيث إن متلازمة القلب المنكسر كما ذكرنا ناتجة عن الإجهاد مما يعني أن التوتر تسبب في خلل أو فشل في عضلة القلب.

من ناحية أخرى فإن الباحثين وفي دراسة مختلفة يعتقدون، أن النساء الأكبر سنا هنَ أكثر عرضة للخطر بسبب انخفاض مستويات هرمون الاستروجين بعد انقطاع الطمث، وقد أوضحت دراسات جديدة أن أكثر من 90 في المائة من الحالات المعلن عنها هي في النساء الذين تتراوح أعمارهن بين 50 إلى 75، مما يشير إلى أنَ ما يصل إلى 5 في المائة من النساء اللواتي تم تقييمهن للإصابة بنوبة قلبية يصبن بالفعل بمتلازمة القلب المنكسر!

وأود أن أنوِه هنا أنَه لا يوجد حاليا حسب المبادئ التوجيهية القائمة على الأدلَة، علاج لمتلازمة القلب المنكسر، أو ما يطلق عليه أيضا اعتلال عضلة القلب (كارديوميوباثي)، ولكن عادة ما يوصي به الأطباء هو استخدام العلاج القياسي والمعروف لعلاج قصور القلب.

ومن هنا يجب علينا أن ندرك أن العلاقة بين العاطفة وموت القلب موثَقة منذ فترة طويلة، وكانت هنالك تقارير كثيرة عن أشخاص كانوا على ما يبدو بصحة جيدة، فسقطوا أو ماتوا خلال كارثة طبيعية أو أحداث مؤلمة. وهنا يجب أن أختم قائلا: إنه لا تزال لغزا طبيًا! وربما تكشف الأيام القادمة بالمستقبل عن حلها.