1450014
1450014
الاقتصادية

دراسة بحثية توصي بتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن لكافة القطاعات وتطوير بيئة الأعمال

02 مارس 2020
02 مارس 2020

دعت إلى أهمية العمل والاستثمار في تطوير قدرات البشر -

كتب - ماجد الهطالي -

أوصت دراسة «الانعكاسات التنموية لتقلب أسعار النفط على الاقتصاد العماني» بتوجيه الاستثمارات حسب الحاجات القطاعية لتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن لكافة القطاعات مع التركيز على القطاعات الحيوية المنتجة كالصناعة والسياحة والطاقة المتجددة، وذلك من خلال تهيئة بيئة استثمارية ملائمة تعتمد أساسا على بنية أساسية متكاملة كمحطات الطاقة، ومحطات المياه، وشبكات الطرق، والمؤسسات التعليمية وغيرها لتكون نقطة انطلاق لتحسين جانب العرض وتسريع عملية التنمية الاقتصادية المتوازنة.

وقال الباحث حارب بن سعيد الهنائي في رسالة دكتوراه بكلية الحقوق بجامعة المنصورة في مصر لـ«عمان الاقتصادي»: إن دراسته أوصت أيضا بتحسين وتطوير بيئة الأعمال لزيادة الصادرات غير النفطية وتوفير الحماية للقطاعات المتأثرة خاصة قطاع الصادرات التقليدية كالصناعة والزراعة، وتحويل الاقتصاد من أحادي الجانب إلى اقتصاد متنوع الإنتاج والصادرات، والاحتفاظ باحتياطيات جيدة من العملة الصعبة لحماية الاقتصاد من تقلبات الأسعار قصيرة المدى، بحيث لا تؤدي تلك الاحتياطيات إلى التضخم وأن يتم التصرف بتلك الثروة بعقلانية ورشادة وبما يحقق متطلبات الاستقرار الاقتصادي، وزيادة إنتاجية القطاعات غير التجارية عن طريق الخصخصة أو إعادة الهيكلة والاهتمام بتدريب القوى العاملة الوطنية بهذه القطاعات لزيادة مهارتها.

تعظيم الإيرادات

وأوضح الهنائي أن الدراسة دعت إلى تعظيم الإيرادات غير النفطية لتخفيض أثر الإنفاق وتحقيق استقرار تدفق الإيرادات عن طريق توزيعها زمنيا عند حصوها دفعة واحدة أحيانا، أو فرض ضرائب معينة مع الاحتفاظ بجزء منها للأجيال القادمة بعد تحقيق متطلبات التنمية الحالية مثل صندوق المعاشات التقاعدية في النرويج، وصندوق الاستقرار الروسي وصندوق الأجيال القادمة لدولة الكويت، وإصلاح السياسات الضريبية لكي تأخذ دورها في تمويل ميزانية الدولة بدلا من الاعتماد على الريع الخارجي، على أن يكون ذلك متماشيًا مع نمو القطاعات المنتجة، وتطبيق شعار الدول الصناعية في نهضتها الأولى (لا ضريبة بدون مشاركة) ليصبح (لا مشاركة بدون ضريبة).

تنمية الموارد البشرية

وأكد حارب الهنائي على أهمية العمل، والإنتاج، والاستثمار، في تطوير قدرات البشر لتحويل هبات السماء وحظوظ الشعوب من مواردها الطبيعية وعطاياها السخية إلى إمكانات وأرصدة يتم توظيفها لخدمة هذه الشعوب وبحيث يستخدم هذا التوظيف طاقة العمل وملكات الإبداع الإنساني، بهذا تدوم نعمة الثروة الطبيعية وتتواصل ثمارها فتشكل بالتالي إضافات ثمينة إلى رصيد المجتمعات من التقدم والرفاهية والحضارة، ودعا على إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد من حدود تقديم السلع والخدمات العامة إلى تطوير قدراتها في بناء قاعدة إنتاجية بديلة للنفط قادرة على الإيفاء بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد وتوفير مناخ استثماري يفسح المجال أمام القطاع الخاص للقيام بالدور المأمول منه كرافد أساسي للتنمية وقد يستدعي إعادة تعريف دور الدولة، البدء في تفعيل السياسات الضريبية تماشيًا مع نمو القطاعات الإنتاجية.

وأشارت الدراسة إلى أن اختلال الهيكل الإنتاجي يتطلب تهيئة بيئة استثمارية ملائمة لتطوير القطاعات الإنتاجية غير الاستخراجية من أجل زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق توازن في هيكل القطاعات المختلفة من خلال استخدام الثروة النفطية كدفعة قوية لتحقيق التنمية الشاملة، وترشيد الإنفاق العام والحد من الإنفاق الترفيهي، وزيادة الإنفاق على تنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة والصناعة وغيرها، والاستغلال الأمثل لموقع السلطنة الاستراتيجي على مضيق هرمز وإقامة مناطق تجارة حرة ومناطق سياحية وخدمات لوجستية تعود بالنفع على السلطنة، وتمكنها من تسويق منتجاتها غير النفطية.

تنويع الاقتصاد

وقال الهنائي: إن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال إلى اقتصاد متعدد الجوانب قادر على مواجهة التحديات المستقبلية عند نضوب النفط أو انخفاض أسعاره، واكتشاف مصادر بديلة للطاقة، وذلك لن يتحقق إلا بالاهتمام بالقطاعات الأخرى، والعمل على زيادة معدل نمو هذه القطاعات وخصوصًا قطاع الصناعة والطاقة، واستغلال الموقع الاستراتيجي للسلطنة، والاهتمام بالخدمات اللوجستية، وإنشاء مناطق تجارية حرة، والاهتمام بتطوير وتنمية قطاع الصناعة وخاصة الصناعات التحويلية، كما يمكن أن تعود به من إيرادات كبيرة على السلطنة من خلال المزيد من الاهتمام بإنشاء المناطق الصناعية وجذب مزيد من الاستثمارات، وإعفاء بعض الصناعات من الضرائب لإعطائها قدرة تنافسية، وتحسين بيئة الاستثمار الملائمة لتطوير القطاعات غير النفطية مثل قطاع الزراعة والسياحة والثروة السمكية والصناعة والتعدين عن طريق تهيئة البيئة القانونية والتشريعية المناسبة وإتباع سياسات مالية ونقدية مشجعة لهذه القطاعات.

ودعا الباحث حارب الهنائي إلى ضرورة التوسع في المشروعات الكبرى التي تركز في نشاطها على المواد الأولية التي يمكن الحصول عليها من النفط الخام والغاز الطبيعي وفي مقدمتها الصناعات البتروكيماوية، والتي توجد بكثرة وبشكل مدعوم وبتكاليف أقل مما سيؤدي إلى تعزيز قدرتها التنافسية مع السلع الأخرى، كما يجب على الدولة استخدام جزء من العوائد النفطية لأجل دعم وتحريك قطاع السلع التبادلية عن طريق توفير المستلزمات المطلوبة كافة، لأجل ديمومة حركتها وإزالة العقبات التي تواجهها.

تجارب دولية

وبيّن حارب الهنائي أن دراسته أوصت بدراسة التجربة الماليزية، وكيف استطاعت دولة غير نفطية وليست غنية بالموارد أن تنهض وتنمو وذلك بالاهتمام بالعنصر البشري الذي هو العامل الأهم والأكبر في عملية التنمية، وذلك بالاهتمام بالتعليم والتدريب وإنشاء المدارس والمعاهد والكليات التكنولوجية التي تخدم الصناعة، والاستفادة من تجربة النرويج في استغلال الموارد النفطية وجعلها سببا للنمو في القطاعات الأخرى، وذلك من خلال توجيه جزء من الإيرادات النفطية لصندوق سيادي، تستثمر فيه هذه الإيرادات، ليكون للأجيال القادمة وكحماية للاقتصاد العُماني من أثر تقلبات أسعار النفط أو نضوبه، وعدم الاعتماد على الإيرادات النفطية كمصدر وحيد لإيرادات الدولة .

إشكالية الدراسة

وعن إشكالية الدراسة أوضح أن الإشكالية تكمن في وفرة الموارد البترولية بالسلطنة، وزيادة نسبة مساهماتها في الناتج المحلي الإجمالي وتأثيرها على الاقتصاد العماني في حالة انخفاض أسعارها، وعلى سبيل المثال بلغت مساهمة العائدات النفطية ما يقارب 74,1% من إجمالي الناتج المحلي عام 1997 وبلغ العجز في الموازنة العامة للدولة 263 مليون ريال عماني، وفي عام 1998 بلغت نسبة مساهمة النفط 65% مع عجز بلغ 295 مليون ريال عماني، وفي عام 1999 بلغت مساهمة النفط في إجمالي الناتج المحلي 74,4% وبلغ العجز 631 مليون ريال عماني، وكان سعر برميل النفط ما بين 12 و19 دولارا، وفي عام 2006 بلغت نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي (77,1%) وفي عام 2007 بلغت 75,8%، مع فائض في الموازنة العامة للدوله بنسبة 43,8 مليون ريال عماني و40,2 مليون ريال عماني على التوالي ويرجع هذا الفائض في الموازنة نتيجة أرتفاع أسعار النفط والذي بلغ سعر البرميل ما بين 62 و65 دولارا.

وهذا دليل قاطع بأن الموازنة العامة للسلطنة تتعرض للعجز عند انخفاض سعر النفط وتتعافى عند ارتفاع أسعاره، ولا تزال مساهمة العائدات النفطية هي المورد الرئيسي لإيرادات الدولة حين بلغت عام 2018 بما يقارب 71%، ويقدر الاحتياطي النفطي للسلطنة لعام 2018 بحوالي 4791 مليار برميل.